ميزةُ القذافي عن غيره من (الزعماء)

• محمد معروف الشيباني

محمد معروف الشيباني
المنقِّب عن مآثر القذافي لا يجد أبلغ من سخريته في قمة دمشق، مذكِّراً بصدام (الدور جاي عليكم). بينما لن يشكو ناقده شُحّاً في معايِبِه، فصحيفتُهُ زاخرة. لكن ميزةً واحدةً، بَزَّ بها سواه، ربما تكون مصدر إنقاذه و حضوره المستقبلي بعد إنتِزاعِ حكمه. إنها عيْشُهُ على الشغب و القلاقل. الرؤساء كلُهم يؤولون إلى هربٍ أو سجنٍ أو قتل .. لا رابع لها. لا يُحسِنونَ التحول إلى (زعيم عصابة) في المنفى. يظهر و يتوارى. ينهب خزائنَ بنوك سِرْت و يُحمَّلُها في سيارات، ليخرج من محاصريه دون أن تَشُوهَ وجوهُهم. و غداً سيفجّر هنا و هناك، ليَحيى بقيةَ عمره شوكةً غاصةً في حلوق نظام و حياةِ شعبه. إنه ضمانُ استمرارهم في أحضان الدول العظمى (لتحميهم منه). دور (زعيم العصابة) المتهوِّر الثائر مدى الحياة، لا يستطيع رئيسٌ غيرُهُ لعبَه. لذا طبيعيٌّ أن يُلفظَ الآخرون عند ساعة الحقيقة، غير مأسوفٍ عليهم، و أن يُحمى (الزعيم)، ليغادر في مائتيْ سيارةٍ مصفحة تحت أعيُنِ الأقمار الصناعية، بعد تأمين أسرتِه و فكِّ أسْرِ أبنائه و إصطحاب خزائن ذهب و نقدٍ لا تستطيع (الإفراج عنها) الأمم المتحدة و لا (أصدقاء) ليبيا.
و يزيد دورَ القذافي أهميةً أبناؤُه المنَشَّؤون على نهجه، ليحملوا لواء (زعامته) مستقبلاً. فلو مات و رثوا ثورتَهُ و المطالبة بعرشه، و إن أُسِر ابتزُّوا آسِريه. يُسندهم في ذلك مقربون شرسون لأهداف العصابة أُنْجُوا معه، و غطاءُ دولٍ إفريقية أَوْهَنُ من بيت العنكبوت أوكِلَ لها أن تصبح أرضاً تُقِلُّه و سماءً تُظِلُّه. المهم أن يبقى ما بباطن ليبيا نعيماً للعُصبة الدولية، و ما بظاهرها فُتاتاً متقزِّماً من بشرٍ لاهثٍ خلف وَهْمِ الديمقراطية و الحرية. غَدُ القذافي أهمُّ للغرب من أمسِه. إنه حقاً (زعيم) .. لكن (زعيم عصابة). هل يستطيع أن يُجاري دورهُ الجديد أحدٌ ممَّن حضر قمةَ دمشق ؟
email: [email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *