صالح المعيض
في اجواء ايمانية خالصة ووسط حشد كبير مؤمن بقضاء الله وقدره ودعت جدة يوم الاربعاء قبل الماضي المربي الفاضل مسعود بن سعيّد المنقاش ، احد رواد التعليم بمنطقة الباحة ومن اوائل من اسهم في تطويره ، وكان محبوه ممن تتلمذوا على يده رحمه الله على مختلف رتبهم ومناصبه ومجالات اعمالهم قد توافدوا على جدة من جميع انحاء المملكة منذ تلقيهم خبر وفاته رحمه الله رحمة الابرار ، وقد خفف شقيق الفقيد المحامي والمستشار صالح المنقاش ، من حزن اولئك المتواجدين حينما القى كلمة ضافية جاء فيها : لست واعظا فكفى بالموت واعظاً . وانما اقف امامكم لأمرين يخصان فقيدنا جميعا الأمر الأول ارى وجوبه علينا نحن اشقاءه وابنائه من بعده أن أي التزامات ماليه على شقيقنا نتحملها منذ هذه اللحظة ، والأمر الثاني وهو اختياري يبقى امره بين ايديكم ، حيث لاشك أن الفقيد مارس التعليم عقودا ولاشك انه لابد أن يكون هنالك ما قد يتطلب عفوكم وصفحكم والاحتساب عند الله وما اخالكم إلا اهلا لكل خير جزاكم الله خيرا ولا اراكم مكروها في عزيز لديكم . إنتهى
هذه الوقفة عظيمة وكبيرة في عصر الماديات ، وقفة وقفت معها انا شخصيا وربما غيري كثيرا . حيث جسدت تلاحما أخويا صادقا ينم عن تربية وصلاح وود لا تمتلكه اليوم إلا أسر قليلة ممن تحافظ على مثل هذه الصورة الأخوية الصادقة ، وكم انتم رائعون يا أبناء الشيخ “سعيّد المنقاش” رحمه الله رحمة الأبرار وكم نحن بحاجة إلى تكثيف مثل هذه الصور المجتمعية الإيجابية النافعة وأن تتوارثها الأجيال جيل بعد جيل.
لقد شاهدت الحزن على ملامح الشيخ والدكتور واللواء والطبيب والمهندس ورجل الأعمال وكل من تواجد في الجامع او في حرم المقبرة او طيلة ايام العزاء ، لأن من مات لم يكن مجرد معلم ، بل كان “جامعة” متحركة ممثلة في معلم ومربي وراعي للأمانة ومتعهد بالسؤال والاطمئنان حتى بعد تخرج طلابه وكذلك بعد تقاعده رحمه الله متواصلا مع الجميع ، يمتلك قلبا يحفظ ولا يرفض ، ومشاعر تحتوي ولا تلتوي، لم أكن من طلابه ولكنني كنت طالبا في تلك الجامعة المتحركة منتسبا حيث لم أحرم من توجيهاته وسؤاله ومثلي كثيرا ممن عشقوا فيه روح الأبوه وكرم الأخوة وصدق المشاعر ، المواقف المشرفه منه ومعه كثيرة والمجالس دوما عامره بذكره الطيب وقد كفاني “البرفيسور سعيد فالح الغامدي أستاذ علم الاجتماع السابق في جامعة الملك عبدالعزيز في إختصار المسافة حينما نعى رحيل الفقيد بقوله : ورحل رائد التعليم والمربي الاول في بني كبير، الاستاذ مسعود منقاش اول مدير من ابناء بني كبير لاول مدرسة تاسست بها، انه ابن القبيله البار المخلص الخلوق،، تشرفت بالعمل معه مدرسا وهو المدير علمني وزملائي الكثير من اساليب التعامل الناجح مع الصغار ليقود المدرسة من نجاح الى نجاح وكان يحرص على تحمل مسؤولية اي تقصير يحدث بنفس حرصه على اعادة فضل النجاحات الكبيرة الى كل العاملين معه، تعلمت منه الصبر ومقاومة الظروف الصعبة التي كان يمربها وقد كان قويا في مواجهة كل طارئ لم يحبط ولم يدخل اليأس ا الى نفسه الابيه ولا الى قلبه النابض دائما بالطهر والحب والايثار!! خلق ليتحدى الصعاب وقدنجح في التحدي،، نقل التحدي لمواجهة المرض غير انه للاسف خسر معركته الاخيرة كما يخسر الشرفاء!! رحمك الله معلم الاجيال وغفر لك بما قدمت واخرت وسنظل جميعا ندعو لك من قلوبنا التي احبتك واحترمتك قبل ان تغادرنا وبعدان رحلت حتى نلقاك!! أنتهى.
كم إستمعت إلى مدير المركز الإعلامي بغرفة جدة الأستاذ / أحمد الغامدي وهو يتحدث عن الفقيد بحكم انه كان معلما له في مرحلة التعليم العام الأولى وكنت اتمنى لو أن المساحة تسمح فأنقل حديثه المشوق لمعرفة جوانب عدة من مسيرة الراحل رحمه الله , وبما أن الحديث يجر بعضه لا أنسى أن اشير إن أن الراحل الغالي مسعود هو إبن الراحل الوالد / سعيّد المنقاش رحمهما الله رحمة الأبرار ، فالشيخ سعيّد بن منقاش المتوفي في شهر صفر من عام 1435هـ يظهر من حراك سيرته أنه ولد في غير زمنه متقدما جيله في كثير من الجوانب الفكرية والتطلعات فكان رحمه الله صاحب مبادرة وجريء في تأكيد القرار في كل ما من شأنه مصلحة مجتمعه ، مما جعله كتابا مفتوح يستزيد من حوله مما بين دفتيه ، كان تواقا إلى تطوير مجتمعه في مرحلة كان الكل يبحث عن لقمة العيش وجهوده في مجال تأسيس اول مدرسة وتعهده بالمبنى كان مثالا لتلك التضحيات والتطلعات التي اتت فيما بعد أكلها ثمارا يانعه قطف الجميع من خيراتها في مجالات شتى ، والأجمل أن إبنه مسعود رحمه الله واصل العطاء المميز في مجال التربية والتعليم ، لذلك فلا غرابة “فالشبل من ذلك الأسد . رحمهما الله .لأن الحقل المثمر ذو التربة الطيبة الخصبة والتعهد الصادق لا تتساقط اوراقه جميعا ولا تموت اشجاره بل شتلات يعقبها شتلات ، لذلك فالخير والعطاء موصول بأشقاء الفقيد مسعود وابنائه الأوفياء حفظهم الله آمين مع صادق تعازينا للجميع والحمد لله رب العالمين.
جدة ص ب 8894 تويتر saleh1958

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *