بعد غياب عام وإقبال عام
حقيقة الأمر أني منذ سني الشباب وتلقي العلم كنت أصرف نفسي عن السياسة ما استطعت حتى درّستُ في “كلية المعلمين المتوسطة” وهذا مسماها آنذاك، وهي كلية يلتحق بها الطلاب بعد اتمام دراستهم الثانوية في الغالب ويعود اليها مدرسوا المرحلة الابتدائية الذين لا يحملون سوى الثانوية لتقدم لهم علوماً تخصصية وتربوية القصد منها الرقي بعملهم كمدرسين للمرحلة الابتدائية عبر ساعات محددة في فصول دراسية محددة،
وجدت نفسي أدرس ما سمي آنذاك السياسة الشرعية، ومن حسن الحظ ان من ألف في المقرر كتاباً كان جيد الاطلاع على السياسة الشرعية في الفقه الاسلامي، وعلى ما يجب ان تكون السياسة للدولة الاسلامية في عصرنا الجديد، وحثني هذا على ان أعود الى كتب السياسة الشرعية والسياسة كعلم عصري كما تدرسه كليات الاقتصاد،
كما ان حصولي على الماجستير في الاقتصاد الاسلامي، وما قرأته في كتب الاقتصاد السياسي واقتصاد العلاقات الدولية أفادني حينذاك في عملي اليومي ولكن ما لاحظته بعد هذا خاصة بعد هذا الذي اسموه ربيعاً عربياً، وهو في الحقيقة دَمار مرّ ببلاد العرب نرجو ان يتخلصوا من أثاره، وتعود حياتهم مستقرة آمنة، ولما كان للغرب غاية في ان تهتز إدارات كل الأوطان العربية،
بل لعل في المخطط أن يقسم المقسم أصلاً على دويلات الطوائف والعرقيات التي كانت في الماضي خاصة في أوروبا، فلا يصبح للعرب وطناً غير مقسم، ولكن الشعوب وعت وعرفت أن ما جرى ليس ثورات ولا مطالب إصلاح وإنما ثورات مصنوعة صرف عليها بكثير من الكرم من قبل اجهزة المخابرات الغربية،
مما جعل بعض المسؤولين الغربيين يعترفون بأن ما حدث للبلدان من كوارث عبر هذه الثورات ما كانوا يظنون انه سيقع، ولهذا يقدم اعتذاره لسكان البلدان التي اضيرت وشرد أهلها بفعل هذه الثورات التي صممها غربيون وأشرفوا على تنفيذها وكانوا يلاحقون من أعطوهم الأموال ليقوموا بها حتى يقضوا على كل استقرار في بلد وقعت فيه ثورة من صناعتهم،
واليوم وقد مضى على قيام ثورات ما يسمى خطأ الربيع العربي سنين، وجدنا عدة بلدان تعاني مثل العراق وليبيا وسوريا ومصر وتونس، والعدوى كادت تصل الى بلدان اخرى لولا عناية الله عز وجل، فقد انهارت النظم الادارية والاقتصادية في تلك الاوطان ثم اضطرت ان تنفق على ما خربته تلك الثورات المصطنعة من ما في خزائنها وهو القليل،
فأصبحت جميعها تعاني نقصاً في التمويل للمشاريع، بل لما تنفقه الحكومة وما تقوم به من خدمات لشعبها مما يضطرها للاستدانة للوفاء بذلك، لتعاني بعد ذلك لسداد الديون بل لسداد خدمتها كل عام، ولايزال الغرب يلوح لدولنا بعصاه الغليظة ليهدم منها ما بقى بنيانه قائماً، بما تتفق ذهن حكوماته عنه من اتهام بالارهاب وادعاء أن بعض دولنا المسؤولة عنه ويضع قوانين من أجل أن تحاكم وتفرض عليها غرامات بالمليارات ليهدأ الغرب، والحقيقة ان لا دولة تستطيع أن تفرض على العالم قوانينها حتى ولو كانوا أصدقاء لها،
وأن الهيمنة الغربية في طريقها للزوال بإذن الله، بعد ان وعت الشعوب ما تخطط له دول الهيمنة التي تسعى لإخضاع العالم لها ولن تستطيع وسيأتي اليوم الذي تتدهور فيه أحوالها حتى تحتاج الى طلب المعونة ممن كانت تعاديهم، فهلا كفت عن هذا وبنت العلاقات مع الدول الاخرى انسانياً ذاك ما نرجوه والله ولي التوفيق.
ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]
التصنيف: