لست أشك لحظة واحدة في ان قرار انشاء لجنة هيئة عليا للاشراف وتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة هو قرار صائب، لعله يمثل خطوة اولى حقيقية لتنمية كمية ونوعية لاصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة.
لذلك جاء القرار في موعده من اجل تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة جزءا من استراتيجية التنمية الاقتصادية وفي سبيل ذلك الحقيقة الجديدة سوف نلاحظ عزوف الشباب عن العمل الحر.
ان قضية تعثر المشروعات المتوسطة والصغيرة تحتاج الى نظرة واقعية للقضايا المختلفة والتحديات التي تواجه اصحابها لتوفير فرص عمل حقيقية لهم تأكيدا بأن هذه المشروعات هي افضل الوسائل للخروج من ازمة البطالة وتنتج فرص عمل ومشاركة في عملية التنمية، وتوسيع قاعدة القطاع الخاص ودوره في قيادة القاطرة التنموية.
من هنا تأتي اهمية الهيئة العليا الجديدة ودورها الكبير الذي ستلعبه للتنمية والذي امل ان يتعاظم، اذا علمنا من سجل تاريخ ولادة فكرة المشروعات المتوسطة والصغيرة منذ سنوات مضت لوجدنا دور الصناديق الاجتماعية للتنمية انها كانت مجرد ممول للمشروعات التي يتقدم بها الشباب اليها، ولم يكن لديها خطة متكاملة مدروسة تنتج من خلالها افكاراً لمشروعات قابلة للتنفيذ مع دراسة الجدوى الخاصة بها لتكون في متناول يد كل من يرغب في اقامة مشروع جديد دون ان تكون لديه افكار جديدة بالاضافة الى غياب متابعة مراحل تنفيذ المشروع وتذليل اي صعوبات تظهر في الطريق.
وحول تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة فانه سيظهر للهيئة العليا الجديدة ان اسباب التعثر ينطلق من المشكلة مزدوجة فلا يوجد فكر اقتصادي متكامل لدى كثير من المتقدمين في هذه المشروعات وخاصة الصغيرة حتى ان بعضهم يستخدم القرض في سداد ديونه او شراء سلع استهلاكية، والبغض الآخر دخل في مشروع متكرر لا يوجد على منتجاته اقبال، كما انه لا يوجد فكر تمويلي متطور لدى الصناديق التنموية السابقة.
وفي ضوء ذلك يبرز لنا سؤال هام هو: ماهي ابعاد المشكلة او ازمة التعثر؟ ان اسباب التعثر يأتي نتيجة لظهور العديد من المشاكل ومن اهمها عدم وجود الدراسة الجادة للمشروع الذي قدمه للاقتراض وعدم وجود خبرة سابقة في مجال المشروع سواء كان صناعياً او تجارياً وعدم خبرته بالموارد البشرية التي تساعده في تنفيذ ما يصبو اليه وعدم كفاية خبرته بالامور الاقتصادية المعقدة، بالاضافة الى ان بعض اصحاب المشروعات الصغيرة اساء استغلال القرض الممنوح له بتجميده في اصول ثابتة مع ان القرض مدته محددة بخمس سنوات للقرض قصير الاجل يمول به مشروعات صغيرة الاجل وليست طويلة الاجل، والبعض الآخر استخدمها في الاستخدامات الشخصية التي لا تحقق العائد الاستثماري.
يؤسفني ان اقول ان السبب وراء كل ما تعانيه الآن المشروعات الصغيرة في بلادنا هو غياب الكفاءة المهنية لدى الشباب واستمرار عجزهم عن التغلب على هذه السلبية الطارقة لقروض مشاريعهم والجاذبة لحالات “التعثر” الذي يعانون منه.
لذلك لابد ان يفكر اصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة وهم يتقدمون للهيئة الجديدة بالفكر العملي وان يتفاعلوا ويصوبوا انفسهم بأنفسهم في ضوء استراتيجيات الهيئة الجديدة فيتطورون خطوة بخطوة.. فالعنصر التراكمي غاية في الاهمية لنجاح المشروعات المتوسطة والصغيرة، ولكن للاسف فهو كثيرا ما يكون غائباً في تجارتهم.
وفي اعتقادي ان امام الهيئة الجديدة حزمة من القضايا المهمة لمنع فشل المشروعات المتوسطة والصغيرة التي يراها الخبراء الاقتصاديون اهم وسيلة لمواجهة ازمة البطالة وان تضع الشباب وهم اصحاب المشروعات الصغيرة محل الاهتمام لانها عملية استثمارية ناجحة ومريحة على المدى البعيد فبقدر ما تعطي اصحاب المشروعات الصغيرة وترعاهم وتعدهم الاعداد السليم بالقيام بمشروعاتهم يكون العائد سخياً على شكل خبرات بشرية وتصبح بحق ثروة العصر وتقف سداً امام تحديات التنمية المستدامة والمتواصلة في بلادنا.
والحقيقة انه من اجل التغلب على ازمة التعثر الذي تعاني منه المشروعات الصغيرة خاصة فانه سيظهر او يجب ان يكون على قائمة استراتيجيات الهيئة الجديدة اولا تنمية مهاراتهم فلا تنمية ولا نجاح لمشاريعهم بابعادها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والامنية، وثانيا متابعتهم مرحلياً بتقدير نجاحهم وتشجيعهم.. فمثلث المشروعات الصغيرة (الدولة + الشباب + القطاع الخاص) تعتمد على التفاعل بين عناصره لرفع مستويات المعيشة ومجابهة أخطار البطالة في النهاية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *