التعدد بين القبول والمعارضة ؟!

• علي خضران القرني

التعدد من العادات المألوفة، منذ عهد الجاهلية والإسلام حتى اليوم، وقد أبيح ذلك في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لكنني استغرب من بعض الآراء التي تدور في كثير من المجالس والاجتماعات، والتي تصف التعدد – أحياناً – بأوصاف تبنى على العواطف والأهواء، بعيداً عن المصادر الوثيقة التي تؤيد هذه السنة وتحث عليها.

لقد أباح ديننا الإسلامي الحنيف هذه السنة وجعلها مباحة بين المسلمين منذ القدم لأسباب جوهرية منها على سبيل المثال لا الحصر:
الاستطاعة بكل مدلولاتها الشرعية والاجتماعية.

وفاة الزوجة.
طلب الذرية.
إصابة الزوجة بمرض مستمر وتعذر قيامها بالحياة الزوجية.
سوء العشرة وتعذر الإصلاح.
الإسهام في الحد من العنوسة التي غزت معظم المجتمعات العربية والإسلامية في العصر الحديث… الخ. ذلك من الأعذار الموجبة للتعدد والحث عليه وفق القدرة والاستطاعة.

والغريب أن بعض أفراد المجتمع يصفون التعدد بالكراهية بحجة أنه يؤدي إلى حدوث المشكلات بين الأسر المتعددة من حيث الميراث وسوء العلاقات الأسرية، وفي ذلك خروج على السنة وانقياداً للعواطف والأهواء؛ علماً بأن التعدد قيَّد بشروط شرعية واجتماعية من التزم بها سلم من الشوائب التي تتعارض مع مشروعيته واستدامته وفق شروطه ومدلولاته الشرعية.

ألاحظ أن البعض ممن أتوا نصيباً من العلم – سامحهم الله – يميلون أحياناً في إجاباتهم على بعض قضايا التعدد بالكراهية، دون تأكيد مشروعيته بين الناس (شرعاً.. وقانوناً) وكيفية التعامل مع منهجه في المعاشرة والإيجابيات الحسنة من ورائه؟

إن الحث على التعدد لدى من تنطبق عليهم شروطه، فيه قائدة للطرفين (دنيا … ودين) ويأثم من يعارض ذلك، خاصة وهو يفضي إلى مصلحة عامة تسهم في بناء المجتمع وتعزيز كيان الأسرة (حياتياً … واجتماعياً) ونلاحظ أن كثيراً ممن تعددوا قد وُفقوا، وكونوا أسراً متعاونة متماسكة البنيان وعاشوا في حياة اجتماعية هانئة؛لأنهم استطاعوا تطبيق شروطه وواجباته في حالة من العدل والمساواة.

نحن لا نؤيد أن يفضي التعدد (بالمتعدد) إلى الظلم وبخس الحقوق؛ لأن في ذلك مخالفة صريحة لشروط التعدد المألوفة التي أوصى بها شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، دون الإخلال بأهدافها ومراميها.

هذه لمحة وجيزة عن التعدد ومشروعيته على ضوء الكتاب والسنة، وما يجب أن يسار عليه بين المتعددين في مجاله (عدلاً.. ومساواة.. وعشرة) .
وخلاصة القول : فمن لم يستطع إقامة حدود التعدد ورُزق بالمرأة الودود الولود التي تستطيع بناء كيان الأسرة في حالة من الاستقامة وحسن العشرة.. فخير له الإبقاء عليها بعيداً عن التعدد.

قال تعالى : {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا} [النساء:3].
وبالله التوفيق ،،
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *