مشكلة عالمنا السني الحقيقية
بعض المقالات التي تنشرها صحفنا المهاجرة، والتي تصدر من خارج البلاد تحمل افكاراً أقرب الى بث اليأس من انفسنا، ففي مقال نشرته “الحياة” يوم 10/ 1/ 1438هـ تحت عنوان (العرب هم المستهدفون وليس المسلمون) فالمقال يزعم ان العالم السني تراجع او ضعف في مواجهة ما اسماه القوة الصاعدة بقيادة ايران ومن يؤيدها، او ينخرط في مشروعها الاستراتيجي من شيعة العرب، ولكنه بعد قليل يتراجع ليقول: قناعتي ان هذا تبسيط للمشكلة، او التفاف عليها وهروب منها، فالعالم السني واسع وشاسع بسكانه، وجغرافيته ودوله التي ليست مستهدفة، ولا أحسب ان ايران تفكر في استهداف دول كماليزيا او اندونيسيا او تركيا، وهو بذلك يظهر جهلاً عظيماً، لا العالم السني تراجع او ضعف، ولا ان هناك قوة صاعدة لايران ومن يؤيدها، فلا يزال حجم ايران كما كان من قبل، ولا يخشاها العالم السني أبداً، وليس هو بالضعيف تجاهها، ويوم تكون المعركة بين قوة تمثلها ايران واشياعها، والسنة وجمهورها فحتماً الانتصار لجمهور المسلمين وهم السنة، مع اننا لا نظن ان مواجهة كهذه ستكون الا ان فقدت ايران صوابها وحينها تكون حكمت على نفسها بالاندثار لا كقوة بل كأمة – ان كانت اليوم تمثل امة واشك في ذلك – والمستهدف العرب والاسلام معاً، ولو عرف ثقافتنا الاسلامية حقيقة ان مكونها الاول والذي نشر هذا الدين هم العرب، لذا كان اسلافنا يقولون العروبة والاسلام وجهان لعملة واحدة، لكنه وللاسف محكوم بثقافة جزؤها الاعظم شيعي والقليل منه عربي، كما ان ايران تستهدف ماليزيا واندونيسيا وباكستان وتركيا، وما عليه الا ان يسأل حكومات هذه الدول وشعوبها ليعلم ان الحقيقة غير ما ادعاه، ويوسع صاحبنا دائرة العداء للعرب بعد ان سلخ عنهم الاسلام، فيقول: العرب هم المستهدفون من كل اللاعبين على المسرح، غربيين واسلاميين وروس واتراك وامريكيون، والغربيون والامريكيون وعداؤهم للعرب والاسلام لا ينكر، والروس اليوم ليس لهم عداء مباشر لهما، واما الاتراك وان كان لهم اطماع في ارض العرب، لكنهم لا يعادون العرب والاسلام أبداً، ثم يصب جام غضبه على حكام السنة، ويصفهم بأبشع الاوصاف فهم بين داعية مشعوذ، وجنرال متغطرس، وآخر متواطئ، ومنهم كما زعم ايضا الرئيس العاجز، ثم يقول: من هذا يبدو العالم العربي في أسوأ احواله تمزقاً وتردياً فبعد قرنين من مناهضة السيطرة الغربية، تحت شعار مقاومة الاستعمار فحتى مقاومة الاستعمار التي قامت بها شعوبنا عربية ومسلمة عنده ليست سوى شعار لا قيمة له، ثم يذكر استعانة بعض دولنا العربية بالدول الغربية وعلى رأسها امريكا، فضلاً عن خصمها التاريخي والايديولوجي روسيا لحل مأزقه، وهو الفارق في حروبه الاهلية وصراعاته السياسية في صورة تجنٍ لا تجدها الا عند حاقد على العرب والاسلام لا عند من يدعي بحث مشاكلهما بعين داخلية فاحصة، وعلى هذا النحو يمعن في تصوير هذا العالم العربي السني بأبشع الصور، مما توهم للقارئ بانه هو وحده المسؤول عن خراب العالم لا الوطن العربي فقط، اما ايران فهي وحدها التي عارضت الغرب وانتصرت عليه، وهي الخالية وحدها من كل الاوصاف التي ألصقها الكاتب بالعرب وجمهور السنة من المسلمين، وقل لي لمن ينتسب الكاتب اخبرك عن هويته الثقافية ومذهبه السياسي.
والغريب ان ينشر هذا المقال في صحيفة تنتسب الينا وان صدرت في الخارج، كفانا سخرية من انفسنا ان نتيح لغيرنا ان يقلل من شأننا ثم ننشر له ما يهجونا به، اللهم اصلح قومي فلعلهم لا يعلمون.
ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]
التصنيف: