بيشة..مؤثرون غُرسوا بالذاكرة (1)

• صالح المعيض

صالح المعيض

حينما يستفرد احدنا بنفسه خصوصا ممن تقدمت بهم السن ، أحسن الله لنا ولكم الخاتمة ، تتجاذبه ذكريات ومواقف وصور ذهنية تجعله يعيش عالما آخر ، وكأنه في قاعة مسرح ، يتعايش مع ما يعرض على خشبته من أحداث كانت نائمة على حشائش ذاكرته

التي يعتقد احيانا انها لم تعد بيدرا خصبا لاستقبال شتلات قادر على تعهدها بالسقاية والرعاية كما كان في صباه ،

واليوم رأيت أن استذكر في جلسة إنفراد خلاوية مراحل التعليم العام والتي أنعم الله عليّ بأن اكملتها في سلوة خاطري بيشة الفيحاء ، ولعلني أستذكر مع هذه المراحل الثلاث بعضا ممن إستفدت منهم او كنت أرى ان لهم بصمات تذكر وتشكر وليس ذلك حصرا بل إختصارا ، فهنالك من المميزين إدارة وتعليما الكثير ممن قد يغيب حراكه عن ذاكرتي في هذه اللحظات او لم أتشرف بمواقف معهم بل حتى الاعلام والمجتمع تجاهلهم ، لذلك اعتذر أن سهت بي الذاكرة عن الكثير من المبدعين .

بداية تذكرت ما كان يسمى بالنشاط “اللامنهجي” حيث اتذكر معلمين فاضلين هما . محمد بن علي بن سعود السلولي و عبدالرحمن من محمد عويد بالمدرسة الفيصلية بمبناها الطيني بالروشن ، فرغم جديتهما في التدريس إلا أنهما في النشاط “اللامنهجي” كنا نشعر انهما اقرب الينا توجيها وتعاملا وتواضعا يومها من اترابنا .

 

واكاد اجزم أن هذين المعلمين كان لهما اثر في زرع حب الاستزادة من الثقافة المعرفية لدى كل من حظي بشرف التتلمذ على يديهما ولاشك كان معهما كوكبة من المعلمين الافاضل الذين لاننسى فضلهم. ثم أذكر انه بعد انتقالي للمدرسة السعودية كان للمعلمين الفاضلين سعيد بن حسن الصعيري وعبدالله بن صالح بن خبتي أثر في عشقى للنشاط “اللامنهجي” لما يتمتع به الأول من تميز إداري يتبنى المعايشة عن قرب للتلاميذ ،

وما نجد مع الثاني من تعامل يختلف عن داخل الدرس ، حيث كنا نغني خارج المدرسة وبعيدا عن جدران المدرسة ذات الآذان كما يشاع ( اللي علينا علينا، عبدالله بن صالح قطع إيدينا ) حيث نجده في النشاط اللامنهجي شيئا آخر من الروح التفاعلية التي تحتوي الجميع ، ليكمل بذلك عقد العملية التعليمية التربوية بحق وحقيق .ثم انتقلت من تبعية وزارة المعارف آنذلك إلى تبعية “الرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية” حيث سجلت بالمعهد العلمي وكان مديره آنذلك الشيخ / صالح بن أحمد العييري .

وكان حازما جازما ومن حوله رجالا صدقوه النبل والوفاء وحسن التربية والرعاية ، ولأن المعهد العلمي كان جميع معلميه من خارج بيشة فقد تنوعت المعارف وتعددت المشارب ، واكملت فيه مرحلتي المتوسطة والثانوية ، وقد تأثرت في مجال النشاط بتوجيهات كل من الاساتذة الكرام / سعيد حسين القاضي من مصر الشقيقة وشبيلي مجدوع القرتي وعلي الحسن الحفظي وخالد بن عبدالله بن صالح هذا بخصوص مراحل التعليم الثلاث ولاشك أن هنالك معلمون بل جميعهم كان لهم الفضل والتأثير في مجال التعليم العام.

. لكن على مستوى بيشة فالذاكرة مغروسة بشخصيات كثيرة ذات طلع نضيد أذكر منهم الاستاذ . عبدالرحمن محمد الصفار رحمه الله وكان مديرا لمتوسطة بيشة وكان ايضا حازما وكنت أحظى بإشاداته إذا قابلته في نمران حينما ازور والدتي رحمهما الله.

الاستاذ / فراج السبيعي مدير ثانوية بيشة كان مديرا جادا وكان هنالك تنافس بين ثانوية بيشة والمعهد العلمي وكل يدعي انه الأكثر تأثيرا في المجتمع البيشي وذات يوم قررت أن اقرب وجهات النظر ، فقررت منفردا إجراء مقابلة لصحيفة المعهد مع مدير ثانوية بيشة فراج السبيعي ولا اخفيكم كان القرب منه مخيفا حسبما يتحدث طلابه فكيف يا ترى التحدث معه ، إستأذنت من المعهد بعد الحصة الثالثة بدعوى موعد بالمستشفى ، وأمتطيت دراجتي “سيكل” وذهبت للثانوية التي تبعد قرابة 500م وكان الهدوء يخيم على الثانوية وكأنها خاوية ، لأن مديرها الذي اقصده كما اشرت من قبل كان حازما وجازما ،

ولا اخفيكم كان الخوف يراودني ولكنها (شجاعة الجبناء) قابلني الاستاذ / محمد المجدوعي وكان كما اعتقد مسؤول المختبر ، مما خفف من روعي لكونه يعرفني جيدا وادخلني على المدير وعرفه بي ، وشرح له رغبتي رحب وكان سؤاله المفاجئ :” كيف تركت المعهد وجيت تجري مقابلة” قلت له الحقيقة فأعجبته مصارحتي وقال هات الاسئلة اطلع عليها ثم اردف ، تعال بكره لاستلام الاجابة ،

خرجت من عنده والزهو يكاد تتفجر منه مناكبي ، وكان حديثي ذلك اليوم مع اسرتي واترابي عن ذاك اللقاء الفريد مستعجلا تسارع عقارب الساعة نحو الغد ، وفي الغد عدت لإستلام الاجابات فكانت جاهزة ولكن لم يغب عنه سؤالي كيف خرجت هذه المرة من المعهد ، فاخبرته لقد صارحت مدير المعهد فأعجب بفكرتي وشجعني ويقرئك السلام ، عند وصولي للمعهد إستعدادا لتسليم المدير الاجابات لم اجدها فعدت للتو للثانوية وبكل تذلل شكوت الحال للاستاذ / فراج الذي تبسم وناولني الاجابات من على مكتبه،

وقال:” انت نجيب وخلك حريص تراك في البدايات الله يوفقك”، وفي المساء إكتشفت أن الاجابات في صندق دراجتي “السيكل” وعلمت فيما بعد أن أ. فراج اعطاني صورة الاجابة تشجيعا حيث اراد عدم إحراجي . وكانت البدايات الحقيقية لعشقي العمل الصحفي وفي الاسبوع القادم أن شاء الله نتطرق كيف كان هذا اللقاء دافعا لإجراء لقاءات في ذات العام مع رئيس بلدية بيشة ثم رئيس المحكمة ومدير الشرطة ثم بعدها السفر إلى أبها لإجراء مقابلة مع أميرها آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.

جدة ص ب ـ 8894 تويتر/ saleh1958

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *