شيوخ ملأوا الفضاء وشغلوا القضاء

• صالح المعيض

[COLOR=blue]صالح المعيض[/COLOR]

قلت في مقالة سابفة أن من شروط الدعوة إلى الله او مايسمى بلغة العصر المتعنصر ( ناشط دعوي) الإخلاص الصادق ووضوح الهدف وتكوين ثوابت الفضيلة ومسألة الإخلاص تبقى بين العبد وربه وكلنا نتعشم في كل مسلم الخير مالم يثبت عكسه واضحا جليا، أما مسألة الوضوح فلا بد أن تكون ما يميز الداعي من خلال ثوابت كما ذكرت ترسخ مفهوم الفضيلة وصدق التوجه حيث ان واقع اليوم يظهر أن من يعيش في هذا العصر سيمر عليه كل يوم ما يثير الدهشة وأنه من الصعب ان يجد مسطرة يقيس به توجه بعض ممن كنا نعتقد انهم رموز وانهم صانعوا رتم نهج الحياة التي يعيشها المسلم في اجواء ايمانية صافية ذات ثوابت وبعد شرعي ناصع البياض .
فقد سطا من نعتقد انهم رواة على مسرح الحياة الإعلامية ممن نرى في احاديثهم شيئا من التكلف والتمثيل أحيانا ، وربما أن ذلك يؤثر على سلوكيات المحدثين والوعاظ مستقبلا ، وقد يدفعهم ذلك إلى الإهتمام بالجانب الإلقائي والهندام على حساب المضمون ، بل راح أولئك إلى ماهو أبعد حيث أن هاجس الإستثمار والربحية المادية قد آخذت مساحة من تفكيرهم وأهدافهم وشكلوا بذلك تغيرات تعصف بأي ثقة يحاول ان يزرعها الشخص في ذاته لإولئك اللذين ملئوا الفضاء ضجيجا وخلقوا حولهم جماهير إفتراضية لا تمت للواقع بصلة ، وراحو بقصد او بغير قصد بتوظيف الدين لخدمة ظواهر غريبة ومريبة.
وحقيقة أنهم لا يعتبرون محدثين ولا وعاظا ، فهم اللهم راوة وهبهم الله طرقهم الخاصة ومكن له من الأدوات مايساعدهم على إجادة فن الرواية بمحسنات لفظية وصوتية وحركية وإعلام مفتوح شبه متحرر، مما يحبب الناس في إلقائهم ، وهم وحسب متابعتي اليسيرة لهم ، لم يتجاوزا حدود الراوي ، فهم لم يأتو بروايات من عند انفسهم ، بل يسردون تاريخ ديني بحت وبرامج تثقيفية وقد ثبت سرقت بعضا منهم لكتب مؤلفين آخرين او افكار أخرى ، وهذا دليل على ان التوجهات تسير على خطوات استثمارية فعلا ، ولكن لعلها تجارة رابحة مالم تأت على منكر او تكون على حساب مبدعين آخرين يستغفلون الناس.
والشيء المؤلم حقا أن نرى بعض ممن زرعنا ثقتنا بهم فيما مضى ليكونوا مشاعل المستقبل ، لنجدهم في الآخير يتسابقون على السطو على مؤلفات غيرهم او افكارهم او ما حدث اخيرا من مناوشات تتجه بهم الى قاعات المحاكم ثم التوجه الأهوج أخيرا الى منابر الولاءات الواهمة ، بالأمس وكما اشرت في مقال سابق وإبان ثورة الليبين الاحرار ضد معمر القذافي وهو في النزع الأخير رأينا أحد شيوخنا الافاضل يتصدر الإعلام الليبي الرسمي آنذاك ويقسم بالله أن الثوار محصورين فقط في بنغازي وأن طرابلس وجميع المدن الليبية تحت سيطرة القذافي وانه يدعو مشائخ السعودية لدعم القذافي ، رغم أن القذافي بنفسه ادعى ان ليبيا عمق إسرائيل وأي سقوط للنظام يلحق الخطر بإسرائيل، وماهي إلا أيام وكان القذافي في عداد الراحلين رئاسة وروحا ولا ادري كيف وارى ذلك الشيخ تلك السوأة التي تعجل في خطب ودها.
وبالأمس على ذات الطريقة وإن اختلفت الاوضاع نرى شيخا فاضلا يشد الرحال ويسابق المصريين على منابرهم وإعلامهم وعلى طريقة الشيخ سالف الذكر يمجد ويمتدح بل و يدعو السعوديين للإستثمار في مصر ، وهذه الصورة ليست جديدة فقد شاهدنا نفس الشيخ من قبل في سوريا واليمن وبنفس اللغة والنهج والمنهج ويلبس نفس الثوب في كل بلد على حدة وكأنه البلد الأوحد ولا أعلم من فوض هؤلاء للتحدث باسم السعوديين بهذه الصورة المكررة ثم يعطي إشارات مسمومة حول استثمارات بلده وطريقة ودائعه وكأن وسائل الاعلام لاتسجل وذاكرتها تمحى سريعا .
للأسف رأينا رواة ممن يدعون شيوخ دعوة او ( دعاة نشطاء ) يتحدثون عن فضيلة التسامح والعفو ومع ذلك يسطون على حقوق غيرهم وعندما يطالب الاخر بروح التسامح يخرجون عن طورهم فمنهم من يهدد المعتدى عليه بالرأي العام والإعلام ، ومنهم لأنه قاضٍ يهدد بالتقاضي ويتشفى بأن يراه خلف القضبان ، أين روح التسامح التي يتحدثون عنها ؟ وهم المعتدون أين الأمانة العلمية والحقوق الفكرية عند هولاء ؟ إن من هذه صفاته ليس دعويا ولا محدثا ولا حتى راوي ، بل مهرج بتفوق وانطبق يحقهم قول الشاعر ( لاتنهى عن خلق وتأتي مثله …..!
كفى تملك مشاعر الناس زيفا بحراسة الفضيلة وهم اول من ينحرها ، ليعودا إلى صوابهم بعيدا عن إدعاء الجمهور الإفتراضي الذي لن يغطي على سلبيات تعجلهم وإستعجالهم وكثرة قفشات الهمز واللمز التي رسموها حولهم ويتندر بها مثقفوا العصر هذه الايام ،لاشك في غمرة هذا الخواء.
هنالك مشائخ ملكوا الحجة والدليل واثروا في الناس لا اريد حصرهم ولكن اشير لبعض منهم اللحيدان والجبرين والفوزان والبراك والسدلان والمطلق والمنيع وغيرهم كثر لم يذهبوا بالمتلقي الى عالم الخواء والبعد عما ينفع الناس يدركون ان للعامة حديثا وللدارس حديثا وان الدعوة الى الله تكون وفق الضوابط الشرعية لا التوغل بالعامة في متن العلوم التي قد تتفرع الى هموم شخصية كما يحدث لشيوخ الفضائيات ووسائل التواصل هذا وبالله التوفيق.

جدة ص ـ 8894 ـ فاكس ـ 6917993

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *