بانوراما

إنه صاحب ثقافة الاستماع

•• عندما تستمع إليه وهو يأخذك في حديثه الى جوانب بعيدة المرمى، وقوية المعنى تعرف كم كان حاملاً لذلك المخزون الثقافي الذي ينعكس في كثير مما يقوله ويتحدث به، بل وما يقوم به من إدارة بعض القضايا التي تخضع لكثير من المخزون الذي يملأ عليه فكره.. ويشع من وجدانه اصراراً وجهداً كبيراً.

 

هو إنسان يملك موهبة التعبير عن كثير من مواقف – الرجال – حيث استطاع أن يسجل وصفاً لكل قامة من أولئك الأوائل الذين مروا في حياته أو هم مروا بها.. وهو في ريعان الشباب وصفاً دقيقاً لما انطوت عليه نفوسهم من قدرات متعددة.
له سطوته الإدارية بعقلانية واضحة فكم له من مواقف في حلحلة بعض الأمور التي تواجه المجتمع، وتجعله يقع في كثير من القضايا.. خصوصاً عندما كان يتولى إدارة – الأوقاف – أو هيئة الأدلاء بالمدينة المنورة.. منها على سبيل المثال عندما سعى على فك تلك المواجهة التي كادت تنشب عند أحد أبواب المسجد النبوي الشريف مع بعض الحجاج المجتمعين في شكل – هستيري أمام باب المسجد – فاستطاع بحكمته أن يصرفهم عن ذلك – الموقف – الصعب الذي كانوا عليه.. حيث كان الموقف يحتمه.
كان أحد أولئك – الشباب – الواعد في تلك الأيام قبل أكثر من خمسين عاماً الذين أداروا شؤون الناس بحكمة الشيوخ، وفتوة الشباب، حكمة الشيوخ عنده في إعمال العقل، وفي استخدام التفكير في كيفية معالجة ما يعرض عليه، وفتوة الشباب باندفاعه في الوصول الى أقرب النتائج.. وتلك هي مهمة الإنسان العامل الذي يعطي لمسؤوليته أهميتها ورعايتها وأبعادها من كل ما هو شائن لها..
كان أسعد حمزة شيره واحداً من أولئك الذين يملكون شفافية التعبير، والقدرة على اعطاء الآخرين حقهم من التقدير والاحترام.. عنده ميزة شديدة الوضوح، وهي الاستماع بوعي لمن يتحدث، خصوصاً عندما يكون ذلك المتحدث من أصحاب الفكر المميز.. فلا يقاطعه، ولكنه يحتفظ بأحقية ابداء رأيه عندما ينتهي المتحدث مما يقول.. وتلك ثقافة الاستماع التي أكسبته القدرة على معرفة عقول الآخرين، والاغتراف من تلك العقول الضاجة بكل ما هو مفيد. فتوسعت مداركه، وازدادت ثقافته.
فهو عندما يتحدث يتكئ على قواعد بعيدة من تلك الثقافة التاريخية، بل والتراثية التي أعطته قوة في البصيرة، ووضوحاً في الهدف الذي يرمي إليه.. يظهر ذلك في اسلوبه عند تناوله لأية قضية يقوم ببحثها أو مناقشتها، وهو يذكرني بأولئك الأوائل الذين خبروا الحياة وخبرتهم فمتحوا منها ما يريدون من درر المواقف، وجلاء بريقها ، وهو ذو اسلوب جذاب عندما يكتب أو يضع بخطه الواضح المرتكز على قواعد الخط العربي، إنه من أولئك الذين أخذوا العلم بدرجته الجادة. فأصبحوا هم في العالي من المواقف المزهرة والزاهرة.. المزهرة بهم، والزاهرة عليهم.. فأولئك الأوائل ذوو القيمة والقامة في تحركاتهم، وفي عطاءاتهم. فأصبحوا هم قدوة لمن بعدهم، وسلك سبيلهم.. وهو واحد من هؤلاء الزواهر.
إنه أحد رجالات المدينة المنورة الذين شغلوا أكثر من موقع مسؤول فيها بكل جدارة وحنكة.. سلمه الله ورعاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *