لقد جاء ديننا بالمساواة بين الخلق كلهم ما داموا مواطنين في الدولة المسلمة في الحقوق والواجبات، لا يتميز فيها احد عن احد الا عبر ما يقدمه لاجل فارق مهم لا يهدم اساس هذه المساواة، حين نقدم مثلاً المسن في الحصول على بعض الخدمات لضعفه أن يزاحم الناس مثلا للحصول عليها، او تقدم المريض الذي لا يستطيع الانتظار في الدخول الى المشفى مثلا، اما ان تكون العادة ان يقدم من الناس في جانبي الحقوق والواجبات من لا يشهد له ضرورة في التقديم الا ان يكون له حظوة عند من يطبق القانون او النظام، او لانه ممن يشار اليه بالبنان فهذا ظلم لا يجب ان يكون فربنا عز وجل يقول في محكم كتابه (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير) فقد خلقكم الله من نفس واحدة، اصلها واحد، وما جعلكم شعوباً وقبائل ليميز منكم شعبا على آخر او قبيلة على اخرى، فانما يتقدم بعضكم على بعض عند الله لا الخلق بتقوى الله، فمن كان اكثر تقوى له تميز عنده في الآخرة بمنزلة اعلى ودرجة أعلى، هذا هو التمايز الذي له اصل وله زمان يتحقق فيه، اما ما عدا هذا فالناس بين يدي الحاكم نظاماً وقانونا متساوون لا يتقدم احدهم على الآخر ابدا، فالله يقول: (يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام) ليذكرنا المولى دوماً بأن اصلنا واحد ولا تفاضل بيننا بأي سبب سوى سبب التقوى عند الله لا عند الناس، واني لا اجد نفسي حينما احد من المواطنين من يتعرض ألا يحصل على حقه إلا بعد أن يحصل كثير من الخلق قبله رغم أنه أول من تقدم للحصول عليه، لمجرد واسطة أدت إلى تقديمهم عليه، أو لأنه هو الأضعف وهم الأقوى، اجد نفسي حانقاً على مثل هذا التصرف الذي لا اصل له لا في الشرع ولا في النظام، ويجعل كثيراً من الناس في مواقف لا يحسدون عليها، فيغتاظون من هذا التصرف ويزداد الحنق منهم على هذه الاوضاع، التي تأخرهم للحصول على حقهم او تمنعهم منه، لمجرد ان يمنح غيرهم بسبب انه له واسطة او انه من قوم يرى الموظف انه يجب ان يقدموا ولا اساس لتقديمهم سواء رغبتهم ورغبة من قدمهم، فقط، وارى ان مثل هذا يثير غضب كثير من المواطنين، وهم يرون ان حصولهم على حقوقهم يتعثر بسبب تقديم غيرهم عليهم وهم متساوون في الحقوق سواسية كأسنان المشط، ويرون غيرهم يتقدمهم بغير موجب للتقدم، سوى ألوان من التصرف ممنوع نظاما كالواسطة او القرابة او الانتساب الى قبيلة او عائلة، او رشوة احيانا فيزداد حنقهم وغيظهم مما يفعل ذلك وخير لنا ان نمنع مثل هذه التصرفات منعاً باتاً، وايقاع العقوبة الرادعة على من يفعل ذلك حتى يرتاح الناس من تمايز بينهم ليس له اصل لا في الشرع ولا في النظام المراعى والمعمول به في البلاد، وهو نظام في الاصل يراعي احكام الشرع ومقاصده، فلا نقدم من لم يقدمه الله، ولا نعطي حقاً لم يعطه الله ذاك الحق، ونساوي بين الناس فنمنع ان يغيظ بعضهم تصرفات غير مأذون فيها شرعاً ولا نظاماً، ففي هذا اقامة عدل وانصاف ومنع ظلم وتجاوزات، فهل نفعل هو ما ارجوه والله ولي التوفيق .

ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *