من هم أصدقاء أطفالك؟

زين امين

ذهبت الي منزل ابني لأفضي بعض الوقت مع أحفادي .. عمر احدهم لا يتجاوز الثلاث سنوات ..رأيته متعلقا بهاتف والديه الذكي او احد اللوحيات الإلكترونية ..يفرها ويستحضر مقاطع فيديو وموسيقي ويرقص عليها. !! ولا يبالي بأية مغريات من ألعاب وحلوي اقدمها له ..بل ولم يلتفت إليها بتاتا ..

انه يعيش في عالم آخر .. مثلما كان ابناؤنا يعيشون في عالم آخر مع المربيات والشغالات ويتأثروا بهن وبلغتهن وعاداتهن وسلوكهن .. وبالطبع كنا ولا زلنا نمقت هذا التصرف وهذا السلوك من قبل الابوين ..وفشلنا في حل هذه المشكلة؟ ! ..

وانا اجول بفكري في هذه المعضلة وجدتها الي زوال .. واقصد تاثير المربيات والشغالات علي تربية ابنائنا ..؟ لان هناك حقائق جديدة وجدت علي الارض ستكون هي المحور الرئيسي في التاثير علي تربية الاجيال الجديدة من ابنائنا واحفادنا سواءا في المنزل او المدرسة او الشارع .. بل سينطبق نفس الشئ علينا نحن الكبار البالغين .. ؟ حيث سنتحول الي ما يسمي بالاجيال الرقمية ..؟

عزيزي القارئ .. هل تذكر عندما كنت انت صغيرا ثم شابا كان والديك يسألانك عن اصدقائك للتعرف عليهم بهدف الاطمئنان عليك انك في صحبة اصدقاء طيبين ؟..وهكذا فعلنا مع ابنائنا ..اما اذا سألت احفادك اليوم ..من هم اصدقاؤكم فستكون الاجابة هي اسماء بعض البرمجيات والمواقع وشخوص الالعاب الالكترونية ..

او روبوت ذكي اسمه هوزانجا .. او مجموعة من البشر يعيشون في العالم الثاني يتواصلون مع بعضهم البعض باجهزة الواقع الافتراضي المعزز وستفاجأ ان بعض هذا العالم يشكل البيئة الخصبة لتربية اطفالنا ويغرس فيهم قيم ومفاهيم جديدة لعالم لا تدركه انت ولا تستطيع الوصول اليه ولن تعرف مكنوناته وخباياه ..انها اختيارات الابناء لشخوص يتخذونها قدوة لهم ..

يا سادة ..لا بد ان ندرك ان التكنولوجيا الرقمية غيرت شكل ومضمون العلاقات الاجتماعية علي وجه كوكب الارض ..لا شك ان التكنولوجيا اعادت تشكيل الطريقة التي نعيش ونعمل بها .. وكيف نأكل ..وكيف نتسوق ..وكيف نحصل علي المعلومات والرعاية الطبية عبر الاجهزة والمعدات الرقمية .. وبالتالي تغيرت علاقة الطبيب بمرضاه ..وعلاقة الطلاب بمدرسيهم ..وعلاقة الابناء بوالديهم .. وعلاقة الناس ببعضها البعض.. الخ.

واسمح لي عزيزي القارئ ان اركز في هذه العجالة علي تاثير التكنولوجيا الرقمية علي ابنائنا بالحقائق التالية حفاظا علي وقتكم والايقاع الزمني السريع .

** علاقات افراد العائلة الواحدة في الاسرة الواحدة تغيرت واخذت شكلا ووجها آخر .. فالعلاقات المعتادة بين الجدود والاباء والابناء اختلفت جذريا.

لقد كانت الارشادات والتعليمات والنصائح تنزل من الاعلي الي الاسفل اي من الكبار الي الصغار ..اما الان فان الجدود ينشدون المعرفة والاجابات علي تساؤلاتهم من احفادهم ..فالاحفاد يعرفون كيف يتعاملون مع الانترنت وقراءة خرائط جوجل ..وايضا يعلمون الاباء والاجداد كيفية استعمال الاجهزة الذكية وحل المشكلات المتعلقة بها ..وكيفية حفظ المعلومات في الفضاءات المفتوحة ..

وكيف يطلبون الطعام الجاهز ..ويطلبون سيارات التكاسي ..والشراء عبر المواقع الالكترونية ودفع قيمها عن طريق البنوك اليا .. لقد اصبح هناك جيل يسمي الامة الرقمية ..او المواطنين الرقميين .. اؤلئك هم من ولدوا وترعرعوا في كنف الاجهزة الالكترونية ..ان هذا الجيل يقدر اليوم بحوالي 450 مليون انسان بين طفل وانسان بالغ .. وخلال العشر سنوات القادمة سيتضاعف هذا الرقم ليصل الي المليار انسان ..!!

** اجيالنا الجديدة واطفالنا سيكونون متعلقين باصدقاء يتمتعون بالذكاء الاصطناعي المزروع في ادمغتهم ..ليس ذلك فحسب .. ولكن مدرسيهم وقدواتهم ستكون مجموعة من الروبوتات شديدة الذكاء والقدرات الفائقة .. يتحاورون معها ويتصلون بها ويتناقشون ويفشون اسرارهم لها بل تصل بهم العلاقة الي الذروة عاطفيا ووجدانيا..بحيث اذا تعطل الروبوت سيعني ذلك انه تعرض لمرض عضال يهدد حياته وسيصبح طفلي وطفلك هم الاطباء الذين يعالجون تلك الجماعات والاصدقاء بل يحافظون عليها ويرعوها كما نفعل مع الانسان والحيوان ..

وخصوصا ان تلك الربوتات ستتطور وتصبح كائنات شبه بشرية مصنوعة من مواد ولدائن بايو تكنولوجية وتتمتع بذكاء اصطناعي يفوق المخ البشري في قدراته ..وستكون تلك الشخصيات مميزة السمات ولها كريزما خاصة بكل واحدة منها وفق الطلب .. انه عالم مثير لك ولي ولابنائك واجيالنا القادمة ..

ولكي لا اطيل عليكم ..سأترك لكم اعزائ القراء الفرصة للتخيل واستشراف المستقبل بالنسبة لاصدقاء ابنائنا واحفادنا من الاجيال الرقمية وكيف ستكون عليه الحياة معهم ولهم وبهم.
وتذكروا علي الدوام ان العالم يتغير ..

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *