[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]صالح المعيض[/COLOR][/ALIGN]

ليس من السهولة بمكان، أن أسلط الضؤ على منجزات ومعطيات دولة وكيان ونحن نحتفي بيومنا الوطني، في هذه العجالة، لذلك رأيت أن أوجز إيجازا آمل ألا يكون مخلا، خصوصا وأن هذه المرحلة المميزة تأتي تتويجا لمعطيات تلك الحقبة.
وبداية لابد أن من يطل اليوم على هذه القارة السعودية، يلمس وعن كثب، عطاء مرحلة مسيرة الاحتفاء والتي هي المسافة بين ذلك الماضي الكئيب المخيف المفجع، وبين هذا الحاضر المشرق السعيد، قد تكون مسافة من الزمن هي في عمر الدول فترة وجيزة، ولكنها على هذا الثرى الطيب المبارك، صنعت مجدا وكيانا واستعادت هيبة ومقاما، وجمعت أمة وحققت أمنا وسلاما، أقامت دولة فريدة وعصرية ذات دستور وسيادة، واكبت الحاضر بتاريخ مجيد ومسيرة مظفرة أذهلت المتابع واستحوذت على إعجاب المؤرخين والساسة فراحت تشيّد بذلك البناء وتلك المعطيات، كان بطلها موحد هذا الكيان، وباني مجده، المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله رحمة الأبرار.
ثمانية عقود منذ إعلان قيام المملكة العربية السعودية سبقها عمر جيل سعى خلاله عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه في توحيد أطرافها بدأ من الرياض في صبيحة الخامس من شوال عام 1319هـ حتى إعلان قيام المملكة في الأول من الميزان من عام 1351هـ وقضى منها (22) عاما في بناء الدولة العصرية، بدءا من إرساء أسس الحكم على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم، مرورا بنظام الهجرة، الذي كان فيما بعد السبب في قيام المدن وتسكين البادية، واستقرار السكان، والذي تبعه في صور متتالية ومتكاملة كافة النظم الإدارية، التي سخرت جميعها لأمن وراحة وطمأنينة المواطنين ومن يقيم على هذا الثرى المبارك، ولعل أمن وتيسير مسالك وطرق الحجاج كانت من الأولويات الهامة لدى الملك عبدالعزيز، فكان له ما أراد، وبدأت التوسعات، وتأمين قوافل الحجيج ثم التدفق إلى الحج بأعداد لم تكن مألوفة من قبل، بعدما اطمأن الوافدون على تأديتهم النسك في يسر وسهولة لم يكونوا يعهدوها من قبل، ثم مشاركة المملكة في العديد من المحافل الدولية، وحضورها المميز، الذي أسهم في أن تكون عضوا مؤسسا وفعالا في كثير من المنظمات الدولية، أي أن (45 ) عاما قضاها الملك عبدالعزيز يرحمه الله في استعادة وتوحيد وبناء هذه الدولة، هذا بالإضافة إلى الأعوام التي سبقت فتح الرياض، والذي كانت فترة تخطيط وتأمل، وكانت ترجمة صادقة للنضوج الفكري والحنكة السياسية والبعد الحسي المدعوم بالإيمان الصادق والضمير الحي المتوقد، والممزوج بتقديس الوطن وحب المواطنين، تحت الراية التي لا تعرف التنكيس، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، سيما وأن هذا الثرى يحتضن المقدسات الإسلامية، مهوى أفئدة المسلمين وقبلة السجد الركوع.
المؤرخون كما أشرت آنفا وقفوا حيارى أمام نضج فكر ابن سعود، الذي جعل من البادية جامعة ومن الصحراء ورشة عمل وبناء، ومن قساوة الطقس دفء العطاء وإبداع التخطيط، وحد التناثر وألف التنافر، وجمع التناحر، وحارب الجهل ووأد الأمراض، وأقام دولة العلم والإيمان، عبدالعزيز كان فعلا معجزة القرن، فهو لم يبن ملكا لنفسه، بل بنى مملكة لشعبه، ولم يصطنع مجدا لذاته، فهو والمجد صنوان.
إذاً فلاغرابة أن نحتفي بيومنا الوطني ومرور ثمانية عقود على هذه المسيرة المظفرة حتى عهد تتويجها بالمنجزات الضخمة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، والتي تأتي وكما أشرت امتدادا لتك البداية الوطنية الحافلة التي أرسى قواعدها الموحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، وذلك احتفاء تنويريا يبتعد كل البعد عن البهرجة والتنظير التصويري،، والتركيز على ما تحمله تلك الاحتفاءات من مضامين تؤكد أهمية التمسك بالعقيدة الإسلامية، كمنطلق لتحقيق الخير والرخاء لبلادنا، وأن الاحتفاء ذا معاني سامية تختلف عما تحمله الاحتفالات عادة من من مظاهر، وذلك بتجنب المبالغة والالتزام بتعاليم الدين الحنيف، والبعد أيضا عن كل ما يسيء إلى العقيدة والقيم والمبادئ، وكل ما قد لا يعود بالنفع على الأمة، فقد كانت الثوابت راسخة لا تتغير ولا تتجزأ منذ قيام هذا الكيان، والفعاليات المعدة لهذه المناسبة، ستكون امتدادا لذلك النهج، وتلك الثوابت الراسخة، التي أرسى قواعدها باني وموحد هذا الكيان، والتي تواصلت معطياتها إلى يومنا هذا، وإلى عهد \”ابو متعب\” وفقه الله، عهد الرخاء الشمولي، عهد بلغت فيه المملكة شأوا كبيرا، وحققت مراكز متقدمة في كافة المجالات، وتبوأت مكانة مرموقة بين مصاف دول العالم وعلى كافة الأصعدة، وأكاد أجزم بأن كافة الأنشطة والفعاليات ستكون دروسا وتجارب، لأنها تحكي مسيرة قائد فذ وقيام دولة، تحكي مسيرة واصل فيها النهج حولت الصحراء إلى دولة عصرية لها ثقلها العالمي في كل محفل وفي كل مجال، وهي فرصة لجيلي والأجيال القادمة أن يكونوا على اطلاع مفصل على هذه المسيرة المظفرة خلال تلك الفترة، والتي تضاف بكل شموخ إلى مسيرة هذا الكيان وتضحيات الملك عبدالعزيز ومن بعده أبناؤه البررة سعود وفيصل وخالد وفهد يرحمهم الله، وأن ما نعيشه اليوم وفي ظل وعهد الملك عبدالله أمده الله بالصحة وطول العمر، أنه عطاء متواصل لمرحلة طويلة، صنعت هذا المجد وهذا الكيان، على الصعيد الدولي كان للمملكة دورا رياديا توجه ببصمات أشاد بها الجميع، وكانت مواقف المملكة العربية السعودية، مواقف ثابتة داعمة لكل حق ومؤكدة على حق السيادة للدول، وداعمة قوية لنشر الإسلام الصحيح. أما في مجال خدمة ضيوف الرحمن فمن خلال ذلك الزخم الهائل من الخدمات المسخرة للجميع بدء من ممثليات خادم الحرمين في الخارج مرورا بميناء الوصول حتى لحظة الوداع، ومن خلال هذا الكم المتقن من المرافق، التي أولت حسن الأداء والجودة جل عنايتها، ومن خلال هذه المنجزات الجبارة والمتلاحقة التي سخرت بسخاء منقطع النظير خدمة لضيوف الرحمن، بدءا من توسعة الحرمين الشريفين أضعاف مضاعفة، ومرورا بتطوير المشاعر في كل من (منى وعرفة ومزدلفة) وإنشاء المجمعات السكنية، وأحدث الطرق العالمية وفق أحدث ما توصل إليه العالم من جسور وأنفاق وطرق ومد شبكات المياه والكهرباء والهاتف وأخيرا سكك الحديد والتي بدأها بقطار المشاعر ثم قطار المدينة مكة وكل ما من شأنه تسهيل سكن وتنقلات وأداء نسك الحجيج بكل يسر وسهولة، وذلك من خلال منظومة متكاملة، وحلقات كبيرة متواصلة، من المرافق والمنجزات العملاقة، وخدمات شمولية متناهية الرقي.
أما في مجال البنى التحتية لكافة مرافق الدولة، ومرحلة التركيز على الاستثمار وخصخصة بعض المرافق الحكومية ابتداء بالهاتف ودور القطاع الخاص وما واكبها من تطور، فالحديث أيضا هنا قد يطول بنا ويحتاج إلى مساحة أكبر، لكن يكفي المملكة أنها وفي جميع المجالات، قد حققت قفزات رائعة مليئة بالمنجزات والمعطيات الجبارة، التي حصلت في معظمها إن لم يكن جميعها، على شهادات تفوق عالمية، تؤكد سلامة النهج ونصاعة الصورة وحجم العطاء لذا فليعذرني القارئ هنا على هذا الإيجاز الذي آمل ألا يكون مخلا، مع ابتهالنا للعلي القدير أن يديم لمملكتنا الفتية بصفة خاصة وأمتنا الإسلامية بصفة عامة، خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وأن يديم على الجميع نعمة الإسلام هذا وبالله التوفيق.
جدة ص ب 8894 فاكس 6917993

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *