إيمان يحيى باجنيد
كانت تسند رأسها على يدها، وتنظر من خلال الحائط الزجاجي نحو الخارج..
كسرت الصمت الذي طال بيننا ونحن في حالة تأمل بنبرة صوت متهدجة:
“لماذا أصبحت أرى كل الوجوه متشابهة، بنفس الابتسامة ونفس الملامح، وكأنني أشاهد معرضاً للدمى المتحركة مصفوفة بانتظام..؟”
لم تكن تنتظر إجابة مني، بل كانت تحدث انعكاس صورتها على الزجاج..
“لِما يمر أغلبنا بهذه الحالة.؟ (ثم نظرت نحوي وهي تكمل سؤالها) ألم تحدث لك قبل ذلك.؟”
نظرتها كانت تتحداني أن أتهرب من الإجابة بكلام مبهم، أو أن أفلسفها بعبارات منمقة، لامتصاص الموقف الذي وضعتني فيه.. أشاحت بوجهها بعيداً بعد أن قرأت ما تريد قراءته على وجهي.. وبقيت أنا أنظر إليها، أبحث عن سر هذا الحديث، ما الذي جعلها تنظر للحياة بمنظار محطم.. أي نوع من الانكسار عبر خلالها وترك أثره ثم رحل.!
وبدوري نظرت فيمن حولي من أشخاص، أمر على كل واحد منهم أتفحص قسماته، أحاول أن أبحث عن شبيه لما تشعر به صديقتي.. وبالرغم من الضحكات الكثيرة، والحوارات الساخنة، إلا أن نتيجة بحثي أذهلتني..
حالة من الحالات التي تمر بنا جميعاً، لا أعلم لها مسمى علمياً، لكن من المؤكد أنها تعود لدراسة عند علماء النفس، و لست منهم .. يكفيني صديقة واحدة تجبرني على التحليل والبحث والتقصي، لأخرجها مما تشعر به أو محاولة ذلك إن صح القول وسأترك لهم باقي الحالات.
سمعت عبارة لأحد المدربين، رداً على شخص أصابه ما أصاب صديقتي وشعر بمرارة اليأس والفشل مثلها، فأخذ في سرد معاناته بداية من حظه العاثر، مروراً بظلم البشر وانعدام العدالة، وصولاً إلى شعوره باليأس وفقدانه الأمل، فأجابه.. ” إذا فلتبقى يائساً وفاشلاً …” قد يعتقد من يسمع ردا كهذا أنه يحمل جانباً من القسوة، وهي كذلك.. لكنها في مكانها الصحيح..
حقيقة من أراد أن ينعم بالفشل واليأس فلينعم، وإلا فلا مانع في قليل من الفتور واستعادة الصحو ثم النهوض سريعاً نحو الأمام.. فكما قالوا” الحياة حلوة”، ولكن حلاوتها متبوعة بهذا الشرط ” بس نفهمها”، ولفهمها أكثر من معنى خذ المعنى الذي يعجبك، ويجعلها حلوة في عينيك.. مادمت لا تسرق من حلاوة حياة الآخرين.!
إياك أن تعتقد أن هذا الطعم الحلو، سيأتيك وأنت تعطيه ظهرك، بل يجب عليك أن تسعى إليه وتطارده.!
للتواصل .. تويتر- فيس بوك eman yahya bajunaid

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *