المقولة الشهيرة “اذا فاتك الميري.. تمردغ في ترابه” تلاشت تماماً مع ابعاد اقتصاد السوق وتحرير التجارة واستخدام الموارد البشرية من القيود الزمانية والمكانية، وحلت محلها المنافسة في سوق العمل، واصبحت تقود الشباب الباحثين عن العمل ليجوبوا سوق العمل التنافسي.
لذلك اصبحت فرص العمل المطلوبة لتوظيف كامل للعمالة مشكلة تواجهها كل اقتصاديات العالم، ولم تعد الشهادات وحدها كافية للحصول على فرصة عمل، ذلك ان التنمية الشاملة والمستدامة هي التي تلعب الدور الاساسي للتوظيف في مجالات كثيرة.
ومن هذا التطور التنافسي في سوق العمل اقول ان العمل اعظم عادة: لقد خلق الله الانسان، واورثه الارض ومن عليها باعتباره خليفته سبحانه وسيد مخلوقاته، ولكن وراثة الرحمن ليست بالحب والنسب وانما بالكفاح والعمل، وليس بالجلوس والتكاسل لان السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، ولا لحما ولا خبزاً.
فبرغم الحديث المتكرر عن مطالبة الشباب بفرص عمل في الجهاز الاداري الحكومي مرددين بشدة المقولة “اذا فاتك الميري.. تمردغ في ترابه” الا ان هذا النداء والاصرار على وظائف تفصيل يعكس اعتقاد الباحثين عن الوظيفة بأن الوظيفة الحكومية هي الحلم مما يصطدم بقضية هامة وجديدة وهي غياب ثقافة العمل الحر.
ومن هنا فالإشكالية التي تفرض نفسها في سوق العمل هي التعامل مع قضية التشغيل هي كيف يتم نشر ثقافة العمل الحر وان مفهوم وظائف تفصيل اصبحت خارج الخدمة الى الابد، وما هي الآليات التي يتم من خلالها دعم قطاع المشروعات الصغيرة لتشجيع الشباب على الاقبال على المشروعات الصغيرة التي اكدت الدراسات على توافر نسب عالية من قوة العمل في السوق.
ان البداية للتخلص من سيطرة الوظيفة الميري يجب ان تبدأ من خلال توعية الشباب بفكر العمل الحر على ان يتم عروض عدد من النماذج الناجحة تشجيعاً لهم من ناحية وتنمية ثقافة العمل الحر وتقليص ابعاد شبح الوظيفة الميري لديهم من جانب آخر.
لذلك اقول بكل صراحة ووضوح ان تنمية ثقافة العمل الحر لدى الشباب الا هو يتمثل في عروض التجارب الناجحة لهم بعيدا عن المناخ القديم للوظيفة الميري لان الدول تحولت من الاقتصاد الموجه الى الاقتصاد الحر (اقتصاد السوق) مع توفير دراسات الجدوى عن المشروعات التي يمكن ان يقبلوا عليها كذلك ايضا تقدم المساعدات المالية وتأهيلهم من خلال التدريب.
وفي اعتقادي ان تشجيع ثقافة العمل الحر لدى الشباب والغاء فكرة انتظار الوظيفة الميري حتى المردغة في ترابها ليس بالشيء الهين في مجتمعنا ويحتاج الى وقت طويل ومجهود كبير حيث مازالت الوظيفة “الميري” تسيطر على فكرة جميع الباحثين عن عمل.
اذن فان لب القضية في تنمية ثقافة العمل الحر لدى الباحثين عن وظيفة لابد ان تبدأ منذ الصغر بحيث يتم ادراجها بالمناهج الدراسية من التعليم العام مرورا بالتعليم الجامعي وتطويرها تطويراً يتفق مع مبادئ ومعايير المواصفات (الايزو) مما تغرس اهمية العمل الحر في نفوس الخريجين وكيفية الاعتماد على النفس والاستقلالية.
فهل نحن قادرون على الغاء فكرة الوظيفة الميري خاصة في اطار المنافسات الدولية والبرهنة ان واجب الشباب لدينا على ان لهم دورا مهما في التنمية الشاملة، بإعلاء قيمة العمل مهما كان نوعه ودرجته في السلم المهني، فالامة بالفعل تبنى وتعول امالا عريضة عليهم، وان يبقى العمل خيرا من الكسل.. وهذا هو بيت القصيد.. وهذه هي المهمة العاجلة في دخول سوق العمل التنافسية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *