نعيش تقدما وتطورا واستخداما أمثل لوسائل الإتصالات الحديثة، لدرجة أنها أصبحت الأساس في تأدية الأعمال الرسمية لبعض الوزارات الحكومية، كما عملت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مشكورة بإطلاق رسائل نصية (مليونية) لتغطية تقصيرها في عملها الأساسي بمكافحة التسول!! والطلب من المواطنين عدم التعاطف مع المتسولين!! رغم انتشارهم الشديد في كل مكان !!

وغداً ستتجه بقية الوزارات والقطاعات لنفس النهج بالإعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية لتأدية أعمالها، بهدف توفير الراحة الكاملة لموظفيها!! ولا نستبعد مستقبلاً أن نجد إعلاناً صادراً من وزارة الخدمة المدنية يهدف لتوعية المتقدمين للوظائف الحكومية بالتوجه للصناعات اليدوية والحرفية لإيجاد فرص عمل غير الوظيفة، وليكن شعارهم (الوظيفة تقتل الطموح)!! وبناءً عليه تقوم مشكورة بارشادهم للبحث عن كبار السن للتتلمذ على أيديهم، والتعلم منهم كيفية عمل جرة من الفخّار، أو قربة ماء من المطاط، أو حياكة حوكة ومصنف، أو عمل من الحصير منسف !! عجبت وقد تعجبون!!

وبالتالي قد تغار وزارة التعليم بدورها من تلك المبادرات، فتطلق مبادرة لتوعية المعلمين والمعلمات عن طريق الرسائل النصية، تنبيه وتعليم، توجيه وارشاد، للمعلمين والمعلمات، عن اضرار وسلبيات طلب النقل الداخلي والخارجي على البيئة التعليمية، والعملية التربوية!! وأن ذلك الأمر يُعد من خوارق المروءة!! هل هذه آخر صيحة لهذه الوزارة أو تلك في تأدية أعمالها الأساسية والرسمية، وكيفية تطويرها؟!! عجبت وقد تعجبون!!

وقد نجد كذلك الإدارة العامة للمرور تطلق رسائل نصية لتطلب من سائقي السيارات الحرص من المفحطين، عن طريق عدم استفزازهم وترك المجال لهم ليمارسوا هواياتهم التفحيطية، وتوعية مستخدمي الطريق، بضرورة فسح المجال لأولئك الشباب، وعدم الالتفات لهم، بل تحاول أن تبتعد عن أي موقع يمارسون نشاطهم فيه!! ولهم في القضية طول نظر، فمع الوقت سوف لا يجد المفحط من يشاهده فيترك تلك الهواية !! اعجب وتعجبون!!

وقد تهرول وزارة الصحة فتتّبع نفس الأسلوب، وتسلك نفس الطريق، فتطلق رسائل نصية، فمن ناحية تحذّر المواطنين أن لا يمرضوا أبداً، وإذا مرضوا أن لا يتجهوا للمستشفيات، ولايتوجهوا للمراكز الصحية، بل ينتظروا حتى يأتيهم اليقين!! وبهذا تخلوا المستشفيات، ويقل البحث عن أعداد هائلة من الأطباء، وطواقم الكادر الصحي المتنوع، وبالتالي تساهم وزارة الصحة في راحة موظفيها!! عجبت وتعجبون!!

وعوداً على بدء لصاحبة المبادرة (المليونية) وزارة العمل والتنمية الاجتماعية!! هل زاد الشق عن الرقعة؟!! بسبب ذلك الإهمال من قبلكم في التصدي لأولئك المتسولين!! والذين في أغلبهم، إما أن يجمعوا أموالاً لمافيا ما !! عن طريق النساء والأطفال!! وإما أن تذهب لتنظيمات ارهابية، أو لجهات لنا معادية!! فأين الدور الحقيقي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ممثلة في مكاتب مكافحة التسول إذا كانت هذه المكاتب موجودة على أرض الواقع !! عجبت وتعجبون!!

أيتها الوزارات، والدوائر الحكومية، لقد وضع ولي الأمر تلك الأمانة في اعناقكم، ووفر لكم الميزانيات الضخمة لكل وزارة للقيام بأعمالها على أكمل وجه، وكما ينبغي !! فهل حملتم الأمانة كما يجب؟!! وهل أديتم مسؤولياتكم على الوجه المطلوب !! قال تعالى (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) (72) الأحزاب.

الرياض
[email protected]
Twitter:@drsaeed1000

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *