لم يكن فرار الوزير الفار خيارا محسوبا فلم يأت هذا الفرار ضمن الحسابات المرصودة سلفا للأرباح والخسائر حتى عودة الوزير حمد بن جاسم لأحاديث الشفافية من جديد لم تكن سوى حلقة تكتيكية لحفظ ما تبقى من ماء الوجه بل محاولة تجميلية فاشلة بكل ماتعني الكلمة ذلك أن الخروج المفاجئ من المشهد اصبح فعلا ملزما في اعقاب انكشاف المؤامرة بعد ان ظل الوزير مراهنا لعقدين كاملين على صبر الجيران وثقتهم ونواياهم الطيبة قبل أن ينفذ الصبر وتتبخر الثقة ومعها تتوارى الاحلام.
إذا المؤامرة اضحت بارزة للعيان والمخطط بات مكشوفا بالأدلة القاطعة واليقين الصادق الذي لا يأتيه الشك، أما الرسائل الناعمة فقد ارتدت سريعا لتصل الى ابواب القصر في اعماق المشيخة المتربصة فلا مفر من طلب طي الصفحة وفتح صفحة في اعقاب مسلسل طي الصفحات وفقا لروايات الوزير الناقصة قبل وبعد الفرار.
أما الفضيحة التي اطاحت شبه ذاتيا بحمد بن جاسم ذات صباح فليست بعيدة عن اذهان متابعي حوارات الوزير الفار صاحب نظريات الشفافية والوعي المختلف قبل ان تتضح الرؤيا كما جاء اعلاه وينكشف المستور وتسقط الثقة وبدون مقدمات سقوطا مدويا عبر الصمت والتلميح اللذين لا يتقنهما سوى الحكماء النابهين المقتدرين، فجاسم لم يترجل طوعا كما تعتقد القلة القليلة من القطريين بل سقط بشر اعماله متأثرا باستشعار الفضيحة بعد ان ادرك ان الجيران الأقل وعيا من سيد النتوء الصغير كشفوا تفاصيل التفاصيل بل كانوا اكثر وعيا من المتورم المتوهم مدعي الشفافية، ولهذا كانت المؤشرات تؤكد انسحاب الوزير الذي لن يحقق السلامة قبل انسحاب القائد المتوج صاحب النظريات وقائد المؤامرات فأيدي الرجلين مجتمعين أوغلتا في دماء عباد الله فهما رأس البلاء وقمة الغباء ولا ادل على هذا من الاستمرار الذي تشهده قطر لسياسة الحمدين حتى يومنا هذا مع شديد الأسف.
لا يعيب قطر ولا غيرها محدودية المساحة والعدد القليل من السكان كما يتوهم وزير التوجس بطل التناقضات، فهناك دول سالمة مسالمة يعرف تعدادها الوزير المتربص تنعم بالأمن والأمان وتشع بالطمأنينة من كافة جنباتها لتعم الجوار وما وراء الجوار دون ان تفتح حدودها للإرهابيين الناقمين ودون ان تهدد جيرانها بسلوك مشبوه حد الضجر ودون أن تشعل النيران في كل مكان على وجه الأرض بحجة ان الحال لا يتناسب مع وعي مرتزقة يحملون جوازات بالية بعد ان لفظتهم بلدانهم بل أن تلك الدول الصغيرة الآمنة الرافلة في رغد العيش تنمو وتزدهر وتعم خيراتها كافة مواطنيها دون أن تخلق هالة من الضجيج والنعرات فلم تبحث تلك الدول الصغيرة حجما الكبيرة مقاما عن الاثارة ولم تدعم المخربين ولم تسع لتقويض أمن الشعوب بل لم تسخر موارد شعوبها لنشر الشر وتمزيق الشعوب واحداث الفوضى واشعال الحرائق وتفتيت الأمة العربية كما تفعل قطر عبر سياسة الوزير الفار.
لا زال الوزير يعلمنا شيئا من دروس الشفافية المنتقاة التي توارت بمفهومها الحق عندما كان وزيرا ولا زالت تلك الشفافية الوهمية غائبة وهو الآمر الناهي من خلف الستار في محاولة يائسة لاستكمال بقايا المخطط فالرجل يحمل عقدة الصغر كما ردد مرارا وتكرارا ويبحث عن موقع مختلف ويتلقف احاديث الدهماء ليبني من خلالها مواقف وحجج واهية ضعيفة كما تفعل الجزيرة بالضبط قبل ان تسقط بشرور الافتراء المكشوف والتحريض المفضوح والشحن الدفين وكثير من عدم المهنية بل بلغ الأمر منتهاه عندما ازداد الوزير امعانا بتوثيق علاقات قطر التي كانت قائمة ولا تزال مع كل من يحمل الضغينة والعداء للأمة العربية جمعاء.
لا زال في الوقت متسع ولا زالت الكرة في الملعب القطري، والقطريون الشرفاء دون شك قادرون على تلبية مطالب الرباعية والعودة الى الحضن الخليجي، فالثقة نزعت بفعل غل الوزير واتباعه ولا يلام الجار الآمن المطمئن اذا ما استمر جور الجار وطويت صفحات وفتحت صفحات وبلغ الأمر مرحلة كسر العظم فللصبر حدود .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *