شهر ربيع والاحتفاء بأحداثه

• عبدالله فراج الشريف

كلما حل شهر ربيع الاول تذكر المسلمون حدثين هامين في حياة امتهم الاول: مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يختلف المؤرخون على انه ولد في شهر ربيع الاول، وان اختلفوا في يوم الولادة، الذي ورد النص به انه يوم الاثنين والذي كان يصومه عليه الصلاة والسلام احتفاء بمولده، ذلك يوم ولدت فيه فيذكر انه ولد في اليوم الثاني منه، وقيل انه ولد في اليوم الثامن، وقيل في العاشر منه، وقيل في اليوم السابع عشر، ولكن الاشهر من الاقوال والذي به يقول الجمهور انه ولد في اليوم الثامن عشر من ربيع نص على ذلك ابن اسحق، وهو رواية بن أبي شيبة عن ابن عباس وجابر رضي الله عنهما. والثاني انه صلى الله عليه وسلم توفى في ذات الشهر يوم الاثنين، الذي ولد فيه والذي فيه بعث لحكمه يعلمها الله، اما اليوم فمختلف فيه ايضا، فقيل انه قبض لليلتين مضتا من شهر ربيع الاول، وقال الواقداني توفي يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول، وفي الوفاة تهيأ ان تحدث فيها ما لا يرضاه الله ورسوله من الخرف المبالغ فيه، والذي قد يؤدي الى ارتكاب المحرمات، خاصة اذا كانت الوفاة لسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي عظمت بوفاته مصيبة الامة واظلمت المدينة كما ورد في بعض الروايات، فاشتهر عند المسلمين الاعتقاد بمولده لان مولده نور أضاء الارض وببعثه ورسالته بقي الله يعبد في الارض حتى تقوم الساعة او المسلمون كافة في كل اقطارهم يحتفون بهذا اليوم ويقتصرون رسمياً على حفلة تذكر فيها معالم السيرة النبوية، ويقرأ فيها من القرآن ما يناسب ذلك، ولا احد يشك ان المولد دخل في بعض اقطارنا مما يجب ان ينهى عنه، ولكنه بحمد الله في بلادنا عبر تاريخنا لم يكن فيه شيء من ذلك الذي يشاع ويذكر من اختلاط بين الرجال والنساء او الرقص او الغناء، انما هي تلاوة لكتاب الله ومختصر للسيرة النبوية والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وانشاء قصائد في مدحه، وتناول طعام غداء ان كان الاحتفاء نهارا، وعشاء ان كان الاحتفاء ليلاً، ولا ارى في هذه المفردات شيئا يحرم، وحتى لو اختلفنا على ابيات من بردة البصيري، فهي لا تنشد كلها في الموالد المعروفة في بلادنا، فالباقي اما ذكر يثاب عليه المسلم او مباح لا يحرم عليه بشيء منه، وتذكر سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماع الصغار والعامة لها انما فيه الخير كله يربطهم برسولهم المصطفى صلى عليه وسلم ويستحضر في اذهانهم صورته الجسدية والمعنوية ويدعوهم الى حبه عليه الصلاة والسلام الذي لا يتم ايمان المرء الا به, وهو غير من كثير من المناسبات التي يتكرر احتفالنا بها ونرصد الاموال لها، ولن نجد اليوم في عرض بلاد المسلمين وطولها من لا يحتفي بهذه المناسبة العظيمة القدر، التي من الله علينا فيها بمولد من اخرجنا من الظلمات الى النور وصنع منا امة كادت ان تكون قائدة الامم لولا قصر اهلها في حقها، فإذا تذكرناها في ليلة واحدة وتصادف يوما مما ذكرته الروايات المختلفة أم لا، فنحن نحتفي بالهجرة النبوية في بدء شهر المحرم ومع ان هجرته صلى الله عليه وسلم كان في الثاني عشر من ربيع الاول، وهو اليوم الذي حدده الجمهور بمولده، ولعل احتشاد كل هذه المناسبات في هذا الشهر الكريم يجعل له عند المسلمين شهرة، زد على ذلك ما وقع فيه من سرايا وغزوات انتصر فيها المسلمون في مواقع كثيرة في هذا الشهر ومنها ما كان عليه رأسه سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرضت عن ذكر كل ذلك حتى لا يطول المقال، ويتوه منا ما اردنا ان ننبه اليه، قد نختلف على الاحتفاء بمولد سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيراه بعضنا كما رأى فيه بعض العلماء ان المسلمين يثابون على ما فيه من تلاوة وذكر وصدقة ويعاقب من احدث فيه امراً نهى الله عنه، ولكن ان يبدع بعضنا بعضاً ويحمل عليه كما يفعل بعضنا اذا هل علينا هلال شهر ربيع وشمل التبديع الامة كلها في مشارق الارض ومغاربها، ودون جدوى فالزمان يمضي والمبدعون يمضرن في صب اللعنات على من يحتفي بذكرى الموعد، والامة لا تنتهي من الاحتفاء به وبمناسبات تاريخية عدة للاسلام كالهجرة والاسراء والمعراج وغير ذلك. فهلا صبر بعضنا على بعض ودعونا الى ما نقول بموعظة حسنة وادب جم ليقبل منا ما نقول هو ما اردنا التنبيه عليه والله ولي التوفيق.
ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *