حان موعد ذهاب الأطفال للسرير
على الرغم من تعاقب السنوات إلا أنني لم أنس تلك اللحظة التي تظهر فيها هذه العبارة (I bambini A letto.. حان موعد ذهاب الأطفال للسرير) على شاشة التلفزيون الإيطالي في مدينة فلورنسا، تعقبها نظرة أمي إلى ساعة يدها، ثم الإشارة إلينا أنا وأخي حتى نتوجه إلى النوم.. فما سيعرض بعد تلك العبارة لا يتناسب مع المرحلة العمرية التي نحن فيها، وتكون وقتها الساعة في تمام الثامنة.. في بعض الأحيان كنت أماطل في الذهاب، وكان أبي يتشّفع لي عند أمي التي يتملكها الانفعال وتردد على مسامعه كيف أن كثرت تساهله معي يترتب عليه دلالي المفرط.
ربما ما كان يدفعني للبقاء هو فضول الصغار، ورغبتي في معرفة ما الذي لا يجب عليّ رؤيته في التلفاز بعد ذلك الوقت..؟ إلا أنني وعلى الرغم من بقائي وقت أطول من أخي لم أرى ما يمكن أن يقال عنه وفقاً لمفهوم الصغار ممنوع، لأنني لم أدرك وقتها أن العبارة ليست بالضرورة تعني أن ما سيعرض فقط بما جبلنا على أنه ممنوع، فهناك اعتبارات أخرى لم نركز عليها في قواميسنا العربية.
عندما نقوم بمشاهدة فلم ما ونرى مكتوب على العرض الخاص به فوق ثمانية عشر عام.. فإننا مباشرة ودون مقدمات نتوقع أن يحتوي هذا الفلم على مناظر تخدش الحياء، ولا تليق بأن ترى من قبل تلك الفئة من العمر، ووفقاً لمعتقدنا هذا سار باقي الركب فأنحصر قرار الثمانية عشر عام فقط في المقاطع الإباحية، ولم يُلتفت لغيرها مع أن تلك المشاهد لا تليق بأي كان في مجتمعنا المحافظ على معتقداته الدينية و تقاليده وعاداته، مهما أختلف عمره، وإن كان هناك ما لا يليق بهذه الفئة العمرية يظهر في أفعال تذاع في التلفاز وعلى صفحات المجلات وهي أكثر خطراً وأعمق تأثيراً، ولا أستثني من ذلك الإعلانات التجارية.
لعل الغرب الذين تعلمنا منهم استخدام هذه الصياغة كانو أكثر شمولاً من مفهومنا، فبالنسبة لهم عنصر الحياء يحمل التقدير الأقل، فالحرمانية لا تلعب دور كبير في الممنوع من المسموح بقدرنا، إنما ترسيخ الثوابت له مكانة أعلى لديهم، فكان تحذيرهم يشمل ما ذكرته سابقاً بالإضافة لمشاهد العنف والرعب بأنواعها وكل ما يمكن أن يهز المفاهيم المبسطة في عقلية الطفل كالآداب والسلوك، ربما اختلف المنظور الآن فالانفتاح لم يغزو فقط دول الشرق بل جاء مهرولاً من هناك وهو يحمل وجهة نظر مغايرة ومبطنة تحت شعار الطبيعة والمنطق.
للتواصل على تويتر وفيس بوك
eman yahya bajunaid
التصنيف: