أوراق .. وذاكرة الأرشيف

الشيخ عبدالرحمن فقيه في (الحلقة الحادية عشرة والأخيرة) .. الأمير خالد الفيصل افتتح المدارس ولعائلة الفيصل مكانة خاصة في قلوبنا

جدة – البلاد
أسعدته كلمات الأمير خالد الفيصل لحظة افتتاحه مدارس فقيه النموذجية وتجوله في أرجائها حيث قال: “إنها مدارس مميزة أنشأها رجل مميز في بلد مميز يستحق منا الشكر والتقدير”.. وكان نتاج هذا التميز حصولها على جائزة التميز الثقافي لتميزها في إبراز ثقافة العمل الجماعي والاجتماعي.
والشيخ فقيه يرى في هذه المدارس واسطة العقد لكل المشاريع والنجاحات التي تحققت في حياته
وتمتد الفكرة الآن للنصف الآخر من المجتمع حيث إنه بصدد إنشاء مدارس للبنات بنفس المستوى والتوجه.
على أن الشيخ عبدالرحمن فقيه فطن بتجربته العميقة للنظرة الدونية للعمل المهني فعمل على إنشاء عشر ورش مهنية لزرع حب العمل المهني في نفوس الأبناء وترسيخ واحترام هذا المجال.
وكان الختام مسكاً بعد أن أتحفنا الشيخ عبد الرحمن فقيه بمسيرته العملية ومبادراته ومشروعاته في خدمة دينه ووطنه لينتقل للحديث عن والديه، رحمهما الله، وعن بيت العائلة وحياتهم اليومية واخوانه وأصدقاء عمره والشخصيات القيادية بالإضافة إلى متابعته للصحف وتواصله مع الصحفيين.
مدارس عبدالرحمن فقيه النموذجية:الاستثمار في الإنسان
يقول الشيخ عبد الرحمن فقيه::”كانت لدي قناعة تامة بأن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان فهو الذي يصنع الفرق على قدر ما يمتلكه من تعليم وتدريب وتطوير ولهذا فكرت في إنشاء مدارس تحقق هذا الهدف.. مدارس نموذجية عصرية تأخذ بآخر ما توصلت إليه وسائل التربية والتعليم من تقنيات تصل بأبنائنا الطلاب إلى ما يرجوه لهم الوطن وقادته من رفعة وعزة.
في البداية اخترت لهذه المهمة الدكتور خضر بن عليان القرشي، وكان آنذاك عميداً لشؤون الطلاب في جامعة الملك فهد بالمنطقة الشرقية. وابتدأنا في وضع اللوائح والدراسات وبدأ إنشاء المبنى. ولكن الدكتور خضر كُلف بالعمل نائباً لوزير التربية والتعليم، فاعتذر عن تكملة المشوار معنا لكثرة مشاغله، وقام باختيار شخصية لهذه المهمة من الميدان التعليمي والتربوي هو الأستاذ ناصر بن مهنا اليحيوي.

أزلت المبنى السابق وبدأنا من جديد!
باركت هذا الاختيار، ولكي أضمن عملاً ناجحاً أمرت بإزالة المبنى السابق الذي أنشئ وذلك بعد توصية من الأستاذ ناصر، ونقاش معه ومع المهندسين حول عيوب لاحظها ووافقوه عليها في المبنى، فليس من طبعي الاصرار على خطأ مهما كلف، أو تجاهل نصائح وأفكار العاملين معي. وقد قدمت لنا ثلاثة نماذج لتصميم المباني المقترحة للمدارس من عدة شركات وتم الاعتماد على آراء التربويين في اختيار التصميم المناسب.
كما تم عرض التصاميم على مديري مدارس ومعلمين وطلاب لأخذ آرائهم في التصميم الذي يرون أنه يحقق الأهداف التربوية المرجوة من هذا المشروع وقد وقع اختيارهم على التصميم الجديد الذي بنيت عليه المدارس الآن.

قرار البناء للمدير والمعلم والطالب:
وقد جرت العادة أن يؤخذ رأي المهندسين في مثل هذه الأمور ولكن إرتأينا أن يكون القرار للشرائح المستفيدة من هذا المشروع وهم: المدير والمعلم والطالب. وقد تحقق الهدف حيث نال التصميم اعجاب رجال التربية والتعليم والمختصين ونفذ المشروع.
وكنت حريصاً على أن يكون التنفيذ على أعلى درجة من الاتقان وتوفير كل الإمكانات التي تحقق النجاح وبالتالي تحقق الأهداف المرجوة. وقد اقيمت المدارس على مساحة إجمالية تقدر بـ 42000 متر مربع ضمت ثلاثة مبان رئيسة للمراحل الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية.
كما خصص مبنى للمكتبة العامة التي تم ربطها إلكترونياً بالمكتبات وأنشأنا مركزاً رياضياً يضم مسبحاً أولمبياً وصالة متعددة الأغراض وصالة لكمال الأجسام، كما تم إنشاء خمسة ملاعب، ثلاثة منها مغطاة حسب المواصفات العالمية,وكذلك تم إعداد المعامل والمختبرات العلمية وتزويدها بكافة الأجهزة والأدوات والخامات على أحدث أسلوب علمي متطور.وطبعاً فقد كنت حريصاً على هذا الجانب، لما كنت اتذكره واتحسر عليه من عدم توفر هذه التجهيزات في الوقت الذي كنت في أشد الحاجة إليها.ولعل القارئ يتذكر ما رويته من تجارب علمية بدائية كمحاولتي صناعة الصابون عندما فقدناه خلال الحرب العالمية الثانية، في غياب المراجع العلمية والتجهيزات المختبرية.

شبكة حاسوبية لتسهيل التواصل:
وقد تم ربط كافة الفصول والمرافق بالمدارس بشبكة حاسوبية، مما سهل التواصل والتفاعل بين منسوبي المدارس. ونظراً لأهمية التواصل بين ولي أمر الطالب والمدارس وضرورة متابعته لابنه تم منحه كلمة مرور تتيح له الدخول على شبكة المدارس الإلكترونية من أي مكان والوقوف على المستوى التعليمي والتربوي للابن والتواصل مع معلميه.
كما تم إنشاء مركز للإشراف التربوي والتطوير والتدريب يتم من خلاله متابعة المعلمين وتدريبهم وتطوير أدائهم وذلك لإدراك المدارس أن المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية.

الحصة الأولى في تاريخ المدارس:
وفي الساعة السابعة والربع صبيحة يوم السبت الموافق 16 من شعبان عام 1427هـ أعلنت الحصة الأولى في تاريخ هذه المدارس التي كانت تمثل بالنسبة لي واسطة العقد لكل المشاريع والنجاحات التي تحققت في حياتي ولله الحمد والشكر.
وقد طلب مني المشرف العام على المدارس أن أقوم بإعلان جرس الحصة الأولى، وقد فعلت وكانت لحظات سعيدة لا توصف بعد أن رأيت المشروع الذي حلمت بتحقيقه لأهالي مكة المكرمة واقعاً مشاهداً وملموساً.

الفيصل يفتتح المدارس:
وقد اكتملت سعادتي أكثر في يوم 29 من صفر لعام 1429هـ حينما تفضل سمو أمير المنطقة آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود بالافتتاح الرسمي للمدارس. ولعائلة الفيصل مكانة خاصة في قلب كل سعودي، وخاصة أهل مكة المكرمة. ففيصل بن عبدالعزيز كان نائب الملك المؤسس في الحجاز، وأول أمير لمكة المكرمة، حيث قضى جل شبابه، وقد شهدت هذه المرحلة في بداية حياتي الدراسية والعملية، وهي مرحلة عامرة بالإنماء والتطور، خاصة في مجال التعليم. فللفيصل فضل على نهضة التعليم عموماً، ومكة المكرمة خصوصاً، ففي عهده كأمير ثم كولي عهد، فملك، تم تشجيع التعليم الخاص والعام، كمدارس الفلاح في مكة وجدة، ومدارس الثغر ودار الحنان، وجامعة الملك عبدالعزيز الأهلية، ثم الحكومية في جدة. وكان لهذه المشاريع الكبرى ملهماً ورائداً ومشجعاً وداعماً،رحمه الله وبارك في ذريته.

شهادة (فيصلية) نعتز بها:
وبعد أن قام الأمير خالد الفيصل بجولة شاملة على كافة مباني وتجهيزات المدارس، أسعدنا سموه بما قاله في كلمته التي ارتجلها أمام الضيوف والإدارة وعلى مسمع من أبنائه الطلاب:(إنها مدارس مميزة أنشأها رجل مميز في بلد مميز تستحق منا الشكر والتقدير والثناء المميز). لقد أسعدتني تلك الكلمات وأيقنت عندها أن المدارس – ولله الحمد – قد حققت ما نصبو إليه حيث إنه من المعلوم عن سمو الأمير أنه لا يتكلم أبداً إلا بما هو مقتنع به، وقد مثلت كلماته تلك تاجاً يزين مدارسنا وتفخر به وهي دافع لمزيد من التألق والتفوق.

استيفاء الطاقة الاسيتعابية:
ومن أسباب الرضا عن المدارس أنها استوفت طاقتها الاستيعابية من الطلاب كاملة بعدد ثلاث وسبعين فصلاً، وهذا يدلل – ولله الحمد والشكر – على أن الناس راضون عن أدائها وأنهم وجدوا في المدارس ضالتهم التي يبحثون عنها وهذا ما كنت أهدف إليه.
وتمتد الفكرة الآن للنصف الآخر من المجتمع فنحن – بإذن الله تعالى – بصدد إنشاء مدارس للبنات بنفس المستوى والتوجه لتخرج لنا أجيالاً من البنات يتسلحن بالعلم والمعرفة والقيم على غرار مدارس البنين.. والله نسأل أن يوفقنا لتحقيق هذا الهدف.

شهادات من داخل وخارج الوطن:
بقي أن أنوه أنني ممتن جداً لكل من أدلى بذلوه وساهم بفكره عند إنشاء المدارس هذه فالكل كان مهتماً بوجودها ولهذا فالكثير ممن أعرفهم – وممن لا أعرفهم – ساهموا معنا بالرأي والمشورة لتصل هذه المدارس إلى المستوى المنشود. وقد أسعدني كثيراً المشرف عليها حينما ذكر لي أنها أصبحت من المؤسسات التربوية البارزة على مستوى الوطن بدليل الزيارات التي تنظم إليها من مختلف المناطق والمدن والمحافظات بالمملكة، وحتى من خارج الوطن للاطلاع على ما وصلت إليه المدارس من مستوى تربوي وتعليمي وتقني متميز.
وقد أطلعني على الكثير مما سجلوه عن انطباعاتهم بعدما شاهدوا ما تحتويه المدارس وما تقدمه من برامج ومناشط وفعاليات. وقد سرني أن من بين الزوار الذين اعتز بما كتبوه عن المدارس من رجال العلم والفكر والأدب معالي الدكتور الشيخ صالح بن حميد والدكتور زغلول النجار والدكتور طارق السويدان والدكتور عمرو خالد.. وكثير مثلهم من رجالات والفكر والتربية والتعليم.

الورش المهنية:
وبعد هذه المرحلة رأيت النظرة الدونية التي ينظر بها الطلاب للعمل المهني مع الحاجة الماسة لنا – كوطن – أن يخوض أبناؤنا هذا المجال لتحقيق بعض الأهداف: كزرع حب العمل المهني في نفوس أبنائنا وترسيخ احترام هذا المجال واحترام من يعمل فيه وكذلك تعريفهم بآفاق التعليم المهني ومجالاته وفرص العمل المنتظرة فيه وكذلك قيام الطلاب بأعمال الصيانة المنزلية للعديد من المجالات المهنية.. وغيرها فكان إنشاء عشر ورش مهنية على النحو التالي:
ورشة ميكانيكا السيارات,ورشة صيانة الحاسب الآلي,ورشة الدهان والديكور المنزلي,ورشة الحدادة والنجارة,ورشة التمديدات الصحية,ورشة الخياطة,ورشة الكهرباء الأساسية,وورشة الإلكترونيات.
ومما أسعدني كثيراً مردود هذه الفكرة لدى أبنائنا الطلاب وأولياء أمورهم حيث لاقت هذه الفكرة قبولاً واسعاً وارتياحاً كبيراً، وقد فرحت بإبداعاتهم وابتكاراتهم في هذا المجال ونحن بذلك قد غيرنا مفهوماً سلبياً سائداً للعمل المهني في المجتمع إلى مفهوم ايجابي يخدم الطالب وأهله ووطنه ولله الحمد والمنة.
وأسأل الله عز وجل أن تستمر هذه المدارس في أداء رسالتها بما يخدم أبناء هذا الوطن الذي أرى أن على عاتق كل واحد منا ديناً لابد أن يسدده، وواجباً عليه أن يؤديه تجاه وطن يستحق منا كل جهد وعمل بناء يسمو به ليتبوأ المكانة اللائقة به بين الأمم.

جائزة مكة للتميز:
عندما أعلنت إمارة منطقة مكة المكرمة عن جائزة مكة للتميز، وفق معايير دقيقة وبإشراف مباشر من سمو أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل, حرصنا كثيراً على المشاركة في هذه المسابقة والعمل على الفوز بها، لإيماننا بدقة المعايير التي وضعت لهذه المسابقة، وانعكاسها على المدارس بصورة إيجابية.
ولقد وجهت مدير عام المدارس الأستاذ ناصر بن مهنا اليحيوي بضرورة التقدم لهذه الجائزة العزيزة على نفسي، فتم تجهيز متكامل لهذا الغرض، بعد أن تم استيفاء الشروط والمعايير المطلوبة، وتقديمه للجنة الجائزة.
وكانت المنافسة كبيرة وعلى مستوى عال من مدارس مرموقة على مستوى منطقة مكة المكرمة، ذات تاريخ عريق في مجال التعليم بالمنطقة، وكانت مدارسنا مازالت في أول الطريق، إذ لم يتعد عمرها سوى خمس سنوات، ولكن لأننا – بفضل الله تعالى – بدأنا من حيث ما انتهى به الآخرون، فلقد كنا – ولله الحمد – على ثقة تامة بأن الفوز بهذه الجائزة سوف يكون حليف المدارس.
وعند إعلان سمو أمير المنطقة عن أسماء الجهات الفائزة بجائزة مكة للتميز، ظهر يوم الأحد الموافق 3/ 7/ 1432هـ، أثلج صدورنا ما قاله سمو الأمير خالد الفيصل وفقه الله، عند اعلان سموه في المؤتمر الصحفي عن ذلك، حيث قال:(أما التميز الثقافي، فقد فازت به مدارس عبدالرحمن فقيه النموذجية في مكة، وذلك لتميزها في إبراز ثقافة العمل الجماعي والاجتماعي، من خلال ممارستها للأنشطة الثقافية وتفعيل دورها في المجتمع كشريك فاعل، وكذلك تأسيس هذا الصرح التعليمي لينشر التميز والإبداع باستثمار الكوادر البشرية عالية التأهيل وتقنيات العصر الحديث المتطور، مما جعل طلابها يحصدون التفوق على شتى الأصعدة المحلية والعالمية، وبالرغم من عمرها الزمني القصير الذي يقدر بخمسة أعوام).
وكان ذلك مدعاة لقناعتنا بأن المدارس تسير حسب ما نهدف إليه بإذن الله وتوفيقه.
والفوز بهذه الجائزة حملنا مسؤولية أكبر من ذي قبل، كي نحقق طموح ولاة أمرنا في إخراج جيل مثقف واع، يكون دعامة من دعامات الوطن، ولاءً وانتماءً، وفهماً وعلماً، وثقافة وأدباً، وسلوكاً وتطبيقاً، ليكونوا منارات علم تحتذي بهم الأجيال القادمة بإذن الله تعالى.

ختامها مسك:
اختتم بما بدأت به,الوفاء والعرفان لتلك الشخصيات التي كان لها دور في بناء شخصيتي وتربيتي وتعليمي، والشخصيات القيادية التي كان لها أعظم الأثر في بناء الوطن والمجتمع، وكان من حسن حظي أن تشرفت بالتعرف عليها عن قرب، أو كانت لي مواقفا معها تعلمت منها وتأثرت بها وحفظتها لهم.
فلهم مني دعائي واخلاصي ووفائي وعرفاني. رحم الله من مات منهم وحفظ من بقي ولا حرمني من وجودهم في حياتي.

شخصية الوالد مرآة حياته:
أكثر شخصية اثرت على حياتي كانت شخصية الوالد عبدالقادر محمد فقيه,رحمه الله.
والوالد نبت من رحم المعاناة، فقد هاجر أبوه إلى المغرب وهو طفل صغير ولم يعد، ولم يعرف مصيره، لم يتعلم حتى القراءة والكتابة، وإنما عمل منذ طفولته في دكان العم قاسم حريري، وتعلم أسرار المهنة والتجارة مبكراً.
الحياة في زمنه كلها عمل وجد واجتهاد. فحتى زوجة العم قاسم تساعد زوجها، فقد كانت توفر احتياجات العمال وتقرأ عليهم، وهي ملثمة، قصص أبو زيد الهلالي والعنتريات وغيرها تنشيطاً لهم. فقد تميزت،رحمها الله،عن غيرها من نساء عصرها بثقافتها الأدبية الواسعة.

شخصية الوالدة.. أدب وشعر:
تربت أمي،رحمها الله، في هذه الأجواء، وكانت كوالدتها تحفظ الشعر، ومن ذلك المعلقات السبع، وهي القصائد الأبرز في الجاهلية والتي علقت على جدار الكعبة لعظمتها، وقد حفظت كثيراً للشاعر الأصمعي. ومما كانت تحفظه قصائد صعبة ومعقدة، مثل القصيدة التي تبدأ بالبيت (سمعت صوت صفير البلبل).
وقد تزوجت الوالد في ريعان شبابهما، وانتقلا للعيش في بيت عائلة فقيه، في حارة السليمانية، وكان للوالد في ذلك البيت اسهماً، وعندما من الله عليه شراه كله من بني عمومته.
وكان لثقافة الوالدة الأدبية، رحمها الله، رغم أنها لم تكن تجيد القراءة والكتابة، كحال معظم النساء في ذلك الحين، تأثيراً ايجابياً على أسلوب تربيتها لنا، وحماسها لتعليمنا حتى بلغ اخوتي المراحل الجامعية في دراستهم.

بيت العائلة في السليمانية:
كان بيتنا في السليمانية بيتاً قديماً عمره يتجاوز الثلاثة قرون، يقع على زقاق يؤدي إلى جبل السليمانية. وكان يمر السيل من هذا الزقاق، ولذا فقد دفن دوراً من الدورين الذين يتكون منهما الدار، فأصبح الدور الأول تحت مستوى الأرض.
وأذكر أن الدار كان يتكون من صفة (مدخل)، ومطبخ وغرف ضيوف في الدور الأول، وسبع غرف مبيت، وغرفة متاخمة للسطوح.
كان يعيش في هذا البيت الذي ورثناه عن جد أسرتنا، أربع عشر عائلة، كان منها أولاد عم الوالد ابراهيم ومحمد ودرويش، وبعد أن شراه الوالد سكنته أسرته من زوجته الأولى فقط، وسكنت زوجته الثانية في بيت مجاور.

برنامج اليوم يبدأ بالصلاة وينتهي بها:
كانت أسرتنا من الأسر الميسورة ولم نكن نشعر بالمعاناة من ناحية السكن والطعام والاحتياجات الضرورية. وكانت شخصية والدي حازمة في تنظيم روتين الحياة.
يبدأ يومنا كما ينتهي بالصلاة في المسجد المجاور. إذ نستيقظ لأداء صلاة الفجر في المسجد، نقصده سيراً في الأزقة المضاءة بالفوانيس. وفي طريق العودة أمر على سوق المعلاة لأشتري فطورنا وبعض احتياجات الغداء.

الطعام الطازج صحي:
أما طلبات العشاء فتشترى في حينها، لأنه في غياب الثلاجات، فكل شيء يجب أن يكون طازجاً، فالجبنة مثلاً نشتريها للفطور فقط، ثم نشتريها مرة أخرى للعشاء. والخبز يجهز في البيت ثم نحمله وقت الفطور أو العشاء للفران. ولعل هذا التعود على الأكل الطازج طوال عمري، هو ما قادني إلى عالم الزراعة والمنتجات النباتية والدواجن، ومن ذلك تجارة السمن النباتي، ومنتجات الدواجن والبيض ومطاعم الدجاج الطازج، ومزارع التمور والأعلاف في القصيم وتبوك والطائف. فإيماني بأن الغذاء الطبيعي والطازج للإنسان والحيوان في غاية الأهمية للصحة يجعلني أسعى لتوفيره لأهلي ومجتمعي.

ظاهرة الأكلات السريعة:
(المعدة بيت الداء) كما يقول نبينا صلوات الله وسلامه عليه، وما تعود عليه جيل اليوم من الأكلات السريعة الدسمة والمثلجة والمطهية في المايكرويف والزيت المقلي، مع ما يلوثها من المواد الحافظة والكيماويات، وما يضاف إليها من الصودا والأملاح، يضر بالصحة العامة ويجعل من نسبة السمنة والسكر عند المواطن السعودي، حتى في سن مبكرة، من أعلى النسب في العالم، ويكلف الدولة البلايين لعلاج المصابين.

دكان الوالد و(سيدي) أحمد فارسي:
استقل الوالد بدكانه في المدعى، وكان عبارة عن بضعة أمتار مربعة، على زقاق، يبيع فيها كما سبق أن فصلت، القصب والأصباغ. وكان يعمل في المحل (سيدي) أحمد فارسي، ابن اخت الوالد، وقد رباه الوالد معنا، وكان، رحمه الله، مخلصاً غاية الاخلاص، حتى كان يسمى (مسمار الدكان)، كما يوصف من يفتح المحل ولا يغادره حتى يغلقه لدرجة أنه كان ينام القيلولة داخل المحل، وعندما يسافر مع خاله (الوالد) إلى الطائف أسابيع في الصيف، يبقى مشغول البال على أحوال الدكان حتى يعود.
وكنت أتناوب معه السفر لقضاء الصيف في بيتنا في الطائف. وعندما أخرج من المدرسة أداوم معه في الدكان حتى وقت إغلاقه في المساء. أما الوالد فقد كان دوره إشرافي، فيمر ليتابع العمل، ويأخذ الطلبات التي أسجلها لها، ويشتريها من المورد.

قسوة الوالد من طبيعة حياته:
كانت شخصية الوالد قوية وقاسية، ولعل طبيعة حياته شكلت طبيعته، فكان يقسو في عقابه لأقل الأخطاء، أو ما يعتبره خطأ، كأن اتأخر عن العودة للبيت من المدرسة الليلية، قبل صلاة العشاء، فتصل العقوبة إلى الطرد من البيت، والمبيت عند بيت الخال حتى يتوسط لي في اليوم التالي. كما كان يعاقبنا بالحبس في المساحة الضيقة خلف الدكان لساعات طويلة. ولا يسمح لأحد بمخالفته أو حتى مراجعته في قراراته.

أخوتي وخط التعليم والوظيفة:
وكان عنده، رحمه الله، خطة عمل وحياة لكل واحد منا لا يحيد عنها، فأنا مسؤول عن الدكان، أتعلم في المدرسة حتى الابتدائية لأحصل من العلم ما يعيني على العمل، أما أخي محمد، رحمه الله، فقد كانت اعاقته في السمع سبباً لبقائه في البيت، يعمل على تجهيز بعض البضائع للدكان. واختار الوالد, رحمه الله, لأخوي عمر وسليمان أن يواصلا دراستهما داخل وخارج البلاد حتى يحصلا على أعلى المراتب في أبرز التخصصات ويعملا في الدولة من كبار الموظفين.

دور الوالد في نجاحنا:
ورغم أن طموحاتي العلمية لم تكن تقل عن اخوتي، إلا أنه لم يكن أمامي أي خيار غير أن أسمع وأطيع. لكن نتيجة تربيته، رحمه الله، على شدتها، كان لها جوانب ايجابية، فهذا اخي عمر وصل لمرتبة وزير الدولة، وأخي الدكتور سليمان، كان مديراً لمستشفيات حكومية كبيرة، ثم للشؤون الصحية، وبعدها تفرغ للعمل الخاص وأسس مستشفى الدكتور سليمان فقيه، وهو مجمع طبي من أكبر وأحدث المجمعات الطبية الخاصة في الشرق الأوسط. وتحقق لي بفضل الله نجاحاً كبيراً في أعمالي التجارية، وكان لتشجيع والدي ودعائه ورضاه دور كبير في تحقيق ذلك.

صديق العمر بسام البسام:
ثم هناك أصدقاء العمر، ولسوء الحظ مات أكثرهم، ولحسن الحظ بقي لي أهمهم، أطال الله في عمره وعافاه في صحته، ولا حرمني من صلته، وهو أخي وصديقي بسام البسام.
وقد عرفت أبا طارق منذ أكثر من ستين عاماً، أي في منتصف القرن الميلادي الماضي، وشدني إليه أنه صديق صدوق، لا يعرف المجاملة في الحق. ذكياً لماحاً، تستطيع الاستفادة من ذكائه وفراسته في الناس، وقدرته على اكتشاف أخلاقهم ومزاياهم وعيوبهم، والتنبه لأطماعهم، وهو إلى ذلك خفيف الظل، سريع البديهة، سريع الجواب، لاذع النكتة.
والأهم من ذلك أنه صاحب نخوة ورجولة ووفاء. ولذلك فقد اصطفيته كأعز الأصدقاء. وهو من أهم الشخصيات التي كان لها أدوار ومواقف في حياتي، ولا أنسى أنه من القلة القليلة التي وقفت معي في مشروع شركة مكة للإنشاء والتعمير، عندما تخاذل وتراجع وعادى أكثر الأصدقاء والمقربين، وأنه كان وما زال خير من استشير وأكثر من اثق برأيه وحسن مقصده ونيته.
الشاعر السفير مقبل العيسى:
وهناك أيضا زميل الدراسة وصديق العمر الشاعر والسفير مقبل العيسى، رحمه الله، وكانت حياته صعبة، حيث توفى والده في سن مبكرة، وتربى في كنف أعمامه، وكنت دائماً اشعر أنه بحاجة إلى التعاطف، فقد كان مرهف الاحساس، وشاعرياً. كان يزورني دائماً فنجلس في الدكان، أو نتغدى في المطعم الجاوي الشهير في القشاشية.
ففي أيام الدراسة كنا نخرج وقت الغداء لهذا الطعم فنطلب ما تسمح به ميزانيتنا الصغيرة من شوربة أو أرز، ونجلس في طرف المطعم مع زملائنا من الطلاب، محدودي الدخل لتناول الغداء، ثم نعود للمدرسة، وبعد أن تركت المدرسة كنت التقي به فنخرج أحياناً مع بعض الزملاء والأصدقاء، ومنهم اخي بسام البسام إلى ذات المطعم. فقد كان طعامه مميزاً ليس له مثيل. وقد انتقل بعد هدم المنطقة إلى أعلى سويقه، ثم فتح في العزيزية، وسمعت أن صاحب المطعم توفي,رحمه الله, وتولى ابنه عبدالمنان الإدارة من بعده.

رشاد زبيدي:
ومن اصدقائي الأعزاء الذين اعتز بهم الأستاذ رشاد زبيدي، فهو رفيق درب وصديق عمر، عرفته أكثر من خمسين عاماً. كان أنيساً في مجلسه إذا تكلم أمتع، خفيف الظل سريع البديهة لاذع النكتة. يخشاه بعض الناس ولكن أكثرهم يحبون مجلسه, واسع المعارف والعلاقات الاجتماعية، وله وجاهة يحسد عليها يستعملها في قضاء حوائج الناس لما له من وجاهة عند كبار المسؤولين.

اللواء صديق تونسي:
ومن أصدقائي اللواء صديق تونسي هو رجل صادق صدوق، كان مخلصاً في عمله إلى حد أنه أثر على صحته، وكان جسمه لم يتحمل ما يكلفه به من أعباء، أو كما قال الشاعر (إذا كانت النفوس عظاماً تعبت في حملها الأجسام) فقدم استقالته بكل إصرار وأخفاها حتى لا يؤثر عليها بالعدول عنها.
تقي يخاف الله ويراقبه في جميع تصرفاته، لجأ إلي مرة أحد الأصدقاء بمشكلة أنه دهس مواطناً ثم قام باسعافه وأدخله المستشفى وصرف عليه ولم يبلغ الشرطة. فجاء يريد أن يعدل وضعه ويبلغ الشرطة، فما كان منه إلا أن ألقى عليه القبض وزجه في السجن ضارباً بعرض الحائط أن الجاني سلم نفسه وعالج المجني عليه. كل ذلك كان اخلاصاً لعمله كما تصور وقد عالجت الموضوع بعد ذلك ولكنه بقي صديقي الذي اكبرت فيه صدقه واخلاصه.

محمد الصانع:
كما كان من أعز أصدقائي الأخ محمد الصانع،رحمه الله, وتعرفت عليه عن طريق الأخ بسام البسام، والذي عرفني عليه مقبل العيسى. والثلاثة المشار إليهم، بسام ومقبل ومحمد من الأسر النجدية التي جاورت البيت الحرام لأجيال، وكلهم يتميزون بصدق التعامل وشيم الوفاء والإخلاص.
وكان الأخ الصانع يعمل معنا في تجارة السمن النباتي، مسؤولاً عن شؤون المحاسبة. وكان صادقاً وصدوقاً وأميناً في تعاملاته، ثم استقل بعمله الخاص، ففتح مستشفى في مكة، باسم مستشفى الصانع، ونجح ولا يزال المستشفى قائماً باسم المستشفى الأهلي السعودي، وهو أول مستشفى خاص في مكة، ومقره حالياً في العزيزية.

المزارع الكبير عبدالله التويجري:
ومن الشخصيات التي مرت علي كان الشيخ عبدالله التويجري، وهو من كبار المزارعين في بريدة، تعرفت عليه عندما شريت مزارع هناك، فتبرع مشكوراً بالاشراف عليها مجاناً. وكان لمشورته وخبرته دور في نجاح المزارع، فقد كان يشير علينا في كل التفاصيل، مثل أنواع الشتلات وأفضل طرق الري والزراعة والصيانة، وعرفاناً بجميله أغلقنا مزرعة للدجاج البياض، تقع بجوار مزرعته، لأنه تأذى من الروائح. لم أتردد لحظة في تلبية طلبه وإرضائه، وقدر هو بكريم خلقه ذلك لي.
عرفت فيه مواطناً صالحاً، وأخاً كريماً فاضلاً، توفي رحمه الله وترك ذرية صالحة من بعده، ولازالت صلتي طيبة بأبنائه وأحفاده.

صديقي وقريبي عبدالله فقيه:
ومن العائلة اصطفيت أخاً وصديقاً كريماً هو الأخ عبدالله فقيه.وأبو خالد من أبناء العمومة وزوج أختي، وصلتي به تمتد أربعين عاماً. يتميز بدماثة الخلق، فهو يستطيع أن يجاري الأطفال على قدر عقولهم، والشباب على قدر همومهم وطموحاتهم، والكبار على قدر أفكارهم وخبراتهم. خدوم مع أصدقائه، وله دائرة كبيرة منهم تتسع لكل الأعمار والمستويات. فمنهم الوزراء والكبراء، ومنهم البسطاء من الناس. خدوم في مساعدة الغير، وله وجاهة طيبة عند كبار الناس والمسؤولين يستفيد منها كثير من أصدقائه.

صداقاتي الإعلامية أولها العريف:
ومن الصحفيين لي صلات وصداقات أعتز بها. وأولها صداقتي بالأستاذ عبدالله عريف، وكان رئيس تحرير جريدة صوت الحجاز، والتي أصبحت فيما بعد جريدة البلاد السعودية، وأخيراً جريدة البلاد، ثم اختاره الأمير (الملك) فيصل بن عبدالعزيز رئيساً لبلدية العاصمة المقدسة، فكان علماً من أعلام مكة فيما أنجزه وحققه لها من تطور وتنمية.

متابعتي للصحف وتواصلي مع الصحفيين:
كما عرفت كتاباً وصحفيين بحكم متابعتي للصحف، خاصة ما ينشر فيها وله صلة بالتطوير وحل المشكلات التي تعوق مسيرة التنمية. فكنت اتصل بالكتاب والصحفيين مهنئاً ومعلقاً ومقترحاً عليهم، وكانوا يسعدون بهذا الاهتمام، ثم تستمر الصلة مع الأيام.ومن بين هؤلاء الذين اعتز بهم كتاباً وصحفيين وأصدقاء الأستاذ محمد صلاح الدين,رحمه الله, وقد عرفته منذ كان مديراً لتحرير جريدة الندوة، مع مؤسسيها الأستاذين الجليلين صالح وأحمد جمال، والأستاذ الصحفي والكاتب حامد مطاوع، رحمه الله، رئيس تحرير الندوة سابقاً، والأستاذ أحمد محمود، رئيس تحرير جريدة المدينة سابقاً، وصحف أخرى، كعرب نيوز والمسلمون والأستاذ عبدالله خياط، رئيس تحرير عكاظ سابقاً، والدكتور هاشم عبده هاشم، رئيس تحرير عكاظ حالياً، والأستاذ علي الحسون رئيس تحرير البلاد الحالي.

شخصيات قيادية:الملك الصالح خالد بن عبدالعزيز
وبحكم نشاطي في مجال الدواجن والمزارع التي أنشأناها في الطائف، تعرفت على شخصية كريمة وإنسانية محبوبة، هي شخصية الملك الصالح خالد بن عبدالعزيز. فقد كان، رحمه الله، يقضي الصيف في الطائف، ويكثر من زيارة مكة المكرمة. وقد اشتهر بالهوايات العربية الأصيلة، كالصيد بالصقور. ولم يكن يثق في علاج صقوره، إلا بطبيب بيطري في مزارعنا بالطائف. فكان من تواضعه ,رحمه الله, يتصل بي مباشرة ليطلب مني بكل دماثة ولطف وخلق كريم تميز به أبناء الملك عبدالعزيز أن أرسل له هذا الطبيب الباكستاني الجنسية.
ومن الطريف أنه من رضاه عن عمل هذا الطبيب منحه الجنسية السعودية. فزهد الرجل في العمل معنا، وخرج ليستقدم أقاربه فيفتحوا المحلات باسمه، وهكذا اغتنى وترك العمل في مجال البيطرة.
وتمر الأيام ويتصل بي الملك خالد ليطلب ارسال الطبيب، فرويت له ما حدث وكيف أنه بكرمه مع الرجل خسرناه، فضحك,رحمه الله، وقال بطيبته المعهودة ما معناه الله يخلف علينا.

ملك التنمية والتطوير فهد بن عبدالعزيز:
ومن الشخصيات التي كان لها دور كبير في نجاحي، الملك فهد بن عبدالعزيز, رحمه الله, فقد دعم مشروع شركة مكة للإنشاء والتعمير وتحمس له، وصد عنا كثيراً من السهام. وبفضل الله ثم فضله قام المشروع ونجح. وكان ملكاً صاحب رؤية تنموية تشهد مكة المكرمة والمدينة المنورة وكافة مناطق البلاد على نجاحها، وكان له اهتمام خاص وكبير، كأبيه واخوته الكرام، بمشاريع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ويكفيه أن تمت في عهده الميمون توسعتي الحرم المكي والحرم المدني الشريفين، ومطبعة المصحف الشريف في المدينة المنورة,رحمه الله وجزاه على ما قدمه لأمته ووطنه ولضيوف الرحمن خير الجزاء.

خادم الحرمين عبدالله بن عبدالعزيز:
وهكذا يمضي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي واصل نهج والده واخوته، وكان دعمه لنا في مشروع جبل عمر أساسياً في قيام المشروع ولا يزال بمتابعته واهتمامه ودعمه يدفعنا إلى الأمام ويختصر أمامنا الزمن والطريق، ويعين على مواجهة العقبات والمصاعب.مشروعه، حفظه الله، لتطوير مكة المكرمة وتوسعة الحرم الشريف يعتبر أكبر مشروع تطويري في التاريخ. وفقه الله وأعانه وجزاه عن الأمة والمسلمين خير الجزاء.

أمير العدل والمواقف سلمان بن عبدالعزيز:
ومن أبناء عبدالعزيز الكرام أذكر بالذات الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، فللأمير ,حفظه الله, مواقف كريمة معي شخصياً. وقد رويت منها موقفه في حل قضية مزرعة الطائف. ورغم أنه كان إلى وقت قريب أميراً لمنطقة الرياض، إلا أنه كان دائماً من أعمدة الحكم والحكمة في هذه البلاد، وحرصه على تحقيق العدالة وتنمية بلاده تدفعه إلى القيام بأدوار كثيرة ليست من ضمن مسؤولياته الاساسية. عرف الناس عنه حرصه الكبير على تحقيق أعلى معايير الإدارة الرشيدة في الدولة، واهتمامه بأدق التفاصيل، وحرصه على خدمة الناس وتحقيق مصالحهم.

موقف الأمير سلمان مع شركة مكة:
ومن المواقف الرائعة له، أن أحد كبار الملاك في شركة مكة طالب بتعويضات تفوق ما دفع لغيره، وتوسط بالأمير سلمان. وإكراماً للأمير دفعنا له ما يطلبه، ولكن الرجل كان يزيد مطالبته مرة بعد مرة، حتى وصل إلى رقم لم أقبل أن أحمله الشركة. فكتبت شيكاً مفتوحاً وموقعاً، سلمته للأمير سلمان وطلبت منه أن يضع الرقم الذي يراه بإنصافه، على أن أتحمله على حسابي الخاص تقديراً لوساطته,حفظه الله, فشكرني الأمير وشطب على الشيك واحتفظ به عنده. وفق الله الأمير وأخوته جميعاً وبارك في أبنائهم وذريتهم وأعانهم على رفع شأن هذه البلاد، ورعاية مقدساتها، وخدمة ضيوف الرحمن، أنه سميع مجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *