فقيه والصحة وكوارث جدة 3/3

• صالح المعيض

تناولت في الأسبوعين الماضيين حال الصحة بوجه عام وفي محافظة جدة بشكل خاص وأشرت إلى أنه في 20 /4 /2014 وقبل إعفاء معالي وزير الصحة السابق الربيعة بـ 24 ساعة كتبت تحت عنوان (الأمير مشعل ينتزع قناع الصحة بجدة) وذكرت يومها أن مجلس الوزراء أحسن صنعاً في جلسته الأخيرة آنذاك بالتأكيد على وسائل الإعلام بعدم نشر أخبار مرض (كورونا) والأمراض المعدية إلا بعد الرجوع لوزارة الصحة . وكم تمنينا حينها أن يقابل هذا التأكيد بتأكيد آخر على وزارة الصحة بالشفافية ووضع الإعلام بكافة وسائله في الصورة واختيار الكوادر المؤهلة في التخاطب مع الجمهور.
واستكمالا للتوطئة للحال المتردي الذي اشرنا إليه، حول تكرار ظاهرة ارتباك الشؤون الصحية عند كل حدث ، مما يدلل على عدم وجود أي ردة فعل إيجابي مدروسة عند أي كارثة لاسمح الله وغياب أي إستراتيجية جيدة موضوعة سلفا . واستذكرت حينها مع الجميع صور تلك الليلة العابسة لمسئولين عن الصحة بجدة وهم أمام كاميرات وعدسات الإعلاميين والمصورين بصور لاتكاد ترى شيئاً من ملامح وجوههم لإرتداء الكمامات وإعلان إغلاق طوارئ المستشفى والاستعاضة بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز عوضا عن مستشفيات جدة ، الصور والتصاريح كانت مفجعة.
وهل بلغ الحال بالشؤون الصحية بجدة أن تتحول إلى عراك إعلامي ومناوشات لتبرير ماحدث وإتهام آخرين بالترويج والكمامات وإغلاق الطوارئ ينفي شماعة (الشائعات المغرضة إن ماحدث في تلك الليلة العابسة وما قبله تعتبر في عرف الأحداث حدثا جللاً) اعقبها فوضى لم تثيرها الإشاعات كما يرددون . بل تلك الصور الرهيبة والمخيفة وما رافقها من إغلاق لأقسام الطوارئ .. ثم ما تتابع بعد تكليف معالي المهندس عادل فقيه وزيرا للصحة من كشف هول الحدث وأنه لم يكن مايثار حينها عبر وسائل الإعلام والتواصل إشاعة بقدر ما هو واقع مؤلم وخطأ جسيم. ثم ما تبع ذلك من إجراءات إستبدال مستشفيات الشؤون الصحية بمستشفيات القطاعات الأخرى التي يظهر أنها كانت أكثر جودة وجاهزية .
لقد ساد الهرج والمرج وكاد يتطور الوضع لولا الله ثم الحكمة التي تعودنا عليها من المسئولين الذين يدركون مهامهم وجلّ مقامهم . فكان صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله أمير منطقة مكة المكرمة بروح المسؤلية والأمانة تحرك شخصيا إلى موقع الحادث.وكان مجرد ظهور سموه الكريم في قلب الحدث أشبه بالمصل الذي أعاد للجميع الطمأنينة. وهذه صور جميلة تعودنا عليها حينما تترهل معطيات بعض المرافق لنجد ولي الأمر أو من يمثله يقف بنفسه ليطمئن أولاً ثم ليعالج السلبيات نحو مستقبل أكثر إشراقاً .
لقد تناوب على إدارة مستشفى الملك فهد في العشر السنوات الأخيرة خمس إدارات أجزم ويجزم كل متابع أنهم فشلوا في تحقيق ما يتناسب مع ما رصد له من إعتمادات عدا د. عبداللطيف خوجه الذي فضل العودة للعمل كطبيب لما لمسه من عدم إكتراث من الشؤون الصحية بجدة . حيث كان هناك وكما أشرت في أكثر من مقال إنفصام كبير بين الإدارة والإستشاريين وبين رؤساء الاقسام بعضهم ، مما إنعكس سلبا على الأداء حتى وصل الامر لمعالجة مرضى بملفات مرضى آخرين وتجميد عمليات أياما كاملة لأن عامل التعقيم لم يقم بواجبه وقد يتغيب عشرات الفنيين والمرضى أياما لمشاكل مع شركاتهم ، وبالأمس هرب بعض الأطباء والممرضين أمام كورونا ، وكذلك إستلام مستشفيات ذات بنية تحتية كبيرة ثم تبقى سنوات دون تشغيل فعلي كما هو الحال مع مستشفى الملك عبدالله ومستشفى شرق جدة .
كم كنت اتمنى عدم معالجة سوء الإدارة بتعيين المستشارين المبدعين في تخصصاتهم كمدراء حتى لا نخسرهم في مجالاتهم .والأهم أين مدراء المستشفيات الذين بعثتهم الوزارة من قبل تخصص إدارة . أين هم من مستشفيات وزارة الصحة ؟! وهنا لا بد من المراجعة الجادة لما فيه الصالح العام بإذن الله..هذا وبالله التوفيق.
جدة ص ب ـ 8894 فاكس ـ 6917993

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *