إن الحكومة السعودية قد أولت جلّ اهتمامها، وعظيم جهدها للبنية التحية، المتمثلة في المشاريع الحيوية، والأساسية، كدولة تسعى دائماً للتطوير والتطور، والرقي بوطنها ومواطنيها، من خلال الخدمات المقدمة في شتى المجالات، وخاصة في المشاريع الأساسية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، مشاريع المياة والكهرباء، ومشاريع الصرف الصحي، ومشاريع تخفيض منسوب المياه، خاصة في الأحياء التي تعاني من طفح المياه والتي تموج فوق بحيرات من المياه السطحية!! ومشاريع تصريف السيول، وأهمية كل ذلك ليس في رفاهية المواطن، وتقدم الوطن، فقط، بل في سلامة المواطن، وبناء الوطن !!
ورغم كل ذلك !! فمشاريعنا عالية الإنفاق متواضعة التنفيذ، لماذا ؟!! بل تُعد من أكثر المشاريع ميزانية على مستوى العالم، بل المملكة من أعلى دول العالم إنفاقا على المشاريع، مقارنة بالميزانية السنوية للمملكة وتلك الدول المتقدمة !! حيث بلغ الإنفاق الحكومي للمشاريع الإنشائية نحو 385 مليار دولار حتى 2014 !!
ومن المتوقع أن يزيد الإنفاق الفعلي خلال العام القادم عن المقدر في ميزانية عام 2015م، خصوصا إذا تحسنت أسعار النفط.
ومع هذا، فالهدف وحده لا يكفي، بل الأهم منه الوسيلة والطريقة المثلى، أو على الأقل الصحيحة، للوصول لتحقيق ذلك الهدف، بأقل جهد، وأسرع وقت، وأقل تكلفة!! وهذا مايدور حوله مفهوم الجودة..
فإذا لم يتم تنفيذ المراحل الأساسية للمشروع بالطرق الصحيحة، وصولاً لتحقيق الأهداف المبتغاة، فإن ذلك ما هو إلا هدر للطاقة، والوقت، والجهد، بل والمال، في تلك المشاريع غير المكتملة أو المتعثرة، أو المنفذة بطريقة سيئة، لها عواقب وخيمة، قد تكون بشرية لا سمح الله كما حدث في جدة سابقا !! فكما قيل ليس المهم معرفة ماتريد فقط!! بل الأهم منه، معرفة كيف تصل إلى ما تريد !!
أي معرفة كيف نحدد الاتجاه؟!! فتشخيص الوضع الحالي بمعرفة أين نقف الآن؟!! وتحديد الهدف بمعرفة أين نريد الوصول؟!! والتنظيم بمعرفة كيف نصل إلى مانريد ؟!! والتنفيذ، كيف أعرف أني وصلت؟!! والتقييم، كيف أعرف أن ماوصلت إليه هو المطلوب؟!! والتقويم، من خلال، الإبقاء على جوانب القوة، وتعديل جوانب الضعف، واستبعاد جوانب الفشل!! مع مصاحبة عملية المتابعة لكل المراحل السابقة !!
فعدم التقيد بالمتابعة، والتخاذل، والتهاون في تطبيقها، في كل جانب من جوانب المشروع السابقة يُعد نوعا من أنواع التقصير، بل الفساد!! فمفهوم الفساد، لم يُعد يقتصر على ؛ السرقات، والاختلاسات، والصفقات الوهمية، والمناقصات الشكلية، بهدف إرساء المشروع على هذه الشركة، أو تلك!! بل أصبح يعني التقصير في أي جانب من جوانب المشروع!!
وبالتالي، فمن خلال معاناة المجتمع، من التقصير الحاصل في بعض المشاريع الحيوية، سواء كان ذلك في سوء التنفيذ، أو تعثر المشاريع، أو توقفها لفترة زمنية طويلة، أو سحبها من المقاول، والبداية من جديد، في مناقصات،قد يكون المقاول الجديد أسوأ من السابق!!
يعود كل ذلك، بسبب إبرام عقود لباطن!! أو ما يُسمى شركات الباطن، ونعني بها، التي لا تملك لا كفاءة ولا تأهيل !! بل قد لا تملك أدنى معايير الدقة في التنفيذ!! فنرى أن بعض تلك المشاريع، رغم أهميتها وحيويتها تبدأ من شركات، ومؤسسات لها قيمتها، ووزنها الكبير، ومكانتها العالية، ثم ينتقل المشروع، إلي شركات أخرى، حتى تصل إلى مقاول بسيط!! يستأجر المعدات والأيدي العاملة غير المؤهلة، ولا القادرة على القيام بمثل تلك المشاريع !!
وختاما فقد يكون أحد الحلول الناجعة، إيقاف عقود شركات ومؤسسات الباطن التي أضرت بالوطن، والمواطن، وإلزام الشركة الأساسية التي تم إرساء المشروع عليها، بالتنفيذ للمشروع، وليس بالتحويل أو التفويض !! أو على أقل تقدير لا يسمح لها بتحويل المشروع إلا لشركة، أو مؤسسة واحدة لا غير، تكون متخصصة في ذلك المجال، مع المتابعة، والمراقبة، والتقييم المستمر!! ولاسيما أن حكومتنا الحبيبة تنفق بسخاء على هذه المشاريع، لإيمانها بأهمية راحة ورفاهية المواطن ورقي وارتقاء الوطن.
الرياض

[email protected]
Twitter:@drsaeed1000

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *