غرامات المرور.. وشاي الجمر

• صالح المعيض

أحاول أن استهل أي حديث عن المرور بتأكيد ماتقوله الأرقام الرسمية المحدثة والتي لاتكذب سيما وأن خسائرنا من حوادث المرور في العام الواحد في الآونة الاخيرة تجاوزت (15) مليار ريال خسائر مادية سنويا و (11) مليون مخالفة سنويا و (22) حالة وفاة يومياً و حالة وفاة كل ساعة تقريبا و إصابة أو إعاقة كل ربع ساعة ،

واتمنى ان لانكون هذه الاحصائية قديمة ، والذي اعلمه ويدركه كل متابع بل حتى العوام أن إحصائيات حوادث المرور كانت في متناول الجميع ومنذ أكثر من عقدين من الزمان ، ورغم فداحتها إلا اننا نجدها للأسف في إزدياد ، وكل ما يحدث اللهم أطروحات إعلامية لم نلمس لها أثراً على أرض الواقع ، رغم الوعود والمؤتمرات والبرامج التي نسمع بها بين فينة وأخرى ،

ولعل آخرها برنامج (ساهر) والذي كنت من اوائل المرحبين به علّ وعسى والحقيقة أنني اصبحت بعد هذه السنين والتجارب ،غير مكترث بما اسمعه من حلول لأن الواقع لا يشير إلى مساحة تذكر من الحلول الناجحة ، فلا زالت الحوادث في تصاعد مخيف .

للأسف نشير دوما الى أن الوافدين منذ السنة بل الشهور الأولى ومعظمهم عمال يمتلكون سيارات مترهلة ويجولون بها في شوارعنا دون رخص سير وكذلك الأطفال وبصورة مشاهدة يوميا وتهور الشباب في ظواهر مخيفة تهدد الارواح والممتلكات بل والقيم ، لذا يجب علينا أن نبحث بجدية وطرق علمية مدروسة عما يخفف على هذا المجتمع من عناء الخسائر اليومية التي تتولد عن الحوادث المرورية التي يئن بها الشارع السعودي.

مع بداية نظام ساهر تمنيت يومها كما اسلفت أن تكون برامج ساهر رافدا من روافد الدعم وأن لاتكون إحصائياتها مجرد ارقام كتلك الإحصائيات التي نمر عليها مرور الكرام دون أن نوظفها لتكون قاعدة بيانات نحو مستقبل أكثر إشراقا ،

وتساءلت يومها عن سر تسمية (ساهر) رغم أن الإحصائيات تشير إلى أن معظم الحوادث بالنهار ، وتعشمت في أن لا تكون حملة توعية ساهر لمجرد (بهرجة) دعائية كسابقاتها حينما كان مفعولها ينتهي بمجرد إنتهاء فترتها ، أو ربحية البركة في زيادتها.

اليوم وبعد مرور سنوات عدة على تطبيق نظام ساهر أرى أننا بحاجة إلى نظام واضح لتطبيق العقوبات على السائق المتسبب نفسه وليس مالك السيارة ، فلا يعقل أن يبلغ الشخص ستين عاما او اقل او أكثر وهو محافظ على سجله المروري من أي مخالفة ، ليجد نفسه في الأخير أن سجله مليء بمخالفات قطع الإشارة والسرعة الزائدة وخلافه ، لذلك فساهر مسئول عن تحديد المتسبب بعيدا عن المالك فهنالك مؤسسات حكومية وشركات وقطاع خاص ومواطنون السيارات باسمائهم ويقودها غيرهم بحكم النظام.

وكنت في مقالة 12 رمضان 1434ه نبهت إلى أنه على الجهات المعنية ان تتنبه إلى سلبية قاتلة تولدت من إثر نظام ساهر فهنالك شباب سعوديون حرموا من الابتعاث والجامعات لأن غرامات ساهر تراكمت بشكل لايمكن قدرتهم على التسديد ،

هنالك مواطنون بلا هوية بفعل نظام ساهر هنالك شباب لايستطيعون ضم زوجاتهم وابنائهم إلى هوياتهم الذين ارهقهم ساهر بالغرامات بل وأحبط طموحاتهم ، ولا أدري كيف سيكون الحل من الآن فصاعداً بعد مضاعفة الغرامات .؟؟!!

وفي ذات السياق شاهدت في الآونة الأخيرة حملة شعواء على خطيب الجمعة الذي نبه الجهات المعنية إلى ضرورة تنظيم محلات بيع (شاهي الجمر) التي انتشرت في كل شارع وطريق ، وقدم حديثا مرتبا وآراء كانت فعلا تستحق الاشادة وأن تكون أجندة عمل لمن يعنيه الأمر ، وليس التهجم والسخرية أو التحقير خصوصا ممن يفترض منهم تبني الفكرة ودراستها بجدية،

فهو لم يعمم واشار الى ذلك صراحة وقال اريد التنبيه ،ولكن يظهر أن هنالك من لم يستأنس بهذا التنبيه ، وراح ينتقد الخطيب ويفسر تفسيرات لو قسنا عليها برامج التوعية من مخاطر المخدرات لوجدناها ذات الرؤية والنهح ، ولعل هنا غلطة الشاطر كما يقولون بعشرة ،

وأجزم وأعمم وانا واثق بأن جميع من يمارسون بيع ( شاي الجمر) عليهم مخالفات مرورية يعجزون عن تسديدها اجبرتهم على هذه المهنة الترفيه، وبذلك قتلنا طموحاتهم وقبرنا آمالهم وهم أحياء ، فوجودهم في هذه الشغلة شيئا مما يعوضهم ويكرس سلبيات الاحباط في نفوسهم،ولكن مردود ذلك وكما اشار الخطيب أكثر خطرا وفتكا بالمجتمع ، وكنت اتمنى من الجهات المعنية تكريم هذا الخطيب الذي جعل من المنبر رسالة اجتماعية خلاقة ، لذلك لابد من إعادة دراسة نظام المخالفات والجزاءات المرورية من جديد ،

مع أخذ مرئيات جميع الجهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني . ويكون هنالك جهات تستدعي المخالف عبر الجهات التنفيذية إذا بلغت المخالفات ثلاث مخالفات حتى لانجد شبابنا ضحية نظام دمر حياتهم المعيشية ، كذلك هنالك وافدون يريدون العودة لبلدانهم ولكن غرامات ساهر اكبر من قدرتهم فأستحسنوا البقاء مخالفين مشكلين مخاطر واعباء على المجتمع ،

سيما ونحن نرى أن قطاعا يهدم جهود قطاع آخر وفي ذات الجهة لعدم التنسيق العلمي الممنهج ، هذا ما أجرؤ على ذكره وما خفي أعظم وبالله التوفيق.
جدة ص ب 8894 تويتر ( saleh1958 )

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *