كلام الناس

نعيش في مجتمع متعدّد الثقافات والتوجهات والأمزجة، وكل فرد منا له مبادئه وقيمه الخاصة التي تربّى عليها ونشأ، والمبادئ الخاصة لا تخضع لقانون الخطأ أو الصح إلا إذا تعارضت مع الدين، ودون ذلك ما قد نراه صحيحاً يراه البعض خطأ والعكس صحيح، وطالما أننا نتمتع بحرية التفكير والتصرّف فإنه من حق كل منّا أن يمارس حياته بالطريقة التي تناسبه والتي يراها مناسبة له، وإن كانت لا تناسب غيره!

ورغم أن كل فرد في المجتمع يحب أن يتمتع بهذه الحرية، ويرفض تدخل الآخرين في حياته إلا أنه لا يتردد في التدخل في حياة الغير ويحكم على تصرفاتهم دون دراية وأحياناً دون معرفة شخصية لهم، وهذا ما يجعلنا دائماً في أرق من كلام الناس، فالأغلبية لا يعيشون حياتهم كما يرغبون بسبب كلام الناس، فنجدهم يحسبون لهم ألف حساب، وقد يضيقون على أنفسهم أو يكلفون على أنفسهم بسبب كلام الناس، فهم إما ينتظرون المدح من الناس أو يخشون الانتقاد!

من الطبيعي أن نراعي أخلاقيات المجتمع الذي نعيش فيه، وألا نقوم بتصرفات تُهيج المجتمع أو تخلق الفوضى فيه، لكن في المقابل من حقنا أن نعيش كما نريد ونستمتع بالحياة ولا نتكلف بها من أجل الآخرين، كما أن على الآخرين عدم التدخل في حياتنا وطريقة حياتنا وميولنا ورغباتنا، فهم أيضاً يودّون التمتّع في حياتهم ويرفضون التدخل في تصرفاتهم.

للأسف إن إحدى الطاقات السلبية في مجتمعنا هي مراقبة الآخرين، فالكثير يقضي وقته في متابعة الآخرين وملاحقتهم أين ذهبوا وماذا فعلوا ومن هم؟؟ نعم إن شبكات التواصل الاجتماعي ساهمت في ذلك أكثر ولكن البعض هذه هوايته حتى بدون التواصل الاجتماعي، فنجد معظم المجالس الرجالية أو النسائية تتعرّض للآخرين وتحركاتهم وتصرفاتهم ولا أعتقد أنهم يقبلون ذلك على أنفسهم!

والمشكلة الكبرى هي أن البعض يهوى التأليف، فنجد كماً من القصص التي لم تحدث لكنها أُلصقت في أسماء لا يعرفون عنها شيئاً ويتناقلونها في المجالس وشبكات التواصل الاجتماعي وكل منهم يحاول إثبات تلك القصة الملفقة بطريقته، وقد يتعرّضون لسمعة الآخرين وشرفهم ويشككون في أخلاقهم وانتماءاتهم وغيرها من الأمور التي تسبب لهم الضرر النفسي والمجتمعي!

الناس ستتكلم بكل الأحوال إلا إذا كفّ الناس عن الحديث عن غيرهم، فسيعيش المجتمع بهدوء وأمان عندما ينشغل كل منهم بنفسه وبتطوير ذاته والاستمتاع بحياته عوضاً عن مراقبة حياة الناس، ومن جهة أخرى يجب علينا عدم الاهتمام بكلام الناس مهما كان، فإذا أساءوا لنا فنحن على يقين بأن الله سيأخذ حقنا، وإذا راقبونا فسيتعبون وستتمكن منهم الطاقة السلبية ويعيشون في حسد وعذاب.

فإذاً لا تهتم بكلام الناس، ولا تلقِ بالاً لأحاديثهم التي لن تغيّر من وجودك وكيانك وسعادتك شيئاً، وعش حياتك بالطريقة التي تناسبك وتريحك طالما أنك تعلم أنك لا تخترق القانون ولا الدين

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *