المملكة ومنهج الدبلوماسية الوقائية

• أ. د.بكر محمد العمري

في اطار التحرك الدبلوماسي المكثف الذي تضطلع به المملكة لدرء الأخطار عن الامة العربية والدفاع عن مصالحها العليا، تأتي مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله التي اطلقها من قمة الرياض الاستثنائية واستهدفت تأكيد تضامن ومساندة الدول الخليجية لمصر، ودعم مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه مصر العربية.
هذه التحركات والاتصالات المكثفة التي تجربها المملكة في الساحتين الخليجية والعربية تمثل اشارة واضحة لحجم وعمق التحديات والمخاطر التي تستشعرها المملكة من خلال قراءة صحيحة ودقيقة للتحولات المتوقعة والمعادلات المنتظرة في المرحلة القادمة.
وقمة الخليج الاستثنائية التي عقدت بالرياض بكل ما تنطوي عليه من مقاصد واهداف في لم الشمل العربي، تتم في اطار جهود المملكة بقيادة الملك عبدالله على الصعيدين الخليجي والعربي للتنسيق بين مواقف دولة قطر وجمهورية مصر العربية حتى يتسنى التصدي للتطورات والاحداث التي تشهدها المنطقة العربية، بحيث يمكنها عبر اجماع في الرأي تحقيق المصالح العربية.
وربما يعزز من صحة الرهان السعودي على جدوى هذه التحركات انها تسلك منهجاً محدداً وواضحاً لاعادة البيت العربي بعد توحيد الصف القطري والمصري عن طريق تنسيق المواقف وتجديد الاصرار على التمسك بالثوابت التي ارتضتها القمة الخليجية الاستثنائية بالرياض كركائز استراتيجية وفي المقدمة منها اعتبار العلاقات القطرية – المصرية خياراً استراتيجياً لدعم الوحدة العربية.
ربما لا جدال فيه ان هذا المعنى هو ما حرص عليه الملك عبدالله يدور حول الاسلوب القيادي لمعالجة القضايا الخليجية والعربية يربطها خيط واحد، تلتقي عنده الدوافع والنتائج معاً، علماً من الملك عبدالله بانه في علم السياسة ليس هناك مكان لكلمات مثل المفاجأة والمصادفة لان السياسة في البداية والنهاية لابد ان تخضع لادق قواعد الحساب لمنهج الدبلوماسية الوقائية.
وهكذا فان المملكة بقيادة الملك عبدالله ادراكا للمخاطر والتحديات التي تواجهها الامة العربية تستبق الاحداث والتطورات وتفصح عن قدراتها وامكاناتها بالتعاون الوثيق بين الدول العربية وخاصة بين دولة قطر ومصر على تصحيح مسارات الاحداث والتطورات بحيث يمكن تحقيق المصالح القطرية – المصرية – والدفاع عن الامن العربي.
تحية من القلب اوجهها الى الملك عبدالله تحية مستحقة لدبلوماسيته الاستباقية حيث عكست رؤية سياسية مستقرة لديه في ضرورة دعم العلاقات القطرية – المصرية – ودورها في المجال الاقليمي والدولي.
اقول ذلك عن اقتناع كامل لا يعادله سوى اقتناعي بأن المملكة التي اعرفها تحترم الهدف النبيل باهمية التضامن العربي. هكذا تتضح مصداقية الموقف السعودي المعلن باعتباره موقفاً يحظى بتأييد تلقائي من الدول الخليجية في مجالاته المتعددة فهي بشارة جديدة وروح جديدة مختلفة ينثرها الملك عبدالله في المناسبات الدولية والاقليمية.
خلاصة القول فإن حركة الدبلوماسية الهادئة للملك عبدالله والمحسوبة في التعامل مع الازمات والمشاكل هو ابرز دليل على انها دبلوماسية من طراز فريد يدرك من خلاله صانعه واقعية الدبلوماسية الوقائية ويصر على قراءة مفردات اللغة الجديدة لهذه الدبلوماسية لاحتواء مشاكل كل العرب ووضع الحلول لها واصبح ذلك هو الدليل الحي على جمع كل من قطر ومصر في اطار الامة العربية الموحدة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *