وأخيراً.. عثرنا على الكرسي المفقود

• إيمان يحيى باجنيد

في مقاعد الدراسة علمونا أن الاكتشافات لا تلغى، بل تكون بداية لسلسلة من النتائج تتسع وتكبر ليظهر عنها اكتشافات جديدة مع التقدم العلمي، أمر طبيعي وهذا هو القانون المنطقي وفقاً للقاعدة الربانية (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)، فنحن في كل لحظة من لحظات حياتنا نضيف القليل من المعرفة والعلم بقصد أو بدون قصد، وهذا الأمر ينطبق على جميع العلوم الكونية أو يفترض به أن ينطبق، إلا عندما يتعلق الأمر بالنفس البشرية وتوابعها فإننا نسير بقاعدة أخرى ألا وهي(يجُّب ما قبله)، فلا نعترف بمن سبقونا في تقيمهم للاحتياجات الإنسانية، ونقوم بإلقاء كل مجهوداتهم في حاوية “الاستنتاجات المغلوطة” وقد يأتي زمن نكتشف فيه أن (هرم ماسلو) لم يكن مثلثاً أو أن ماسلو نفسه كان مصابا بخلل أوصله لذلك الاستنتاج، فنصرخ مولولين (لقد وقعنا في الفخ)، ليس فخ واحد بل هي مجموعة.. لا نكاد ننجو من الأول إلا ويداهمنا الثاني على حين غرة، بداية من أن القمر جرم سماوي مليء بالصخور وما ترتب على هذه المعرفة من احباط في منطقة رهافة الحس داخلنا، وصولاً إلى أن ألعابنا ونحن صغار تفسد الأخلاق وتحفز على الأنانية والتسلط.
هنا لي وقفة.. هل حقاً نحتاج إلى أساليب في التربية الحديثة نغيير بها الطرق التي تربينا عليها ونحن صغار.؟ إن كانت الإجابة بنعم.. فلماذا لازلنا نعاني من فساد الأخلاق الناتج عن الألعاب الحديثة، ولما أصبحنا نشكوا كثيراً من انحدار التربية ونتشبث بكل أستشاري نفسي وبكل متخصص تربوي لننهل منه وسائل تعيننا في التغلب على معضلات التربية الحديثة التي استخدمناها ولم تنجح.؟
أمر محيّر.. هل أتناقش معهم أم أطلق الفرمانات، هل أعلق العصا أم أضع كرسي العقاب، أو كرسي التفكير كما أطلق عليه مؤخراً من باب الترقيق، أم ألجأ إلى “سجن الضمة الصامتة” وفقاً لرأي الدكتور مصطفى أبو السعد..؟
أكاد أجزم أنني في هذه اللحظة قد أثرت قريحة الكثيرين، وأن منكم من يتمنى أن يجري اتصالاً سريعاً بي ليخبرني بالطريقة الأمثل في تربية الأبناء، الناتجة عن خبرته المتواضعة التي من الممكن أنها لم تؤت أكلها أو أفسدت الثمار وقت حصادها.
ثار كثير من الجدل حول لعبة الكراسي وما تخفيه من نيّة غير صحية، زرعت في نفوس ابناءنا حبهم لأنفسهم وعززت الأنا عندهم، وقد يصل بالبعض إلى الإقتناع في أن هذه اللعبة شديدة الخطورة على مستقبل أبنائنا، وأنها السبب في وجود أشخاص من جيل السبعينات تمسكوا بمقاعدهم ولم يبرحوها.. نتيجة لخوفهم من أن يأتي من ينزعها منهم أو يدفعهم بعيداً ويحتل مكانهم كما تشير إليه قوانين اللعبة.
عبارة سمعتها من الأستاذ بدر اليماني في دورة تدريبية عندما سأله أحد الحضورقائلاً: لما يحدث ذلك الخوف عند بعض المدراء إذا ظهر في من حولهم من بانت عليه علامات النجاح..؟
قال: هو يخشى على مكانته لأنه “..سرق الكرسي..”
إذا هل يمكننا القول أن ذلك السارق اعتاد في صغره على أن يكون الفائز دائماً في لعبة الكراسي.؟

للتواصل على تويتر وفيسبوكemanyahyabajunaid

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *