ان العالم يتغير .. في الطريق
كان هذا اسم احد البرامج التي يقدمها الاذاعي والاعلامي المبدع الدكتور بدر احمد كريم – رحمه الله – في الاذاعة السعودية .. كانت لنا جيرة معه في حارة البحر في جدة .. عرفته وهو يشق طريقه بالشهادة الابتدائية وتابعت مسيرته العلمية والعملية الي ان حصل علي شهادة الدكتوراه وتبوأ منصب عضو مجلس الشوري ..انه نموذج للعصامية الفذة ..انه صانع نفسه بنفسه .. كما يقول المثل الانجليزي ..قدم برامج اذاعية عديدة كلها كانت ناجحة ..وكنت مغرما ببرنامجه في الطريق ..لانه يحمل الكثير من المعاني الانسانية الراقية والسامية ..واليوم تجدني عزيزي القارئ استعير التسمية لعنوان مقالي هذا .. ولكن موضوعنا اليوم يتعلق بالسؤال الكبير ..هل هناك طيبيب في احد جيوب ملابسي؟ ! . كل الاخبار القادمة من عالم الصحة والطب تقول لنا انه قادم في الطريق. !! طبيبك في جيبك؟ ! . او طبيب الجيب. ؟!.
انه الحلم الذي يراود البشرية جمعاء ..وخصوصا في تلك المناطق النائية والمعزولة والمحرومة من الخدمات الصحية والطبية بكل انواعها .. وللاسف ان كل مانسمعه عن التطور الطبي سواءا فيما يختص باختراع وانتاج ادوية للامراض المستعصية او فيما يختص بصناعة الاجهزة والمعدات والادوات الطبية ..كلها امور مرهونة بعاملين رئيسين هما الابحاث والتطبيقات علي البشر والتاكد انها ليس لها مضاعفات مدمرة .. والامر الاخر مرهون بتمويل الابحاث المكلفة والتي بدورها تجعل من هذه الوسائط عالية الثمن وليس في مقدور اي انسان الحصول عليها هذا الي جانب عدم تواجد المنشآت الصحية والكوادر الطبية في متناول اليد ..انها المعادلة الصعبة التي تواجه جميع دول العالم غنيها وفقيرها ..؟!
الا انني متفائل واري الضوء في نهاية النفق! وهو توظيف تكنولوجيا الهواتف الذكية وتطبيقاتها والاجهزة الالكترونية الملبوسة ..وشبكات الانترنت والتشريعات التنظيمية لتوظيف هذه التقنيات والبروتوكولات لخدمة البشرية عن طريق الصحة الرقمية.
ياسادة ..اطمئنكم ان الصحة الرقمية قادمة في الطريق الينا بكل تقنياتها وابعادها وشموليتها لاساليب وانماط المعيشة والسكن والاكل والشرب والبيئة المحيطة بنا داخل وخارج منازلنا وشوارعنا وطرق تخلصنا من النفايات واساليب زراعتنا وانتاجنا للمواد الغذائية وتربية المواشي الخ. الي جانب الطرق والاساليب العلاجية من خلال بناء حزمة متكاملة من المنشآت الطبية الذكية كالمستشفيات والمختبرات والمعامل ومراكز الاشعة وذلك من خلال التجهيزات والمعدات الطبية الذكية واجهزة التواصل عن بعد لتشغيل الروبوتات الذكية لاجراء الجراحات الملاحية الدقيقة من مراكز متخصصة حول العالم يديرها ويشغلها امهر الاطباء المتخصصين ..حيث ليس بالضرورة تواجد المريض في مكان محدد لتلقي العلاج بل يمكن تواجده في اي بقعة علي الكرة الارضية او في الفضاء الخارجي .
عزيزي القارئ .. نحن الان نشهد طلائع الثورة الصحية الرقمية ابتداءا من البرمجيات الخاصة بالنشاطات الادارية مثل قواعد المعلومات الطببة والكوادر الصحية والاجهزة والمعدات ..وجدولة العاملين والبرمجيات الخاصة بالتمريض والصيدلانية وحفظ السجلات الطبية الخاصة بالمعامل والمختبرات وسجلات المرضي .
اما الجانب الاهم في منظومة هذه الطلائع هي الاستشارات الطبية الهاتفية والفيديوية حيث يمكن للمريض ان يتواصل مع طبيبه لمناقشة حالته الصحية الانية والتي ترصدها الحساسات والمجسات الطبية الملبوسة مثل رصد نبضات القلب وتخطيطها وقياس معدلات السكر وضغط الدم ونسبة الاوكسيجين في الدم ..وتحويل النتائج الي اي طبيب متوافر حول العالم لدراستها ووصف العلاج المناسب للمريض ..هذا الي جانب انتاج بعض الادويةالرقمية واجراء التعديلات الجينينة داخل الارحام ..الخ. والقائمة يطول سردها ولامجال للاسهاب فيها في حيز المقال.
ياسادة .. قبل اختم مقالي .. اسمحوا لي ان اطالب الجهات المختصة بالقطاع الصحي ان تتخذ من الان الخطوات التحولية الصارمة لتحويل العملية الطبية الصحية الي مفهوم الصحة الرقمية .. واشتراط دخول التكنولوجيات الذكية الي المستشفيات والمراكز الطبية والمعامل والمختبرات الحالية عبر برامج تطويرية مقننة وملزمة لديمومة واستمرارية تراخيص هذه المنظومة الطبية الحالية .. اما فيما يختص بالمنشآت الجديدة فلا بد وان تبني وتنشأ بناءا علي مفاهيم العصر وتقنيات الذكاء الاصطناعي بحيث يكون هناك قطاع صحي ذكي متكامل قابل للتطور والاستمرارية والحياة في المستقبل.
عزيزي القارئ .. قريبا سيصبح طبيبك في جيبك. !!
التصنيف: