في مجتمع يعتنق هذا الدين الحنيف الذي لا يرضى الله غيره دينا ، الاسلام الذي بلغنا اياه وحقائقه سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليس فيه عنف إلا في حالة واحدة هي الجهاد المشروع الذي لا يكون الا تحت راية دولة تحمي هذا الدين وتصونه وتصون اهله وارضهم ، سواء أكانت ارضهم في قطاع صغير كما هي دولنا الحديثة، أو دولة اسلام كبرى تجمع كل اقطار المسلمين تحتها ، والتي اليوم تكاد ان تكون مستحيلة.
أما عنف الافراد او جماعات قليلة فهو جرائم تحاسب عليها الشريعة بعقاب حاسم رادع هو ما جاء في قول الله تعالى : (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم).
وكل من يقول بغير هذا فهو يميل الى ان يجعل له الحق في أكراه الناس على ما يقوله أو يخطط له بالقوة فان لم يصغوا اليه خرج عليهم بالسلاح فقتلهم واستحل اموالهم واعراضهم فعل ذلك اول من خرج على المسلمين وحمل السلاح في مجتمعهم الخوارج الذين كفروا من كانوا خيراً منا صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ورضي الله عنهم بسبب ان هؤلاء الخوارج ظنوا انهم وحدهم من يعلمون الدين ويستطيعون تفسير نصوصه فان لم يقبل منهم ذلك خرجوا بالسلاح على الجماعة المسلحة وارهبوهم وارعبوهم تلك غايتهم ولا غاية لهم سواه، وهم دخلوا الى العنف بالتكفير، وعلى شاكلتهم كل من جاء بعدهم من جماعات قليلة زعمت انها الاسلامية ولا يعرف الاسلام غيرها والحق لا يعلمه سواهم واذا رفض الناس ما يقولون كفروهم ، واذا كفروهم خرجوا عليهم بالسلاح ليردوهم بزعمهم الى الاسلام.
علمنا من التاريخ جماعات كهذه ثم عاصرنا جماعات اليوم تبدأ بما بدأت به اول جماعة ، التي جعلت الآية الكريمة (ان الحكم لله يقص الحق وهو خير الفاصلين) ، مبرراً لما فعلت بالامة من تقتيل وترويع ثم جاءت على عقبها جماعات تضيف آية اخرى تبرر بها ما تفعل هي قول الله تعالى (ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون) وتستخلص شعاراً مثل شعار من اسسوا لهم الطريق من الخوارج الاول هو (الحاكمية لله) بل ويجعلونها ركنا من اركان الايمان (العقيدة) وليكفروا بها الناس فيستحلوا بها دماءهم واموالهم واعراضهم ثم تتناسل تلك الجماعات تنسب نفسها للاسلام والاسلام منها وآهله بريئون منها، ولثقافة هذا الارهاب جذور في ثقافتنا الدينية المحلية تقرأها في الكتب وتسمعها في المحاضرات وفي الدروس في المساجد ويتلقاها الابناء كل يوم فليس في الدنيا كلها منذ القديم وحتى يوم الناس هذا فليس لهم علم بالدين كعلمنا والمسلمون وطوائفهم ومذاهبهم كلهم ضلال لم يعلموا الحق وليسوا على السنة وتحصر طائفة السنة في فئة قليلة محدودة من عداهم عادوا او كادوا الى الجاهلية الاولى هذه الفئة قليلة محدودة لا تعرف بامام من الائمة الاربعة وتتحدث عنه بالسوء ولا تعترف بالاشاعرة والماتريدية من اهل السنة وجل المحدثين ممن هم على نهجهم وهم اكثر المحدثين خاصة منذ القرن الثالث الهجري والمعتزلة والزيدية والشيعة بكل فرقهم اما ضلال او معطلة .. وهكذا التفكير التبديع والتفسيق في حد ذاته غاية ، وما لم نراجع هذه الثقافة ونهذب منها ما كان جذراً للارهاب فاول من سيستهدفه الارهاب بلادنا وقد بدأ بحادثة الاحساء وما لم نواجه جذره ونتخلص منه فلن نستطيع مواجهته ، فهل نفعل هو ما نرجو والله ولي التوفيق.
ص . 35485 جدة 21488 فاكس 6407043

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *