لم يبق من شهر الصيام الا ايام قليلة نسأل عز وجل ان يكون ختامها قبولا من الله لاعمالنا كلها صياماً وقياماً وذكراً وتلاوة، وان نكون لنا سببا في رحمته ومغفرته وعتق رقابنا من النار، فنفوز يوم العيد بالفرحتين فرحة الفطر وفرحة قبول الاعمال والوفاء بها لرب هو رؤوف رحيم بنا، والله أسأل أن يكون قد استجاب لدعواتنا خاصة المضطرين منا فشفى من سأله الشفاء، وأغنى من أحسّ ذل الحاجة والفقر، وحقق لكل مسألته فخزائنه سبحانه لا تنفذ وفضله على عباده عظيم، وإن كان لنا من دعوة نسأله ان يجيبها لنا فهي أن يحفظ لوطننا أمنه وسلامته وأن يغني أهله حتى لا يحتاجون إلى عون أحد وأن يظل للحرمين الشريفين بعين رعايته وان يدرأ عنهم كل خطر، لتهوى إليهم أفئدة المؤمنين عبر الزمان حتى قيام الساعة، وأن يزيد أهلها من كل خير، فالعيد لا يكون سعيداً إلا بأمن وأمان، ومحبة ووداد بين جميع المواطنين في هذا البلد الكريم، والعيد وإن كان مناسبة دينية لفرحة الفطر والوفاء بالصيام، إلا أنه فرحة عاملة شاملة للكبار والصغار، يفرحون بأيامه ويسعدون بلياليه، ويترفهون خلال ايامه، فمظاهر الفرحة والسرور في حد ذاتها مستحبة، مادامت تحصل بأمر مباح ليس فيه محرم أو مكروه، ولابد للآباء والأمهات أن يشاركوا أولادهم الفرحة بالعيد، ويخرجوا بهم الى المتنزهات والى كل مكان فيه ما يفرحهم من العاب، وحتى ان يسافروا بهم الى اماكن في هذه الدنيا فيها اماكن لألعاب الاطفال وافراحهم، فإدخال الفرحة على الابناء ذكوراً وإناثاً من المهمات في تربيتهم، التي تعدهم للحياة فلا تشعروا قط بنقص في أيامهم الأولى في الحياة، فإن ذلك يصحح لهم النشأة ويجعلهم أقدر فيما بعد على تلقي العلم الذي به يتسلحون لما يأتي من حياتهم حين يعملون في أوطانهم وهم يشعرون أن فيها كل ما احتاجوا اليه صغاراً فوجب عليهم ان يعملوا لها وهم في منتهى السعادة، والا تمر أيام العيد وهي راكدة ساكنة، ينام الناس في نهارها ويأنسون باجتماعات الكبار في ليلها، فمستقبل كل وطن هو أجيالها الجديدة من الصغار والمراهقين، فإقبالهم على الحياة له ثمن، وثمنه أن تكون نشأتهم سعيدة، وكم أتمنى دوماً أن يجد أطفالنا خير رعاية في الصغر حتى اذا نضجوا ليكونوا أشداء في كبرهم، يجدون في أنفسهم القدرة على خدمة الوطن دائماً، العيد وحتى وان كانت الأحوال التي بها هذه السنين سيئة إلا أنه يجب أن يبقى زمن وهج ينتزعنا من مشكلات الحياة أياماً قلائل نجدد بها نشاطنا وقوتنا في مواجهة جميع مشاكل الحياة في الوطن فنحن بشر ان خيم علينا الحزن دوماً، وزعمنا أننا جادون دوماً في الحياة لا يعرف الطريق الى حياتنا لهو في الحياة او تريض او اشتغال بما يدخل السرور على النفوس، وظننا ان ذلك مما يحث عليه الدين ويرغب فيه فما فهمنا الدين فهماً صحيحاً، فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “لمن ظن أنه اذا كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعظهم فذكر النار ثم جاء الى بيته فضاحك صبيانه ولاعب امرأته، فانه حينئذ نافق، فلما ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: “يا حنظلة ساعة وساعة ولو كانت قلوبكم كما تكون عند الذكر لصافحتكم الملائكة حتى تسلم عليكم في الطرق وروى عن ابي الدرداء رضي الله عنه قوله : (إني لأستجم لقلبي بالمشيء من اللهو ليكون قوة لي على الحق)، وما ينسب للامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه قوله: (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإنها اذا إكرهت عميت)، وعلى كل حال أعاد الله هذا العيد واعياد كثيرة بعده على أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم – وهي خير أمة أخرجت للناس يتآمر افرادها بالمعروف ويتناهون عن المنكر ويؤمنون بالله).
ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *