كم هي عديدة تلك الفرص التي تجعلنا ننعم بما حولنا، ومن حولنا، لكننا نشغلها بأمور أخرى، نعتقد فيها أنها الأهم، ولو أننا أنصتنا قليلاً لذلك القابع داخلنا وحاولنا أخذ رأيه لأجاب بكل بساطة قائلاً ” كم أنتم جهلاء”.

هل يثنينا هذا التصريح عما نحن فيه.؟ ربما مع البعض منّا.. إلى أن تأتي صفعة القدر قوية مؤلمة وكأنها تقول ” لقد حذرك غيري لكنك لم تستوعب الدرس جيداً.. فهذه لك علّك تصحو”.

أخذ التسويف منّا نصيب الأسد وجعلنا منه الحجة الكبرى لكل أمر أردنا أن نبتعد عنه بدافع التردد أو التشاغل، فصنع من غفلتنا تلك سورا منيعا باعد بيننا وبين من أحببناهم وأحبونا، دون أن نعترف لهم أو يخبرونا بمكنونات قلوبهم،

وفي أوقات الكتمان تلك كبر السور وارتفع فأصبح كالمارد العملاق، ننظر له وقد تملّكنا بارتفاعه ليطفئ بصيص الأمل باختراقه، ومع يقيننا بأنه أضعف ما يكون أمام ما نحمله من مشاعر.. إلا أننا لا نجرؤ على خوض تجربة تحطيمه، طمعاً في مساحة أوسع للتفكير واتخاذ القرار.

طعم الفقد مر جدا يا عماه.. أتجرعه غصات وغصات.. يلتف حولي يطوقني ويمنعني من المسير..
هل تعلم أنني أحاول التغلب عليه بكل ما أحمله من ذكريات تجمعنا.؟ أساجله بلحظات فرحنا وضحكاتنا، بانتصاراتنا بالرغم من اختلافنا.

أخبرك بأمر.! لم يكن اختلافنا عائقاً بل كان ميزة، لأنك تقبّلته مني وتقبّلتني به، حتى في أوقات خصامك لي لم ألمحه، ولم يكن نقطة لنقف عندها، كان حصوة ألقيت في بحر وكبرت دائرتها ثم كبرت حتى اختفت.

اليوم وانا أنظر لآخر نقطة أصل إليها في خيالي معك، أراك وأراه بقربك، لم يفهم اختلافي كما فهمته أنت، ولم أفهم حبه بدوري، فكبر بيننا ذلك السور وحجب عني رؤيته، فلم أر منه إلا القليل.. واختفيت من ناظريه، ليته يعلم كم يؤلمني ألمه وكم أفرح بسؤاله عني، ليته يعلم شوقي حتى لذلك التضاد بيننا.

أن تفقد شخصاً رغماً عنك أمر ما باليد حيلة فيه، وليس أمامك خيار آخر له، فلا يبقى عليك سوى اجترار الذكرى.. لتنعم ببعض الدفء بين أحضانها، لكن أصعب الفقد.. ذلك الذي تختاره بإرادتك وتصر على المضي نحوه، لتأتي اللحظة التي يعود فيها القدر بصفعك من جديد، فتفيق وقد سلبت من بين يديك حرية الاختيار، وتصرخ ” لا كنت احتاج وقتاً أطول.. كنت أحتاج مساحة للتفكير.. ليس الآن.!”

إنما حتى ذلك الصراخ لم يكن مسموعاً بما يكفي، ولم يلتفت له سواك، في ذلك الحين حتى لو حاولت أن تصنع من الذكرى سلوى جميلة لا تستطيع، لأنك عندما تهيأت لك الظروف أضعت الفرصة، وأوجد الكبرياء المزعوم داخلك نوعاً من الجفاء، لم يكن منك بل تلبسك في لحظات السهو.

بقيت مساحة من الوقت عندي وعندك، مادام الفقد لاه عنا لا تشغلها بما لا يهمك أن تبقيه بين طيات الذاكرة، وأجمع من تحب وأعلن لهم عن حبك، حطم ذلك السور و احتضن من يقف خلفه فلم يبق إلا القليل.

للتواصل على تويتر و فيسبوكemanyahyabajunaid

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *