عبد الله فراج الشريف
لدينا ظواهر كثيرة نحتاج أن ندرسها بعناية، ونحن نتطلع إلى مستقبل لبلادنا تتطور فيه، وتلحق بركب الأمم المتطورة، التي قطعت في سلم الحضارة شوطاً بلغت فيه الدرجة العليا من التقدم في شتى مجالات الحياة، ولعل من الظواهر المسيئة إلى ثقافتنا هذا الحب المتنامي عند الكثيرين لحب الظهور، فترى من يدعي العلم وهو جاهل به، وقد عرضت في مقالي السابق إلى لون من هذا الإدعاء والتباهي بما لا يحسن الفرد، فظهرت فكرة الاستشارة والمستشارين في شتى المجالات لمن لا يملك علماً أو خبرة في ما يدعيه، حتى كدنا أن نقول إن لدينا لكل مواطن مستشار، وانتشرت فكرة التدريب، وأصبح لدينا مدربون ينعتون أنفسهم بالعالميين، وكثرتهم لا يحملون شهادة علمية في ما يدعيه من علم وخبرة، وتخصصه العلمي بعيد كل البعد عما يدعيه، واعتاد القنوات الفضائية خاصة الممولة سعودياً أن تقدم لنا أفراداً تمنحهم لقب محلل، فهذا محلل اقتصادي، ولم يتخصص في علم الاقتصاد، وهذا محلل سياسي نستمع إليه لأول مرة يسأل عن حدث سياسي خليجي فيأتي السؤال من وادٍ وتأتي الإجابة في وادٍ آخر ولا يلتقيان، ويتحدث عن الحدث الذي ظهرت فيه العديد من المقالات التحليلية باللغة العربية وبلغات العالم الحية، ونكتشف أنه لم يقرأ منها مقالاً واحداً، بل تشعر وأنت تستمع إليه أنه لم يقرأ كتاباً واحداً في نظريات التحليل السياسي، ويظن أن ترديد مواقف الدول الخليجية التي ينتمي إليها هو التحليل السياسي المطلوب، وقد استمعت إلى أحدهم يدعي أنه يحلل موقف دول مجلس التعاون من قضية زيارة الرئيس الإيراني لجزيرة (أبو موسى) الإماراتية، فلم يزد عن أن ردد عبارات البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية المجلس، وكلما سئل عن رأيه أخذ يردد التأييد للبيان، وموقف دولة الإمارات المعلن من احتلال جزرها الثلاث، فهو يجهل تماماً متى نشأت هذه القضية وكيف تطورت، واستضافة مثل هذا وإدعاء أنه محلل سياسي يسيء إلى ثقافتنا ويشوهها مع هذه الظواهر السيئة فهل ندرك هذا ونتلافاه. هو ما أرجو والله ولي التوفيق ..

ص.ب 35485 جدة 21488
فاكس: 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *