شيخنا الفوزان وغلطة الشاطر

• صالح المعيض

أذكر أنني قلت هنا وفي مقالة سابقة : إن من شروط الدعوة إلى الله او ما يسمى بلغة العصر ( ناشط دعوي) الإخلاص ووضوح الهدف وحسن لغة التخاطب مع الآخرين سيما عند اختلاف الرؤى ، ومسألة الإخلاص تبقى بين العبد وربه أما مسألة الوضوح فلا بد أن تكون ما يميز الداعي حيث يظهر أن من يعيش في هذا العصر، سيمر عليه كل يوم ما يثير الدهشة وأنه من الصعب ان يجد مسطرة يقيس بها توجه بعض ممن كنا نعتقد انهم رموز ،

أو أنهم صانعو رتم نهج الحياة التي يعيشها المسلم في اجواء ايمانية صافية ذات جذور وبعد شرعي ناصع البياض ، لا تغيرات تعصف بأية ثقة يحاول ان يزرعها الشخص في ذاته لأولئك الذين شغلوا الفضاء ضجيجا وخلقوا حولهم جماهير افتراضية وقد لا تمت للواقع بصلة ، وراح البعض منهم بقصد أو بغير قصد مشغولا بتوظيف الدين لخدمة ظواهر غريبة ومريبة ،

والشيء المؤلم حقا أن نرى بعضاً ممن زرعنا ثقتنا بهم فيما مضى ليكونوا مشاعل المستقبل ، نجدهم في الأخير يتسابقون على منابر الولاءات الواهمة ، ويركضون خلف الجوائز المفخخة بل ويشدون الرحال لها والتي غزت بعض المجالات واستقطبت علماء في شتى مجالات الحياة ، وسرعان ما انكشفت اهدافها بعد إن صفقنا كثيرا لمن منحت لهم ، حتى صدمنا بمواقف متغيرة بزاوية 360 ، لتخدم في الأخير مصالح من سعى لها من كان وراء تلك الجوائز حتى وإن كان ظاهرهم الرحمة.

حقيقة استرجعت هذه المقدمة باختصار ، وانا أستمع إلى رد عنيف وقاسي بكل المقاييس من شيخنا الفاضل الدكتور عبدالعزيز الفوزان ، على من عاب عليه الظهور في محفل في اسباتيا مختلط ومليء بكل المحاذير التي كان يشدد الشيخ عبدالعزيز حفظه الله في جميع خطبه ومناشطة على خطورتها ،

ورأينا كيف شن جام غضبة على المناشط المحلية والتي آخرها (الجنادرية) بحجة أن فيها إختلاط وسفور ومنكرات ، وانا ممن لم ينكر عليه هذه المناشط وحمدت الله أن بيننا ممن يغارون على صفاء العقيدة ويحرس على سلامة المجتمع ، لكن كان رده مختلفا عما عهدناه منه من تسامح وبعد عن الإقصاء، بل راح يصنف المجتمع ايضا إلى فسطاطين فسطاط المرضي عنهم وهم الساكتون ،

وفسطاط كما ورد في رده يحق من عتبوا عليهم ، وكأنهم كما ورد في تبريره المقصودين بقوله تعالى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) و (كذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيرا ) وأستغرب حقيقة هذا القفز واستجرار جهاد الأنبياء وتقمصه رغم الفارق في الرسالة والزمان والمكان والتشبيه والقياس بل وحتى شراسة الأعداء ،

وحينما يقع أي من دعاة وسائل التواصل وهو جالس في داره او مكتبه او محفل يستدعي جهاد الانبياء وسيرهم وما عانوه على ارض الوقع فمنهم من بلعه الحوت ومنهم من شارف على الغرق ومنهم من القي في النار ومنهم من طاردهم أقوامهم ورموهم بالحجارة و…و.. صلوات الله وسلامه عليهم ، فلا وجه للمقاربة هنا إطلاقا ،

ثم يؤخذ عليهم سرعة استجلاب آيات العذاب وتلبيسها بكل جرأة على عموم من يعيبون عليهم ما قد يرونه مخالفات شرعية ، وتحدث عن التغريب بذات النهج الذي أخذ به عليه ، ثم رأينا شيخنا حفظه الله اردف من الأوصاف الربانية على ذاته ما كان يجب أن يتحاشى أن يصدر منه ، وحينما يصف الرسل يستجر التهم التي ألصقت بهم من الأعداء ويكررها ، وهذه بحد ذاتها خطيئة لا تغتفر ، في أن يبرئ أي منه ما قد يقع فيه من زلل ، باستجرار أوصاف المشركين وتهمهم للرسل والانبياء ،

وكان ينبغي أن يتحاشى ذلك ، لن أستعرض تعقيب الشيخ عبدالعزيز حفظه الله لأن جميع ما ورد فيه تمجيد ذاتي وإسقاطات يندى لها الجبين على من اختلف عليه حتى من سماهم ببعض الأخيار، ولكن لماذا يستغرب الشيخ عبدالعزيز بالذات عتب المحبين والذين وصفهم كما أشرت آنفا ( ببعض الأخيار) وهم ونحن ممن أعجب بالشيخ ومناشطه الصاخبة نحو الاختلاط والمعازف وغيرها ،

والذي صدح بها مسامعنا ، لنجده بين عشية وضحاها أقسى من يطعنها ويشد الرحال إلى تلك المحافل مدعيا أنه إذا اجتمعت المصالح والمفاسد ترتكب المفاسد الصغرى لجلب المصالح الكبرى ، فهل الاختلاط والمعازف التي كان يحذر الشيخ عبدالعزيز من كبر جرمها ، أصبحت مفاسد صغيرة والدرع والشهادة وما يتبعها من ريع مادي ومنافع شخصية مصالح كبيرة ؟!

كنت أتمنى من الشيخ عبد العزيز إرفاق مقاطع للحفل لتبيان الحقيقة ودعم مزاعمه ، ثم كم كان حريا به أن يقدم سيرة للشركة المانحة للجائزة ومن هم أصحابها ومن هم زملائه الذين فازوا بها من قبل ،حيث يشار إلى أن ثلاث شركات هي من تتبنى رعاية الجائزة ، ولو أنه هدانا الله وإياه للصواب ، أوضح ذلك لربما شفع له الحضور . لكن يظهر أن الشيخ وقع في المحذور وصعب تلافي القصور .

وختاما . لابد أن أوضح استنكاري الشديد لكل من خرج عن روح الحوار البناء ، وتجاوز حدود الأدب أن حصل كما ذكر الشيخ ، والذي كان رده فيما يبدو متساويا مع تلك الآراء قسوة وغضبا ، بل يؤخذ عليه أننا نعتبره عالماً وداعية مميزاً نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله احد . لذا غلطة الشاطر بعشرة شيخنا الفاضل . هذا والله اعلم .

جدة ص ب : 8894 تويتر / saleh1958

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *