حينما لا يكون المقال فناً راقياً

• عبدالله فراج الشريف

إن مكانة القلم في عالم الفكر مكانة عظيمة الأثر، بينة في معترك الأفكار واصطراعها والقلم في يد المفكر الواعي، الذي أوتي من العلم والخبرة إلى جانب الموهبة القدر الذي يحميه ان يتحول القلم في يده الى صاروخ ينفجر في وجهه قبل ان يغادر محيطه إلى خارجه فالمقالة الصحفية في عصرنا فناً راقياً له تأثيره البالغ في مجرى الاحداث ان صاغ عباراته من ذكرنا،

أما إذا صاغه من لا يتوافر فيه شرط الابداع ويظن ان الكتابة لا تعني شيئاً سوى الاثارة فأول من سيضربه من خطت يده سطوره ثم قد يتسرب الضرر الى بلده وأمته، وحينما لا نهتم لمن يملأون صفحات الصحف بمقالاتهم، ولا تهتم الصحف بحسن اختيارهم، فانا نجعل من مقالات الكتاب مفخخات قد تنفجر في علاقاتنا بالآخرين، بين الحين والآخر،

فليس يا سادة كل من أمسك بالقلم كاتب مبدع، بل لعل بعض من يختارون الكتاب ليسوا مؤهلين لهكذا عمل الكتابة الصحفية يا سادتي فن لا يكتسبه الا من يشتغل على نفسه زمناً طويلاً ليتأهل لعمل عظيم الاثر في مجتمعه،

العمل الذي يصوغ رأياً عاماً في مختلف القضايا المطروحة للنقاش في بلاده، ومفردات هذا التأهل فيها الكثير من العلم والممارسة التي تقود إلى الخبرة، والصبر على عدم المبادرة لإبداء الرأي قبل ان ينضج، أما المتسرع الذي يريد ان يشار اليه بالبنان وان لم يمتلك موهبة وعلماً وخبرة، فهذا الذي اذا اختير ليقحم نفسه فيما لا يحسن وهو لم يتأهل بعد، هو من يصنع الكوارث اليوم في الاعلام العربي،

والكارثة تعظم ان تولى هذا اختيار من يوجه الرأي العام بأفكاره عبر مقالاته في الصحف او أحاديثه وحواراته في الاعلامين المرئي والمسموع، كل يوم نكتشف أضرار أمثاله الفادحة لا على صوغ رأي عام في بلاده والعالم من حوله، وكم من هذر على صفحات الصحف او حوارات على قناة تلفزيونية أو حديثاً إذاعياً صنع أزمة بين الدول،

وأمثال هؤلاء هم في كثير من الاحيان إذا منعوا من الكتابة في الداخل لمنع فادح اضرارهم لجأوا الى وسائل اعلام اجنبية تتربص ببلدانهم شراً لينشروا على صفحاتها ووسائلها أفكارهم التي صيغت وكأنها لإرادة اثارة أزمة وهذه ظاهرة بدأت تزدحم بها وسائل اعلام اجنبية كثيرة في الآونة الاخيرة،

واصلاح منظومة الاعلام في أي بلد يسعى للنمو والتقدم اولى المهمات لانجاح المساعي لنهضة شاملة فالاعلام اليوم يصوغ الرأي العام لقبول أي خطة تعد لنهضة أي بلد، ولرفضها لعدم ملاءمتها لظروف هذا البلد، تلك هي حقيقة لا مراء فيها، وصوغ مقالات دافعة للنهوض لا يحسنه الا محترف لكتابة تتوفر فيه كل الصفات التي تحدثتا عنها آنفا،

فهو وحده من يستطيع التأثير في الناس لينضموا الى جهود النهضة التي دونها لن يتحقق لأي بلد ما يتمناه أهله فلنرع امثال هؤلاء ممن وهبهم الله الملكات واشتغلوا على انفسهم زمناً طويلاً وأهلوها لعمل جاد من خلال الكلمة للرقي ببلادهم وأمتهم، فهم وحدهم القادرون على تهيئة المناخ لنهضة شاملة فهل نفعل هو ما أرجو والله ولي التوفيق.

ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *