رحمك الله ابا عبدالله
عادة الدنيا نراها كبيرة فسيحة جميلة إذا كل شيء على مايرام ولا شيء يعكر صفو اللحظات لكن سرعان ما تضيق ونشعر بأن جنباتها تتقارب حتى تكاد تخنقنا إذا ما ظهر ما يكدر من حدث داهم او خبر مزعج وهكذا نحن نتقلب بين هذا وذاك والجميع تحت رحمة الله نسأله جلّ في علاه أن يجعل لنا من كل هم مخرجا وكم هو ابن آدم ضعيف حتى يكاد ينصفه العاقل فيؤكد :أن اقوى ما فيه لسانه إذا اكتملت صحته فكيف إذا تألم خصوصا ألما معنويا بتأثره بموقف(ما) او تلقيه خبرا غير سار حول غالٍ يكن له كل حب وتقدير واحترام.
ظهر يوم السبت قبل الفارط حقيقة مع إيماني بما يكتبه الله ويقدره ونحن له بكامل الانقياد تلقيت خبر تعرض الوالد الشيخ راشد بن جمعان بن مصبح لعارض صحي فانتقلت بسرعة الى مستشفى الحرس الوطني مؤمنا بقضاء الله وقدره ممنياً النفس بالحديث معه كبادرة اطمئنان تعيد لنا الأمل بألا ينضب معين نصحه وتوجيهاته التي اجد كما يجد فيها غيري ممن يسعد بلقائه مفاتيح خير بتوفيق الله لكن كانت الصدمة إذ اشعرني الطبيب ان حالته حرجة وانه في غيبوبة نتيجة تعرضه لجلطة قلبية حادة ومع ذلك لم افقد الأمل وطيلة عشرة آيام لأنه بالعناية المركزة زرته خلسة ثلاث مرات طمعا في أن اسعد بلحظة أمل وكنت أمني النفس بتجدد اللقاء فأستعيد أمامه في لحظات لا اسمع فيها غير اصوات الأجهزة الطبية الكثير من المواقف وبسمته رحمه الله التي لم تكن تفارق محياه حتى في احلك الظروف لكن قضاء الله وقدره هذه المرة كان أسرع حيث تلقيت يوم الاثنين خبر وفاته تغمده الله برحمته واسكنه فسيح جنانه.
حقيقة شخصيا كنت اعتبره ولا زلت وسأبقى والداً بما تعنيه الكلمة لازمت صحبته على فترات أكثر من(33) عاما وحزين لفراقه وأشد حزن حينما أستذكر أن آخر سماع لصوته كان في عيد الأضحى الماضي وفي قمة فورة الحزن حينما أستذكر جميع ابنائه وبناته وأحفاده وكل من كان لصيقاً به كيف سيحتملون هول الصدمة اللهم هون عليهم والطف بهم لأن الجميع فعلا فقد ابا او جدا حتى آخر لحظة في حياته كان يهتم بهم كبيرا أم صغيرا قريبا أم بعيدا لذك اسأل الله ان يجبر مصيبتهم في فقدان والد الجميع.
رحمه الله من حرصه على ألايؤذي مشاعر أسرته كان إذا الم به عارض صحي ينسحب بهدوء ويختفي عن الأنظار كي لايتألم أحد لألمه وربما تتضاعف حالته ويقسو على نفسه ويتحمل ويتجمل كي تبقى في نظره أجواء الاسرة جميلة حتى إذا اشتد به الألم ونقل للمستشفى يحرص على عدم إزعاج اقاربه خارج جدة موهمهم ان وضعه طبيعي وأن خروجه بعد لحظات كي لا يكدر عليهم او يكلفهم في نظره مشقة الاسفار.
هذا والله حاله في بيته ومع أسرته وارحامه وكل من اتى إلى دراه او مكتبه وهذه الصورة هي كذلك مع مجتمعه حيث كان قريبا من الناس كل الناس مساهما فعالا رحمه الله في مساعي الصلح ومساعدة الآخرين افرادا وهيئات ولا شك أن الجميع سيدرك حجم الخسارة بفقدان ابو عبدالله وانه فعلا ( مصاب جلل) نحسبه بفضل الله ثم قربه من عباد الله ممن وجب علينا ذكر شيء من محاسنه نحسبه كذلك ولا نزكي على الله احداً.
كان رحمه من اوائل من استشيرهم في كثير من القضايا المعقدة التي اوفق للمساهمة في حلها فأجد عنده دوما انجع الحلول وكنت اجد غيري كذلك يجدون عنده ما يبتغون وما كان ذلك ليكون لولا توفيق الله ثم بساطة ابو عبدالله وقبول الناس لرأيه ثقة في حرصه وصدقه وجدية مساعيه وما أهالي المهد والرويس وحي الجامعة وكل من عرفه إلا شهود ولعلهم برحمة الله شهود الله في ارضه على صلاحه وتقاه كان العزاء في داره على قمة جبل مطل على جنوب جدة والتي اتخذه مقرا لسكنه منذ عقدين وكم داهمني من حزن والم لم يساعدني على المكوث كثيرا وماذا الديار بعد رحيل بناتها ؟ بالأمس كان صقرا محلقا تواق للعلو خلقا وتعاملا ودعناه ولكن بفضل الله اعقب الصقر صقور.
حقيقة أن رحيل مثل هولاء الآباء المميزين من الصعب نسيانهم حيث بسجيتهم تركوا بصمات خير في كل وجه واتجاه تذكر معارفهم بهم وعزاؤنا أنه خلف ذرية صالحة عرفت بالبر وحسن التواصل والاستفادة من رعاية الفقيد فهم بإذن الله خير خلف لخير سلف بارك الله فيهم والحمدلله رب العالمين وختاما اسأل الله جلّ في علاه أن يمن عليه بالرحمه والعفو والغفران وأن يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان وأن يجبر مصيبتهم في فقدان اعز احبتهم وإنا لله وإنا اليه راجعون.
تويتر(saleh1958)
التصنيف: