رمضان هو سيد الشهور ولاشك، وهو الزمن الفاضل الذي ما استغله العبد في طاعة الله الا حظي برضوان الله عز وجل، فرحمه الله وغفر الله واعتقه من أن يدخل النار، لذا ظل المسلمون عبر تاريخهم يفرحون بقدوم هذا الشهر الكريم ويشمرون فيه عن ساعد الجد لعل ما لم يوفقوا اليه من الاعمال الصالحة في غيره، يكرمهم الله بها فيه، وها نحن قد ذهب اكثر للشهر وما بقي لنا منه إلا أقله، فيوم ان ينشر مقالي هذا يكون قد مضى في الشهر ثلثاه ولم يبق منه سوى عشرة أيام وقد تكون تسعة، والعشر الأواخر من هذا الشهر لها فضل عظيم، فقد ثبت في الصحيحين ان سيدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما تروي عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (أنه كان اذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره) وقد شرع الرسول صلى الله عليه وسلم استحباباً الاعتكاف في هذه العشر في المساجد لتمتلئ بعباد الله يقومون الليل ويصومون النهار ويرفعون الأكف اليه يدعونه ويرجون رضوانه وخير ما يشغل الانسان نفسه به في هذه العشر مع القيام الصيام ان يكثر من تلاوة القرآن، فهي الذكر الخالص لرب العباد، يعتادها اللسان ويرق بها القلب وما أحوجنا إلى ذلك في زمان تنتشر فيه قسوة القلوب، وهي أيام فاضلة كل عمل صالح فيها يزداد ثوابه، والصدقة عمل عبادي يخلص الانسان فيه نفسه من البخل، ومن حب المال الذي يشغله عن محبة طاعة الله، والمسلم هو صائم عليه أن يتذكر اخوانه ممن يمر بهم الشهر ولا يملكون من حطام الدنيا شيء، فليمد لهم اليد وليعينهم على صعوبات الحياة وفي العشر خير ليلة من ليالي الدنيا وهي ليلة القدر، التي انزل الله فيها القرآن وأنعم بها علينا: (إنا انزلناه في ليلة القدر)، تلك الليلة التي لا يوفيها حقها سوى ربها وربنا، فهي في العمل والفضل خير من ألف شهر، فكأن العبادة فيها تساوي العبادة في الف شهر وما أعظمه في ثواب لمن أراد أن يصل الى الآخرة مغفور الذنب، ويكثر فيها نزول الملائكة لكثرة بركتها، يحيطون بحلق الذكر، وفيها يفرق كل امر حكيم، وهي ولاشك سالمة من الشرور فلا يحصل فيها شيء منها، وهي ليلة ترتجى في هذه الليالي العشر، ولم تعين حتى نظل نتحراها في كل رمضان والآكد في هذه العشرة الأخيرة وهناك ليالي تتحرى فيها اجتهاداً كليلة احدى وعشرين، وأنها ليلة ثلاث وعشرين، وأنها الليلة الخامسة وعشرون او التاسعة والعشرون، وثبت في الصحيح قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) وهي قد تكون منتقلة في العشر كما ذكرنا فعلينا الاجتهاد في الطاعة كل هذه الايام نهارها وليلها وأن تنفض عنا الكسل ونتعلق بحبل الله عز وجل، وكلنا رجاء ان يغفر لنا الذنب وان يرحمنا ويعتق رقابنا من النار، وان نكثر الدعاء فيها فالدعاء عبادة وهو في هذه الاوقات أدعى للقبول، وما أجمل صحبة الصالحين حين التعبد فهي تزيد العبد شوقاً الى ربه، ويقتدي بخير خلقه، فالاقبال على الله هذه الليالي كلها فيه الخير الجزيل لمن خشى ربه، فهل نحن فاعلون هو ما أرجو والله ولي التوفيق.
ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس 64070
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *