عنوان المقال يعكس بصورة دقيقة وواضحة تأرجح سياسة امريكا بشأن الاتفاق النووي الايراني بين الوضوح والغموض تترجمها النتائج لمناقشات لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس الامريكي والجدل حولها حيث توصلت اللجنة في قرارها انها لا تثق في ايران وذلك لفشل الوزير (كيري) في التسويق للاتفاقية المذكورة.
وفي اطار التسويق لاتفاقية ايران النووية يقول اساتذة ادارة الاعمال ان المستهلك هو اساس السوق وسيدها، وهو المحرك لكافة قوى النشاط الاقتصادي جميعه، اذ يرمي الكل الى ارضاه ولانجاح المشروع بقوة.
وفي هذا الاطار الذي وضعه اساتذة وخبراء التسويق ان الاصل في التسويق لاي منتج هو النفع الذي يعود على الشخص وهذه الحقيقة تنطلق من أن الانسان عاقل رشيد يزن الامور دائما ويتصرف لمصلحته اولاً والذاتية ثانيا، ويمتلك المعرفة الكاملة ويتمتع بالبصيرة النافذة التي تمكنه من اتخاذ قراراته بعقل لكي يحقق اكبر قدر ممكن من الانجازات باقل قدر من الاخطار.
غير ان الامر يختلف في اسلوب التسويق الذي قامت به الدبلوماسية الامركية في سلوكياتها التي لو احصينا عددها لعجزنا عن معرفة الرقم الصحيح، اما لو سألنا امتنا عما اسفرت عنه هذه السلوكيات لوجدنا ان الجواب سهل وميسور وهو غموض اي انها لم تسفر عن شيء على الاطلاق على الرغم من الاتفاق النووي الايراني الذي رفضته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي مما ادى الى عدم اقتناع اللجنة بالتسويق الذي تهدف الحكومة الامريكية منه اقناع الكونجرس به، وجاء الرد سريعا من لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس عدم اقتناعها بالتسويق للاتفاقية لانه غامض في أطروحاتها، ولذلك انتهى رأيها الى تصريح مهم وهو: “انها لا تثق في ايران”.
لذلك تتزايد الشكوك لدى اعضاء الكونجرس الامريكي بأن التسويق الدبلوماسي لوزير الخارجية (كيري) بانه يباعد بين تحقيق نجاحات في المجالات النووية الايرانية لان هذا التسويق الدبلوماسي الامريكي يعكس بكل صراحة عدم الوضوح في معالجة امور كثيرة اهمها التشجيع الايراني في العالم للارهاب والتخصيب والزيارات للخبراء الدوليين للمفاعلات النووية الايرانية.
لذلك قالت اللجنة بأن العرض الذي قدمته الحكومة الامريكية للكونجرس غامض لايمان اللجنة انه من البديهي ان التسويق الناجح يعتمد على تميز السلع بين جميع السلع في السوق على اساس جودتها، وان العرض الذي لمسناه من الحوار يناقض هذا المفهوم التجاري.
إن عدم نجاح الحملة التسويقية للدبلوماسية الامريكية بشأن اتفاقية ايران النووية نابع من تأرجح السياسة الامريكية بين الوضوح والغموض وتراوحت بين القوة والتراخي، وفي مثل هذه الحالات يعتبر التسويق زائفاً وغير معقول وكأنك يا ابو زيد ما غزيت (كما يقول المثل).
وتمشياً مع المثل السابق فان عدم نجاح الحملة التسويقية نابع من تأرجح الدبلوماسية الامريكية في معالجة موضوع اتفاقية ايران النووية لغموضها في بنودها، وانه كان من الأجدى كما قالت لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس الامريكي للدبلوماسية الامريكية اقوى واكثر وضوحا لان الولايات المتحدة الامريكية تملك مقومات التميز التي تجعلها مقبولة ومتماشية مع متطلبات السلام الحقيقي القائم على منع انتشار الاسلحة النووية.. فالغموض والترهيب عنصران من عناصر الغش التجاري تجاريها القوانين التجارية بالمصادرة والاتلاف فمن باب اولى ان تقف دول العالم اجمع وقفة رجل واحد ضد ابواب التسويق الزائف امام مجلس الامن الدولي لتحقق انقاذ البشرية الانسانية من مخاطر امتلاك ايران لأسلحة نووية.
خلاصة القول فلقد اعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن قلقها تجاه غموض التسويق لاتفاقية ايران النووية، بل انها اكدت من خلال تصريحاتها قلقها لعدم وضوح الاتفاقية المذكورة، ومؤكدة على ضرورة اخلاء منطقة الشرق الاوسط بما فيها منطقة الخليج العربي من الاسلحة النووية.
وبذلك يتضح مدى القلق الذي يساور دول مجلس التعاون الخليجي من خطورة النووي الايراني على امنها، بل وامن منطقة الشرق الاوسط.
ان رد الفعل الخليجي للتسويق الغامض لاتفاقية ايران النووية كان اسلوب الصبر الجميل الذي تعاملت به مع ايران، وهو اسلوب نموذجي، كانت فيه الدول الخليجية هادئة مرنة، طويلة البال، شديدة الحذر في اسلوب تعاملها مع البرنامج النووي الايراني، متقبلة للصد والرفض.
ان القلق الخليجي من تأثير التسويق الغامض، يتفق جملة وتفصيلا مع ما ورد في بيان لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الامريكي، وبذلك كان موفقا واضحا ومعلقاً ومعلوماً للطاقة، مؤكدة في نفس الوقت انها – اي دول مجلس التعاون الخليجي – لا تعارض حيازة التكنولوجيا النووية من اجل خدمة الاغراض السلمية، داعية الى ان تكون الذرة والطاقة النووية في خدمة السلام والتقدم الاجتماعي والاقتصادي وللانسانية قاطبة.
وامام هذا الغموض فان دول مجلس التعاون الخليجي ترى ان الحاجة اصبحت ضرورية لان تظهر الاتفاقية الايرانية اكثر وضوحاً لاحتواء هذا الخطر النووي، لان امتلاك الاسلحة النووية احد المصادر الاساسية لتهديد الامن والسلم الدوليين ولم يعد خطرها يقتصر فقط على احتمالات وقوعها في مدى جماعات ارهابية، وانما امتلاكها في حد ذاته يمثل تهديداً للجنس البشري كله.
ومن هنا بات من المهم إبداء القلق الخليجي حيال التسويق الغامض لاتفاقية ايران النووية، كما ابدته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي وابدته ايضا اكبر مظاهرة لرفض الاتفاقية لعدم وضوحها في ميدان اكبر ميادين امريكا (تايمز اسكوير) بمدينة نيويورك حيث ابدت هذه الجموع ان مثل هذه الاتفاقية ستزيد من التوتر في المنطقة وربما تجرها من حيث لا تريد ولا ترغب.. لذلك اقول في ضوء هذه الاحتجاجات بأن الصبر الجميل هو مفتاح الفرج إن شاء الله.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *