صحة بيشة..ورشة سيارات وهروب مرضى!

• صالح المعيض

صالح المعيض
بداية أرى أنه لابد أن اشير إلى أن القائمين على صحة بيشة سابقاً وحالياً، هم اصدقاء تجمعني بأكثرهم وشائج صداقة تفوق الوصف ، ويتمتعون بخلق رفيع وأمانة لاتقبل التشكيك ، لكن الكتابة النقدية يجب أن لاتتأثر بتلك الوشائج لاسلباً ولا ايجاباً ، إذ هي في الغالب نقاش حول سلبيات إدارية تحدث هنا وهنالك سيما في وزارة الصحة التي كما اشرت في مقالات سابقة (لا أرض قطعت ولا خيل ابقت) لكن السلبيات التي ظهرت مؤخراً في بيشة تتطلب معالجات فعلية جادة ، سيما وأنني أدرك أن ما خفي أكثر وأمر ، وذلك من خلال متابعات تجاوزت ثلاثة عقود ، إذاً لم أكن يوماً كاتب لحظة أو حالة خاصة ، بل كانت كتابة تقصي عام لواقع لم يواكب أو يتطور ، كنت معه متابعاً ولعلني استشهد بما توفر لي من مقالات بداية من العدد 10406في 4 /7 /1413هـ وبالعدد 16416 في 29 /1 /1422هـ بالإضافة إلى أكثر من عشرة مقالات أخرى كنت فيها ابتعد عن الإشادة المبالغ فيها والنقد الجارح الذي لايرتكز على معلومة منصفة ، وكنت في إحدى المقالات التي كتبتها عن مستشفى الملك عبدالله ببيشة قلت نصاً : “اعترف هنا وأنا بكامل قواي العقلية أنني مسؤول مسؤولية تامة عمّا اكتب تجاه صحة بيشة وبالذات (مستشفى الأمير عبدالله ) الصرح الطبي الذي تحول بين عشية وضحاها إلى (مكتب طوارئ) .” يطلب خلاله من ذوي المريض البحث عن سرير ووسيلة نقل ولا أكثر ، وسبق أن كتبت مراراً وتكراراً عن ذلك ، وذلك منذ سنوات عدة ومن خلال متابعة لصيقة وتقديم شواهد حية في حينه وقبل أن تتضاعف تلك السلبيات وتهدر الامكانيات ويصبح الحال أسوأ من السيئ ، بل تجاوزت السمعة السيئة حدود المنطقة والوطن وعبر وسائل الإعلام، ولا ننسى حادثتي تبديل المواليد وكذلك الحادثة الشهيرة والمتمثلة في العثورعلى أجهزة مهمة وغالية الثمن تسرق وتكتشف في منافذ الحدود (ولا من شاف ولا من درى) وكأن الأمر لايهم أحداً وليس ذلك نتاج إهمال جسيم وهدر لأموال الدولة وإضرار بالمصلحة العامة ونتاج فساد مستشري يحتاج إلى إجتثاث ، وتذكرون جيدا حادثة عشرات الممرضين والممرضات والفنيين يتقدمون بفسخ عقود قائمة ، بحجة أن قدومهم لصحة بيشة كان بغرض تحقيق متطلب العمل في أمريكا التي تشترط أن يكون الممرض أو الفني الآسيوي قد عمل خارج دولته فوجودهم في وزارة الصحة ممثلة في الشؤون الصحية ببيشة خير من يحقق لهم يومها رغباتهم.
كنا نعتقد أن محاسبة أولئك المقصرين ستكون كفيلة بتلافي السلبيات لاحقا ، لكن يظهر ان السلبيات بالذات في مستشفى الملك عبدالله تتعاقب تباعا ، فقسطرة القلب , كان ولا يزال التعقيب منذ عقدين ينص على أن المعاملة تحت الإجراء ، بالأمس يكلف زوج بنقل زوجته إلى “الخميس” لحقن إبرة لاتوجد بالمستشفى وتبين فيما بعد وجود الإبرة ، بالأمس هرب اربعة من نزلاء مستشفى الأمراض النفسية ، وهذا المستشفى هو الذي اكتشف بداخله الشهر الماضي ورشة سيارات ، وماذا بعد ننتظر مع هذه الأحداث السلبية القاتلة والتي اعترف بأنني تجاهلت ذكر الكثير حتى ابقي على شيء من الثقة لدى المرضى لكونه المستشفى الوحيد الذي يغطي مساحة أكثر،(50,000 كم2 ) وقد وفرت له الدولة كل الإمكانيات الفنية والمادية والبشرية ، ومع ذلك نجده لا يخرج من كارثة إلا ويقع في أكبر منها ، ومن يدري عن السبب الحقيقي أو الأسباب، وهل هنالك إحصائيات من خلالها يمكن تقييم الأداء..؟؟؟؟. أسئلة كثيرة ولا أدري إلى متى نبقى أسرى للأسئلة التي لاتجد صدى..؟!
هنالك العديد من الحلول الجذرية التي يجب أن تتبعها الوزارة لتصحيح وضع الشؤون الصحية ببيشة ، وليكون العطاء متوافقاً مع ما ينفق على هذه المستشفى بصفة خاصة أو الشؤون الصحية ببيشة بصفة عامة حيث أرى ما ماكررته سابقاً من أن يكون للمستشفى إدارة مستقلة ودور الشؤون الصحية يبقى رقابياً ، ثم مضاعفة دور الجهات الرقابية لتكون مواكبة بحجم مستشفى المأمول منه أن يخدم مساحة كبيرة تتجاوز في مربعها كما اسلفت (خمسين ألف كيلو متر مربع) ثم يتبع ذلك تشكيل لجان محايدة للتحقيق في كل ما يجري من أخطاء فادحة هي في الحقيقة اكثر من أن تحصى ، في مستشفى يحمل إسم عزيز على قلوبنا ويصرف عليه ميزانية ضخمة وفي الأخير نجد خدماته لاترقى إلى خدمات مستشفى متوسط الأداء ، فالشؤون الصحية بكامل بيشة لايوجد لديها اجهزة قسطرة وهي ابسط ماتوفره المستشفيات ومن اولويات متطلبات أي مستشفى وعلى ذلك فلنقيس الكثير.
ثم أخيرا لابد من غربلة شاملة وإعادة هيكلة تضمن تطور الوضع وتحسن جودة الأداء لتتواكب مع المقدرات والإمكانيات التي وفرتها الدولة لهذا القطاع وفي هذه المحافظة الغالية على قلوبنا ، إذا لم يعد لمن يتشبث بالمنصب دون إنتاج أي فائدة وعلى امثال هولاء ان يرحلوا ويتركوا المناصب المهمة لمن هم اجدر كفاءة وقدرة على العطاء هذا وبالله التوفيق.
جدة ص ب 8894 تويتر (saleh1958)

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *