عطش و تلوث بيشة.. ومسطرة الرؤية الثاقبة

• صالح المعيض

صالح المعيض
لاشك أن سبر أغوار “الرؤية السعودية 2030” اعطت مساحة للتأمل نحو مستقبل أكثر إشراقا ، الهدف منه إسعاد كل من على هذا الثرى المبارك والشعور بالأمن والأمان ، مما سيسهم في تلافي كثير من السلبيات ، التي كانت تعتري الخطط السابقة ، مما أحدث بعض المشاكل التنموية ، التي أثرت على بعض المحافظات ، ولعل من ضمنها محافظة بيشة ، والتي تحولت مع سوء الإدارة وركاكة الخطط من منطقة زراعية إلى صحراء قاحلة تنعدم فيها ومعها أي نسبة تسهم في توفير مياة الشرب فضلا عن حاجة الزراعة ، بل زاد الطين بلة تحويل سدها الشهير ثاني أكبر سد في الشرق الأوسط إلى بحيرة صرف صحي ، مما لوث مصدر الشرب الوحيد والبيئة العامة ، وسبق أن تطرقت هنا وعبر هذه الزاوية بعدد /11ذو القعدة 1430هـ الموافق 31أكتوبر2009م تحت عنوان (أهالي بيشة يموتون عطشاً يا وزارة المياه) أي قبل سبع سنوات حيث ذكرت آنذاك أنني كتبت الكثير وذلك منذ (35) عاماً حول مؤشرات أزمة قادمة للمياه بمحافظة بيشة وسأشير إلى بعض منها اختصار للوقت وخضوع للمساحة المتاحة، وقد اصبح الحال يرثى إلى درجة أن كثيراً من المنازل ببيشة تفتقد للماء النقي بالأسبوع والأسبوعين، ومما يتضح أن وزارة المياه بتطنيشها للوضع نعتبرها بلا اكتراث آخر من يهمه الأمر فقبل (35) عاماً وعبر صحيفة عكاظ كتب يومها مقالا عن حاجة بيشة لسدود كبيرة لحفظ هذه الثروة الكبيرة من المياه، وبعدها بـ 18 عاماً وبصحيفة البلاد كتبت مقالا آخر تحت عنوان (في بيشة النخيل تموت واقفة) العدد 10274 في 19-2-1413هـ هـ ثم مقالا آخر بصحيفة اليمامة بالعدد 1453 26-12-1417 هـ ثم مقالاً آخر بالاقتصادية بالعدد ـ 1316 ـ 26 مارس1997م هذا ماكتبته هنا قبل 7 سنوات وأضفت يومها أنني لا أبالغ إذ ذكرت وأقسمت وأنا شاهد عيان أن أهالي بيشة يشربون من المياه التي تدعي وزارة المياه أنها نقية، وهي تموج بأنواع شتى من الحشرات وبالذات (ديدان حمراء) تشاهد بالعين المجردة، ويذكر أنها خطيرة حتى للاستحمام فما بالنا بالشرب، ويظهر أن الحال حينما بلغ الزبى آنذاك توجه الأهالي لولاة الأمر حفظهم الله والذين فيما يظهر كلفوا معالي وزير المياه السابق بالوقوف على الحالة وسرعة التشخيص وعدم الاستعجال بمالا ينفع على الأمد البعيد، حيث وصل معالي وزير المياه السابق المهندس الحصين يومها في 2 /11 /1430هـ لمحافظة بيشة وتفقد محطة التنقية وسد الملك فهد والتقى المواطنين وشيوخ القبائل والأعيان، ووعد الأهالي بثلاث حلول للأزمة منها جلب المياه من خميس مشيط بالصهاريج وسحب المياه من متكون الوجيد والذي لم يبدأ أو إيصال المياه المحلاه من سبت العلايا.
الحلول المشار إليها والتي تناقلها الجميع أرى أنها حلول بنيت على استعجال، فنقل المياه من الخميس بالصهاريج له من السلبيات الكثير، وكم ياترى سيكفي بيشة؟ وكم سيكون سعر الصهريج بعد مسافة أكثر من (250) كم، ثم الأهم أن الطريق سيكون بعد أشهر غير صالح للاستعمال، أما سحب المياه من الوجيد فلا أدري مامدى الدراسة وماهو المخزون وكم نسبة تغطية الاحتياج؟ أما النقل من سبت العلايا بعد عام فهو تعليق وعود على مشروع (سبت العلايا) الذي لا أدري هل بدأ فيه أم تحت الدراسة.. ثم اقتران ذلك بشرط (بعد عام إذا وجدت حاجة لذلك بعد تأمين المياه من الوجيد.) فيه دلالة مخيفة على أن مشروع الوجيد لم يقم على دراسة وافية لأن معاليه متخوف من أن لايغطي الحاجة، و قلت يومها إذا صدقت تلك الأخبار التي يتناقلها الناس وأظنها كذلك، فإنني أعتبر الزيارة هي بمثابة نعي (أي خطوات جادة) لتأمين مياه الشرب لمحافظة بيشة، قلتها يومها مستمدا تأكيدي من واقع ملموس وتحرك غير جدي ، وها نحن بعد سبع سنوات صدقت توقعاتنا 100% ولا جديد اللهم وعود بل تم ذلك بخطأ إداري وربما تصرف فردي ، بالعبث بمصدر شرب أهالي بيشة الوحيد ، بتحويله إلى حاوية صرف صحي لمنطقة عسير ، وعلى الناس هنالك أن تشرب من الوعود ما تبل به ريقها.
إنني وإن كنت فقدت الأمل سابقاً أرى أن بيشة ربما تكون أكثر حظا مع الرؤية السعودية 2030 من جهة ومع تحرك معالي وزير المياه المكلف المهندس عبدالرحمن الفضلي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، سيما وأن شباب بيشة قد قابلوا قبل عام تقريبا معاليه بمقر وزارة الزراعة ووعدهم خيرا، فبيشة من الجنينة حتى واعر تحت وطأة مأساة ولعله يشعر بحجم الكارثة، ويستلهم أن الجميع أمانة في عنقه، فبيشة بحاجة إلى (ماء للشرب) في وقت يسير ولعل أيسرها مشروع شبكة تزود بيشة بالمياه عبر أنابيب من وادي بن هشبل ومن سبت العلايا، مع تأمين صهاريج نقل عاجلة لحين الانتهاء من تجهيزات الشبكة وأي حلول غير ذلكي (سراب في سراب).. فقبل (24) عاما كتبنا (نخيل بيشة تموت واقفة) وقبل (7) اعوام كتبنا( أهالي بيشة يموتون عطشاً يا وزارة المياه) ياترى ماذا ينتظر بيشة إذا لم يكن هناك تحركات جدية ؟!هذا وبالله التوفيق.
جدة ص ب ـ 8894 تويتر: saleh1958

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *