رحيل السلوك .. علامة الجنوب
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]صالح المعيض[/COLOR][/ALIGN]
كان القضاء والقدر مقرونا بالصبر والإحتساب حيث ودعت المملكة الاسبوع الماضي المؤرخ السعودي علي بن صالح السلوك الزهراني بعد معاناة مع المرض دامت قرابة أحد عشر عاما تغمده الله بوسع رحماته والهم آله وذوية الصبر والسلون، وأذكر انه قبل عشر سنوات بعد زيارة خاطفة له رحمه الله بمستشفى الامن لعام بالرياض وعبر هذه الصحيفة وهذه الزاوية وجهت له رساله أقتطف والألم يعتصرني هذه الجزئية (لعلها إستراحة محارب لن تطول بك بإذن الله، إلا وأنت بيننا تعيد حرث الأرض من جديد لتخرج مكنونها التراثي والفكري الخلاق وتكمل مشوار لا يقدر عليه إلا من هم في حجم قامتك أيها الحبيب، لقد جشمت نفسك أبا زهران عناء رحلة أربعة قرون، كان حصيلتها مخزون تراثي، يعد مكسبا وطنيا يجسد عراقة هذا الجزء الغالي من بلادي الممتد من الطائف شمالا حتى مشارف جازان جنوبا، ثرى وإثراء فكريا، تعد اليوم من المراجع التي يعتد بها في جامعاتنا، ولقد توج مسيرتك المعطاة شهادة من لامسوا ذلك عن قرب وعايشوا المعاناة اكتشفوا عظم المنجزات، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود أمير منطقة الباحة، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن محمد بن سعود وكيل إمارة منطقة الباحة، وسعادة أمير المنطقة سابقا الأمير سعود بن عبدالرحمن السديري والعلامة – حمد الجاسر والأديب ضياء الدين رجب ومحمد حسن عواد وعلوي الصافي احمد عبدالغفور وعبدالعزيز رفاعي وعثمان الصالح وعلي حافظ وعبدالله جفري وغيرهم كثير مما لا يتسع المجال لذكره، كل تلك القامات كل في مجال اختصاصه، أشادت بجهودك كعلامة جهبذ وأثنت على كتبك القيمة والتاريخية الثرية، والتي جاءت تأصيلا لذلك الماضي الغني بمورثاته الشعبية، وتعريفا بتلك الحقبة تاريخا وموقعا وزمنا وأعلام تطلبت منك جهدا خارقا، قطعت من أجل جمعها وتحقيقها مسافات طويلة، مكثت خلال أكثر من ثلاثة عقود في تجميعها، لتكون في متناول يد القارئ والباحث، في خمسة مجلدات جمعها كتاب (الموروثات) الذي سبقه الطبعة الأولى من (المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران) وأعقبه الطبعة الثانية من نفس المعجم ثم (بلاد غامد وزهران السكان والمكان).
وقمة الأدب وسمو الهدف وحساسية الأمانة وشفافية الطرح أن تشير أيها الحبيب بطوعك واختيارك المحض، إلى أن طبيعة عملك ساهمت في ولادة الفكرة وتحقيقها وقد أدرك الجميع في ذات الوقت ومن خلال متابعتة لمثل هذه المؤلفات أنها لم تكن استثمارية ماديا، بل كانت مخزونا ثقافيا وتراثيا خدم المكتبة العربية بصفة عامة، لقد أدلى الأوفياء والمعنيون بشهادتهم لك في إبداعك في هذ المجال الذي لا يسلكه إلا من مكنه الله من العلم وأعانه بالمعرفه وقواه بالصبر والتحمل) انتهى الاقتباس.
واليوم رحلت عنا ابو زهران، ونحن نكاد نراك بيننا وستبقى من خلال ما جادت به مداركك ووفقك الله إلى تقديمه لمجتمعك، ومع أنك قدمت ما يشبه المعجزة، إلا أننا نستذكر ونحن نتجاذب السيرة الطيبة نستذكر كما أسلفت روحك العالية وأريحيتك المتألقة، حينما أشرت بكل تواضع إلى أن هنالك من سبقك، وأن هنالك من القصور ما يجعلك تشحذ همم الجميع إلى أن يمدوك بالتوجيه، ولعل هذا قمة التواضع من رجل كان له عطاء مميز وموثق من خلال ما قدمته مجتمعك آثابك الله عليه خير الجزاء.
أيضا نستذكر بكل فخر وتقدير أنك لم تقف عند حد التأليف بل تجاوزت ذلك إلى إن كنت سفيرا طائرا في أكثر من ميدان وأشير باختصار إلى أنك كنت عضو الجمعية الخيرية للأطفال المعاقين بالرياض، ولجنة أصدقاء المرضى، وعضو الجمعية السعودية لطب الأسرة، عضو لجنة الأماكن الجغرافية بجامعة الملك سعود والجمعية التاريخية السعودية، واعجز هنا عن سرد تلك العضويات، التي ما كانت لتكون لك لو لم تكن أهلا لها، ووفقك الله لخدمتها، ولم تبخل بها على مجتمعك.
(أبا زهران).. ماذا عسى بأيدينا في مثل هذه المواقف، إلا أن نتوجه إلى الله جلت قدرته في كل لحظة، بأن يصبغ عليك شأبيب رحماته، وأن يجعل تلك الفترة التي امضيتها على السرير الابيض طهورا وأن يجبر مصيبة محبيك بفقدك ومن تتلمذ على عطاء مشوارك الذي لن ينساه لك كل مؤرخ وباحث وقارئ وطالب علم، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير والحمد لله على كل حال.
جدة ص ب 8894 فاكس 6917993
التصنيف: