الغلو في الدين سبب ظهور الارهاب

• عبدالله فراج الشريف

لو لم يجد الناس في أرض المسلمين من يغلو في الدين، ويتعصب فيه لاجتهادات غير موفقة، ويجعل من الدين سبباً للكراهية والتفرق، لما وجدنا بين أهل هذا الدين، وهو دين السماحة والعدل من ينهج نهج الخوارج، ولكن الغلاة منذ عهد الإسلام الأول، في عهد صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم، أن خرج بين من انتسبوا إلى هذا الدين غلاة، ظنوا أنهم خير الناس، وأن الدين هو ما هم عليه من فكر، فكفروا خير الناس -الصحابة – بينهم ، الذين نشروا دينه، وحموه وحاربوا دونه، وبدأت القضية بغلو شديد في الدين حتى كفروا العاصي أو مرتكب الكبيرة، وما كفره الله ولا رسوله ، عليه الصلاة والسلام، ثم كفروا حكاماً، ثم كفروا عامة المسلمين؛ لأنهم بزعمهم رضوا به، وظل هذا المنهج الذي سببه الغلو في الدين، وهو أعلى درجة في الجهل بالدين، ثم أصبح هذا المنهج الخبيث يظهر بين الحين والآخر، حتى إذا قمع وتوارى عاد؛ إذا ظن أن الناس قد نسوه للظهور مرة أخرى، وان اختلف مسماه، فلئن كانوا في الماضي يسمون الخوارج فهم على مرَّ التاريخ تسموا بأسماء كثيرة، لا يمكن أن يختفي وراءها المنهج الخبيث، واكتشفهم الناس وقاتلوهم، وها هم تتجدد لهم مسميات جديدة، مرة باسم جماعة إسلامية وتعددت الجماعات، وتعدد الزعماء، وما مسمى داعش بغريب فهو بأصل ما أعلن عن نفسه، عندما وجد له أرضاً في قطرين من أقطارنا العربية هيأها له الربيع العربي، وهما العراق والشام، دولة الإسلام في الشام والعراق، وله مدد من جماعات أخرى كثيرة تحمل مسميات مختلفة والمنهج واحد، وما سمي مسمى جماعة اسلامية، إلا وهي لا ترى غيرها من يستحق أن يطلق عليه الاسم، إن لم يؤمن بما آمنوا به. إنه الغلو الذي وللأسف يجد له من ينشره، كلما اختفى، ويعيده إلى الحياة، وكأننا نحن المسلمين قد فرض علينا ألا تهدر الدماء منا إلا على أساس من الغلو الذي نهانا عنه ديننا، وقاتلنا أهله منذ عهد الرعيل الأول من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتابعيهم – وحتى يومنا هذا، وكل جماعة إرهابية اليوم تجد فكراً في منهج هؤلاء السابقين لهم من الخوارج، ما يحملونه في الرؤوس، ويسلوا به السيوف علينا، ويشهروا علينا حرباً لا تهدأ أبداً، وما لم نواجه هذا الفكر الغالي علمياً، ونخلص تراثنا منه، وما إن نجد في لحن القول من مسلم ما يشيرإليه ، إلا حاسبناه حساباً عسيراً، وبحثنا كيف وصل اليه، فحربنا للغلو حرب مقدسة، لا يجب أن تهدأ؛ لنخلص الإسلام منه، وليأمن المسلمون في ديارهم، أن تشن حرب عليهم من أبنائهم، فهؤلاء الغلاة منذ أول ظهور لهم يغرون الأبناء الصغار، ويغتالونهم فكرياً، ويضمونهم إلى صفوفهم، ويجعلون منهم أعداء لأهلهم وأوطانهم، منهجهم ملامحه واحدة، وكشفه من أيسر الأمور، وما لم ندمره علمياً وعملياً، فلن تهدأ لنا حياة، ولعل أول ما يجب علينا حرباً له، أن نعيد للإسلام تعدد مذاهب أهله؛ لأن كل من يحاول إلغاء هذا التعدد، فإنما يريد أن نحيي هذا المنهج، فالمسلمون أخوة، وإن تعددت مذاهبهم واجتهاداتهم، ما لم يخالفوا الأصول، ودعوى اللا مذهبية في الإسلام، ما أظهرت إلا الغلو، فجميع الناس على اجتهاد واحد، ومذهب واحد مستحيل، والتنوع تحت أصل واحد، وقواعد متفق عليها، لن يؤدي إلى فرقة أبداً، بل المؤدي إلى الفرقة حتماً، هو محاولة إلغاء هذا التعدد والادعاء أن جميع الناس على مذهب واحد هو الحق، فهل نعود إلى الصواب، ونحارب الضلال، ذاك ما نرجو.. والله ولي التوفيق.
ص ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *