بين خطاب الله وخطاب البشر
يتحدثون على صفحات الصحف وعبر القنوات الفضائية بأريحية تامة عن الخطاب الديني وما علموا ان لله خطابا في كتابه وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – نافذة لا يمكن لخطاب بشر ان يعارضه، ولعل كثير منهم لم يتوقف عند هذا المصطلح وما يعنيه، فخطاب الدين حتماً ليس هو خطاب مدعي العلم بالدين، ولا حتى خطاب من هو عالم به اذا اخطأ في فهمه
لان خطاب الدين في الاصل هو ما خاطب الله عز وجل عباده به على لسان رسوله المصطفى – صلى الله عليه وسلم، وهذا الخطاب حتماً لا يتغير، وان قلنا ان الدين يتجدد لقول رسوله الله صلى الله عليه وسلم: (ان الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها)
فكل شيء من الخير اراد الله لعباده اذا خشى عليه ان يندرس وجب تجديده اي احيائه سواء كان من امر الدنيا او الدين، والله عز وجل لا يترك الدين دون ان يجعل له من يعتني به، ويحيي احكامه ويرعى تطبيقها في كل زمان ومكان، فالعالمون بالدين الذين وفقهم الله لخدمة دينهم يقومون بهذه المهمة، ولا يقوم بها من افرادهم الا من اراد الله ان يمنحه ميزة عن الاخرين،
بحيث يكون علمه بينهم اعظم، وقدراته ومكانته العلمية افضل، يعلم بذلك كل من كان عالماً بالدين ويقرّ به، وقد ظهر لهذا امثلة على مرّ القرون السابقة، تفردوا بملكات وقدرات اهلتهم لان يقوموا بهذا التجديد، وينطبق عليهم الوصف الذي وصفهم به سيدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين قال: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله،
ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين) وما احوج المسلمين اليوم الى هذا المجدد يواجه هذا العبث الذي ساد اليوم بين غالي افسد على الناس دينهم حتى نفروا منه، وظنوا ان كل أحكامه شدة لا يحتملونها, ويواجه انتحال المبطل الذي يتبع هواه، ويريد ان يطوع الدين لما يهوى، وما أكثرهم في زماننا، وليس التجديد يعني التغيير ولاشك أو ابطال ما ثبت من الاحكام، او الادعاء بأن مصادر الشريعة من القرآن والسنة يمكن تطويعها لآراء هؤلاء المبطلين،
الذين تمتلئ بهم ساحة الثقافة هذه الايام، وترى لهم رموزا يدعون إلى التخلص من هذه المصادر بالادعاء انها باطلة، او انها يخالف بعضها بعضاً، فيتخذون من احاديث لا علم لهم لا بسندها ولا بما تدل عليه، لاثبات ما يدعون بانها تخالف القرآن، ولو قرأوا القرآن حق قراءته لوجدوا انها تطابقه ولا تخالفه،
وهؤلاء المبطلون الذين اشار اليهم سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ظهروا في كل عصر وخسروا، وبقى الدين نقياً خالصاً، وهذا ما يؤكد حفظ الله لهذا الدين الحنيف حتى تقوم الساعة، وان كل محاولة لطمسه محكوم عليها بالفشل ولاشك، فهل يدرك هؤلاء المهاجمون الدين ومصادره الاساسية، والذين يشغبون اليوم عبر وسائل الاعلام المختلفة انهم خاسرون، فيريحون انفسهم ويريحون الناس، ويصمتون فجهدهم عبثي لا يقبله الله ولا يقبله عباده المخلصون له، عفا الله عنهم وردهم إلى دينهم رداً جميلاً، فهو ما نريد والله ولي التوفيق.
التصنيف: