قد نتعرض أحياناً لمواقف من الغرابة أنها تجعلنا في حيرة، فلا نستطيع تفسيرها ولا معرفة أسباب تعرضنا لها، تماماً كموقف تلك السيدة التي كانت تجلس بقربي في صالة انتظار المسافرين في إحدى المطارات، عندما لفتت انتباهي بضحكتها المكبوتة، مما جعلني أنظر نحوها نظرة سريعة متعجبة، قالت دون أن تلتفت نحوي:
الأيام دي بنشوف أصناف من الناس ما تعرفيلهم وصف..

استمرت حالة التعجب داخلي لم أكن أعلم هل توجه حديثها لي، أم أنها تتحدث في هاتفها، فلم أفهم من كلماتها سوى أن هناك من أزعجها، وبما أنني لا أحب الخوض في حديث لا يبوح به صاحبه، ولا يخصني بشكل مباشر.. أشحت بوجهي عنها، إلا أنها تابعت بعد أن أشارت على سيدة أخرى تجلس في الكرسي الذي أمامنا:
من وقت ما جلست وهي ما رخت عينها عني لدرجة وترت أعصابي..
يمكن مشبهه عليك.!

حتى لو كانت مشبهه مومن حقها تزعجني بنظراتها.. تجي تقولي أنا مشبهه عليك، لو طلع تشبيهها غلط.. “تحل عني”.

حقيقة كم هو مزعج ذلك الشعور الذي يجعلك تتحرك ولديك يقين أن هناك كاميرات مراقبة بشرية، تتبعك حيث تذهب دون سبب مقنع، مع أنه حتى لو وجد ذلك السبب.. فليس من حقك أن تعدُ عليّ حركاتي وسكناتي.
شاهدت للفنان بدر صالح مشهداً معبراً عن حالة مشابهة لموقف السيدة، كان يتحدث فيه عن الطريقة المثلى للقضاء على الفضوليين فقال:

عندما أتعرض لأحد الفضوليين يحاول مشاهدة شاشة جوالي، أغير فوراً ماكنت أنوي كتابته وأستبدله بكتابة أخرى أقول فيها (في واحد ملقوف واقف جمبي و بيحاول يقرأ إلى أنا بأكتبه في الجوال) نعم سخرية لاذعة ولكن في مكانها الصحيح، و بأسلوب إبداعي لعلاج حالة “اللقافة” عند البعض باستخدام قاعدة “وداوها بالتي كانت هي الداء”.
من فضلك.. اسمح لي أزعجك ليست عبارة في مضمونها غريبة فالإزعاج في هذه الأيام أصبح يحمل صبغة اللباقة والذوق إلى الحد الذي جعلنا نشك أحياناً في أكونه تعدي على راحتنا وتدخل مبّطن في حياتنا الخاصة..

من فضلك ممكن أختارلك لبسك..
أعلمك كيف تتكلم.. كيف تاكل..
أتدخل في تربية أولادك..
أنظملك دراستك.. مستقبلك .. علاقتك بمن حولك..
من فضلك ممكن أعيش بدالك.؟

من فضلكم أنتم.. اسمحوا لي، لا أريد منكم تطبيق خبراتكم و دراساتكم الحياتية والعلمية على شخصي، وإن كنت لا أتناسب في تصرفاتي مع ما هو مطلوب في عالمكم المنظم المبني على أسس علمية أو اجتهادية، – لا أعلم من أين أتيتم بها – فليس هناك أبسط من أن تستعينوا بي لوصف النموذج السيء، الناتج عن عدم التطبيق السليم لتلك الأسس، ثم دعوني وشأني دون أن يسألني أحدكم بذوقه المعهود وأدبه الجم:
– ” من فضلك .. ممكن أزعجك؟”
ستكون إجابتي أكثر ذوقاً عندما أرد قائلاً :
-“يزيد فضلك.. ما أبغى أتعبك.. خليها في مناسبات إزعاج أخرى”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *