مبروك التعيين وأحسن الله عزاءكم

• د.سعيد بن علي الفقيه

لازال المسلسل المكسيكي يعرض حلقاته، والتي تجاوزت الكثير من الحلقات، ولا زال المشاهدون يتابعون حلقاته بأعداد متزايدة !! ليس حباً فيه، بل لبشاعة سيناريو تلك الحلقات المرعبة، التي خلت من الإنسانية، بمشاهدها الدموية ، ولقطاتها المخيفة !! التي تُصدم لهولها العقول ، وتتقطع لمناظرها القلوب ، وتحزن لرؤيتها النفوس ، وتدمع لمآسيها العيون !! فهنا أجسادا مقطعة، وهناك أشلاء ممزقة، وهنا أعضاء مبتورة ، وهناك عظام مكسورة !! بل هنا أعداد في ازدياد لأطفال يتامى، وهناك أمهات لفقد بناتهن ثكلى، وآباء لمصابهم فجعى!!
ومع هذه الظروف، وتلك المآسي، يخرج مسؤول لهذه الجهة أو تلك، بالعبارة المشهورة ؛ هذا قضاء وقدر، وهذا مصير منتظر !! نعم قضاء وقدر، ولكن أيها المسؤول من السبب ؟!!
لقد كانت مخرجات نظام التعيين في أغلبها لا تخرج عن نتيجتين كلها مأسوية ؛
إما موت فوري أو أثناء إسعاف الحالة!!
وإما إصابات أو إعاقة دائمة !!
وبعد كل هذا أتمنى من المسؤولين الذين في أيديهم قرار التعيين، أن يضعوا أنفسهم مكان إحدى تلك الأسر المكلومة، بفقدان أرواح فلذات أكبادهم المسلوبة !!
ألا يجدر بأولئك المسؤولين أن يستشعروا عظم تلك الأمانة التي حملوها في تعيين أولئك الخريجات وتحملوها!! ألم يأن لهم أن يقفوا وقفة تأمل ومحاسبة لأنفسهم قبل أن يقفوا أمام الله فيحاسبهم عن كل قطرة دم سفكت، أو نفس أزهقت في حادث سير، كان بإمكانهم تغيير نهجهم ومنهجهم، وتخطيطهم وخطتهم سواء في التعيين أو في النقل والتكليف !! ومن ذلك تعيين كل خريجة في منطقتها إن تعذر تعيينها في مدينتها على أقل تقدير، أو تسهيل النقل والتكليف دون شروط تعجيزية، أو أنظمة صخرية!!
كما علمنا وشاهدنا وعايشنا كثيراً من التعيينات لبنات الشمال في الجنوب وبنات الجنوب في الشمال، وقس على ذلك بقية المناطق !!
ألا يجدر بالمسؤولين عن التعيين وحركة النقل تحقيق رغبات المتقدمات حفظا لأرواحهن وتقديرا لظروفهن ؟! اليست بنت الوطن التي جدت واجتهدت وسهرت الليالي، للحصول على ذلك المؤهل، لتكون:
أولًا: ممن يساهم في بناء هذا الوطن في مجالاته الكثيرة، ومن أهمها؛ الصحة والتعليم !!
وثانياً: لتحسين حالة أسرتها المادية، فكم من أسرة فقيرة محتاجة، كانت تنتظر تعيين أبنتها بفارغ الصبر، ولكن فرحتها لم تكتمل بسبب مكان التعيين، وكأنه عقاب لها ولأسرتها!! بل كأنه تحدي لهم بقبول تلك الوظيفة!! وعندما تقبل تلك الأسرة بهذا التحدي، لم يكن تحدي الند بالند، ولكنه رضوخ الضعيف للقوي والموافقة على الخيار الوحيد، والاختيار الصعب، بوضع بناتهم في مهب الأعاصير !! إعصار الغربة وإعصار الظروف !!
فيا الله إليك المشتكى أولا من قساوة بعض القلوب، وعناد بعض الأنفس، وهيمنة بعض الطبع والطبائع، على بعض البشر !! ثم إليك ياولي أمرنا ياخادم البيتين، فبناتنا في كل يوم لهم قصة وحكاية مع الغربة والكربة، ومع العاهة والنهاية !!
الرياض
[email protected]
Twitter:@drsaeed1000

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *