في الآونة الأخيرة تصاعدت الضغوط والمطالبات بمراقبة ملاحي قيادة الطائرات، والتأكد أنهم لن يتعرضوا لضغوط العمل والارهاق الناتج عن قضائهم الساعات الطوال في الجلوس في قمرة القيادة، وأمام مقود الطائرات، ومراقبة الشاشات والتعامل مع ضغوط السفر الطويل ليلا ونهارا، وتأثرهم صحيا؛ نتيجة تغير ساعات النوم، ونوع الطعام والشراب والضغوط الاجتماعية والعائلية أثناء قضاء ساعات الراحة، وهم على الأرض ..الخ.

لقد حدثني صديقي القدير الكابتن عبدالله وزنه- أحد كبار طياري شركة الخطوط الجوية العربية السعودية الأكفاء- ودار الحديث عما يشاع عن دلع الطيارين، ومطالباتهم لظروف عمل أكثر راحة؛ اعتبارا للضغوط التي يواجهونها أثناء طيرانهم .. وقال لي: يكفي أن تتعرض الطائرة لعاصفة رعدية عنيفة، وان تضرب الطائرة صاعقة واحدة اثناء طيرانها، وما تسببه من صدمة عنيفة يواجهها الطيار،

ليفيق بعد جزء من الثانية؛ لكي يتعامل مع الموقف فنيا واحترافيا، ويهدئ من روع الركاب، وبقية طاقم الملاحين .. وهكذا مع الظروف الأخرى التي يواجهونها من خلل فني اثناء الطيران، ربما يهدد سلامة الطائرة وركابها ..

ان هذا النوع من الضغوط والصدمات تؤدي إلى التوتر والذي يعتبر العدو الأول لأمراض القلب والشرايين .. الخ .. ويعتبر السبب الرئيسي في فقدان الطيار لياقته الصحية والبدنية للطيران ..أو حتي ربما تؤدي الى وفاته – لا قدر الله ..

آخر الدراسات تشير الى ان العالم يتجه إلى تحديد بداية ساعات العمل الاداري ابتداء من الساعة العاشرة صباحا الى الساعة الرابعة عصرا ..اذا كان هذا هو الحال والتوجه بالنسبة للموظفين الذين يعملون علي الأرض، وهم أقل ضغوطا في العمل من الطيارين، وايضا هم اكثر أمانا أثناء التقلبات النفسية والجسمية،

وفي حاجة ماسة لغفوة قصيرة أثناء العمل -غفوة القطط- فما بالك بالطيار الذي لا يستطيع أن يغفو إلا وفق برنامج مقنن لساعات العمل أثناء الطيران بوجود طاقم ثان، وثالث للتناوب علي إكمال مسار الرحلات. ؟؟!!

وأعود لساعات العمل الجديدة المقترحة، وتخيل لو أـن هذا النظام اعتمد وأمكن تطبيقه خصوصا ونحن في عصر التكنولوجيا والاتصالات والانترنت ووسائط التواصل الاجتماعي والاعمال، حيث تمكن الموظف ان يعمل من منزله على مدار الساعة واليوم .. كيف ستكون الحياة على وجه الأرض؟

اولا.. سيكون لديك ساعات أطول للراحة والاستمتاع بالسهر، ولقاء العائلة والأصدقاء وستكون الطرقات أقل ازدحاما ..وحوادث مرورية أقل .. وسيكون لديك وقت أطول للنوم وستتمكن من تناول وجبة الافطار ..وكل ذلك سيؤثر علي صحتك ايجابا ..فستتقلص مصاريف رعايتك الصحية … الخ

لقد اثبتت الدراسات ان الذين يعملون لأكثر من 55 ساعة اسبوعيا .. يتعرضون للذبحات الصدرية بنسبة 33% أكثر من غيرهم، والذين يعملون أقل من تلك الساعات ما بين 35 الى 40 ساعة .

انني اهيب بوزارات العمل ومنظمات المجتمع المدني الخاصة بالعمل والعمال، ان تخضع هذا التوجه الجديد للدراسة والبحث وتقديم النصيحة والمشورة للشركات والمنظمات وارباب العمل؛ حفاظا على الموارد البشرية المنتجة .. وان تطلب الأمر فلابد من اصدار التشريعات والأنظمة والقوانين التي تنظم وتدعم نتائج الأبحاث والدراسات الخاصة

بجدوى تحديد ساعات عمل أقل …
أرى بصيص أمل أننا سنكون روادا في هذا الموضوع.. وسنقود العالم للحفاظ على الثروة البشرية، ورفاهية الحياة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *