[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]صالح المعيض[/COLOR][/ALIGN]

مع بدايات انطلاق شرارة الثورات العربية الحديثة حذرت من ذلك في اكثر من مقال وأنها ثورات لاتعتمد على ادنى تفكير ولا حتى حرف واحد من ابجديات أية ثورة تحمل فكرا وهدفا وتعي انها ستهدف مصير امه ثورات الشارع لم تكن تعبر بحقيقة عن الشارع الشعبي الوطني بل وبكل آسف بفكر الشوارع الخلفية التي عادة ماتكون مرتعاً خصباً للهمجية واصحاب المواقف الأحادية والسوابق التي تعتمد على الحقد و فكر الغوغائية واستبدال الحراك الفكري بحركات الرقص والطرب الذي عادة يكون مقدمة للهو والعبث واستدرار كوارث مدمرة،وكان لدينا ثلاثة نماذج مررنا بها وكلها دمار النموذج الأول: الاستسلام وهذا ماحدث في تونس الخضراء واعقبه في مصر الكنانة والذي تنازل فيه الرؤساء لمطالب تلك الثورات التي كان يتصاعد سقف مطالبها كلما قدم الرئيس تنازلاً رغم أن الرئيسين مبارك وزين العابدين قدما كل التنازلات شريطة أن يبقيا في السلطة لحين انتقال الحكم لقيادات أخرى وسليما وعبر صناديق اقتراح تخضع لكل معايير الرقابة الدولية ، وحذرا مما سينقلب عليه الحال إن تنازلا مباشرة أو تنحيا وفعلا حصل مالم يكن في حسبان تفكير ثورات الشوارع وصدق الرئيسان فيما أفلح إليه وحذرا منه.
النموذج الثاني: الدكتاتورية والتمسك بالسطلة ودك الشعب في رابعة النهار وهذا ماحدث في ليبيا وسوريا فإذا كان في النموذج الأول الشعوب تتهم الحكومات بالدكتاتورية والتسلط فإنه في النموذج الثاني على عكسه إذ وصفت الحكومات الشعوب بالجرذان والخونة والإرهاب وألفاظ اترفع عن سردها في هذا المقال وليتها توقفت عنذ ذلك الحد بل حولت الجيوش والمؤسسات الأمنية لمحاربة الشعب ومحاصرته وقطع الماء والكهرباء ثم القتل والدك بكل قوة مدنهم وقراهم بل حتى دور العبادة ولازال الحرب على الشعب هنالك قائماً.
النموذج الثالث: المد والجزر واحيانا العنف من الطرفين وهذا ما يحدث في اليمن والحقيقة أن لليمن خصوصية يظهر أن الحكومة أكثر دراية ومعرفة بها من احزاب المعارضة وما يسمى بثورة الشباب، وكم اتمنى أن يدرك الشعب اليمني خطورة وضعه وأن يسارع هو ورئيسه على الانتقال السليمي للسلطة حتى لاتفلت الأمور ويصعب بالتالي إيجاد حلول تطفيء لهب الخطر المحدق.
هذا هو حال الثورات العربية منذ بداية العام الحالي 2011 وجميع النماذج الثلاثة لم ينجح احد . وحتى لايتهمني احد بأنني أزكي الحكومات المشار اليها او انتقدها لمجرد النقد ، اعترف بأن هنالك أخطاء كانت خطيرة تمارسها تلك الحكومات وكان على الشعب التونسي أن يسلك مسلك الانتقال السلمي حينما قال الرئيس (الآن فهمتكم) وكان على الشعب المصري ذي الثقافة العالية أن يتمسك بمسارات الانتقال السلمي بإعطاء فرصة للرئيس حينما قال لا للتوريث وحلّ الحكومة ومجلس الشعب والشورى والحزب الوطني وكان على الرئيس الليبي والسوري أن يجنبا شعبيهما الدمار بتفهم مطالبهم وسرعة تحقيق مايمكن تحقيقة على الارض بدلاً من الخطابات الجوفاء التي ملتها الشعوب، وكان ولا زال هنالك فرصة للشعب اليمني العزيز في إعطاء فرصة وقت للرئيس وذلك بالانتقال السلمي للسلطة بعيداً من الثورة التي اصبحت اشبه بمشاجرات لا تمت للوطن ومصالح الوطن بصلة . في تونس ومصر اليوم نشاهد ما يدمي القلوب فالأمن شبه مفقود في معظم المناطق وفي العواصم تونس والقاهرة مستحيل يحدث تجمع دون غوغائية وكل رهط يخرج بمظاهرة لأتفه سبب تتفاقم وتعود الامور معها من نقطة البداية،وما أحداث امامبة وملاعب الزمالك والإفريقي إلا شاهد حي علي فلتان الامور وفقدان السيطرة وهذا ما جنته ثورة ( الرقص والشعارات الصوتية ) ففي مصر الأحقاد والتصفيات الآن مسيطرة وفي تونس استبدلوا (انا افكر إذا انا موجود ـ بأنا ارقص إذا انا موجود) لكنه رقص المذبوح.
أما ليبيا وسوريا فالأحداث الدامية زادت من حماس الشعوب لمواصلة التظاهر وتقديم الشهداء بينما حكومة القذافي تطالب جماهيرها بأن ترقص وتغني وتفرح على جثث إخوتهم في الوطن، وفي سوريا تم تطبيق المثل (يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته) بل اضافوا عليه ويقيموا مراسم التوديع ، يعني الضحية الشعب من جيش ومواطنين في سبيل بقاء الرئيس وفي اليمن لابد من تحكيم للعقل من جميع الاطراف حتى لا تصبح دويلات وويلات هذا وبالله التوفيق.
جدة ص ب ـ 8894 ـ فاكس ـ 6917993

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *