نفقدهم
تحكمنا المشاعر في حياتنا، وكثيراً ما تغلبنا أحكام القلب، وتسيطر الأحاسيس على قراراتنا، وهذا ما يُميّزنا كبشر، لأننا نحتكم لأحاسيسنا سواء كانت إيجابيّة ومفعمة بالحب أو العكس بكونها سلبيّة وتحمل غضباً وأحياناً تحمل كرهاً، ونمرّ خلال يومنا بعّدة مشاعر متناقضة حتى للشخص الواحد أحياناً، فقد نغضب منه في الوقت الذي نخاف عليه أو نشتاق إليه، وقد نتمكن من السيطرة على كل ما نمرّ به في حياتنا من مواقف وصعوبات إلا المشاعر فنادراً ما نسيطر عليها أو نتحكم بها بل على العكس هي المتحكمة بنا دائماً، وإن حاولنا معارضتها أو توجيهها، وفي كافة تعاملاتنا اليوميّة توجهنا أحاسيسنا، فما يعجبنا نقترب منه وما يريحنا نحبّه والعكس إذا ما أتعبنا أمر فإننا نصدّ عنه ونحاول الابتعاد عنه أو التأقلم معه بمضض لأنه لا خيار آخر لدينا.
أصعب إحساس نمرّ به هو الفقد، والفقد قد يكون بفراق أحدهم إمّا بالموت وهو الأصعب، أو بسبب مواقف الحياة واختلافات وجهات النظر، وهنا يكمن تحدي النفس في أنك تقاوم مشاعرك الإيجابيّة الجيّاشة فتتحمل هذا الفراق مهما كانت أسبابه، إلا أن الواجب فعله إطلاق العنان لمشاعرك وعدم كتمها، فمن تحتاج إليه يجب أن يعرف ذلك، ومن تهواه يجب أن تخبره، ومن يضايقك الفت نظره لذلك، خاصة إذا كُنتَ حريصاً على عدم فقدانهم من حياتك، فلن تستطيع إرجاع الزمن يوماً لتعّبر عن مشاعرك لهم، فالكثير منّا يشعر بأحاسيس تجاه الآخرين أو المقرّبين منه ويلاحظ ملاحظات لكنه يحبسها في قلبه ولا يعّبر عنها، أو قد يخطئ في حق أحدهم إلاّ أن كرامته لا تسمح له بالاعتذار أو محاولة ردم الفجوة فيبقى على موقفه يعتصره الحنين والأسف لكنه يُكابر على إحساسه ويفضل البقاء على موقفه في حين أن كلمة واحدة قد تُعيد المياه لمجاريها، وتعود الحياة سعيدة، ولو فكرنا دقائق مع أنفسنا وتأملنا الحياة حولنا وكم هي قصيرة، وكم من عزيز وغالٍ ذهب للأبد من أمام أعيننا وكم كنّا نكنّ لهم مشاعر ونخطط أن نقولها لكن الموت كان أسرع من مخططاتنا، لذلك لا تحملوا في قلوبكم إلا الحب، ولا تتركوا هذه الحياة وقلوبكم مليئة بالحقد والكره، وابتعدوا عن ظلم الآخرين وأذيتهم، ولا تتسبّب بمشاكل لأحد فيأخذ الله أمانته والآخرون يتحسبون ويدعون عليك، ويفرحون لموتك وفراقك، فقط، افعل الخير ووزّع الابتسامة وازرع الحب واترك أثراً جميلاً يذكرك به الآخرون ويدعون لك في حياتك ومماتك.
دعا الإسلام للحب والتسامح والله تعالى أكبر المتسامحين وعلينا أن نملأ قلوبنا بالتسامح وحب الخير للآخرين ومساعدتهم وعدم البحث عن أخطائهم لمعاقبتهم وإظهار جوانب النقص فيهم، فالله يحب الستر ومن رأى منكم أخطاء غيره فليغضّ النظر عنها إن لم تكن جوهريّة، واتركوا الخلق للخالق ولا تنصّبوا أنفسكم قضاة ولا تحكموا على الناس فقد تظلمونهم لأنكم اعتمدتم على أهوائكم ومزاجكم في الحكم!
عبّروا عن مشاعركم بحريّة، اعتذروا واعترفوا بأخطائكم وافتحوا صفحة جديدة، صارحوهم بحبكم وبأشواقكم ولا تكتموا غضباً ولا ضيقاً، تكلموا بهدوء عن أحاسيسكم وشاركوا من تحبونهم تلك الأحاسيس!
التصنيف: