مرة أخرى قامت الدنيا ولم تقعد انزعجت الصين ..وامريكا ..وفيتنام .. اصاب الذعر امريكا لان احد مواطنيها من الركاب سحل علي سلم طائرة يونايتد واستنكرت فيتنام الحادثة لان من سحل من جذورها .. اما الصين فكانت تعتقد ان الراكب هو احد مواطنيها لان ملامح وجهه توحي بانه صيني ..تصوروا! !
يا قوم لا تستغربوا انه سر المواطنة والكرامة ..والحقوق .. والحرية..والعدالة.
والقصة باختصار شديد ..ان ادارة طيران شركة يونايتد اضطرت ان تطلب من احد الركاب اخلاء مقعده نتيجة الحجز الزائد الا ان الراكب رفض النزول من الطائرة لان حجزه مؤكد ..فما كان من طاقم الطائرة وسلطات المطار في امريكا الا انزال الراكب بالقوة وسحله علي الارض, وقام الركاب بتصوير الواقعة ونشروها على وسائط التواصل الاجتماعي واستفزت واستنفرت تلك الصور حمية العديد من الجهات منها اجهزة حماية المستهلك واقام المحامون الدعاوي ضد الشركة وتصرفها المهين وطالبت شعوب الدول الثلاث بمقاطعة شركة طيران يونايتد وعدم السفر عليها, فما كان امام الشركة الا الاعتذار والرضوخ لدراسة المطالبات التعويضية الضخمة والتي تقدر بملايين الدولارات لصالح الراكب المسحول. واضطرت الشركة ان تعلن انها بصدد تعديل انظمتها في التعامل مع ركاب الحجز الزائد ..اما الجهات التشريعية والتنظيمية لادارات المطارات ..قالت انها ستعيد دراسة الحقوق والتعويضات المترتبة علي زيادة الحجز الزائد لصالح ركاب الطائرات المتضررين من هكذا اجراء وكيفية التعامل معهم والحفاظ علي حقوقهم وكرامتهم ..انها الشعوب الحية القوية والتي تستمد قوتها من النظام والقانون واسس العدالة ومن خلال منظمات المجتمع المدني القوية والمتمكنة. واولا واخيرا من جمهور العملاء القوي والمؤثر الذي يعرف كيف ينتزع حقوقه من شركات الخدمات ونظمها الظالمة.
ولكن عزيزي القارئ ما هي قصة الحجز الزائد علي مقاعد الطائرات ..
في بداية حياتي الوظيفية تعلمت ان اي طائرة تقلع وعليها مقعد خالي سيشكل خسارة على الشركة لن تعوض الى الابد ..وكذلك الحال مع الفنادق والقطارات والمسارح ودور السينما والاتوبيسات ..الخ .. فلذلك اقدمت تلك الشركات وعلي رأسها شركات الطيران بزيادة عدد الركاب الحاجزين علي رحلاتها عن عدد المقاعد المتوفرة وذلك بتطبيق نظرية الاحتمالات وادارة العائد وتعظيمه .. وبعد اخذ الموافقات القانونية من الاجهزة التشريعية والتنظيمية من هيئات الطيران المدني ومنظماته التي تحافظ علي حقوق الركاب عند رفض قبولهم علي الرحلات الحاجزين عليها اما بطريقة اختيارية ام قسرية علي ان تقوم شركات الطيران بتعويضهم ماديا ( بمبلغ محدد نقدا) او التفاوض معهم بهذا الخصوص علي ان تتحمل الشركة اضافة الي ذلك مصاريف اقامة الركاب واعاشتهم الخ ..
وبهذا استطاعت شركات الطيران ان تستعيد خسائرها بملايين الدولارات وان تحد من غلو وارتفاع اسعار التذاكر .. ويكفي ان نشير الي ان هناك نسبة عالية من الركاب الذين يتخلفون عن رحلاتهم تقدر ب 5% الي 15% وهذه النسبة تشكل خسارة كبيرة علي شركات الطيران وخصوصا اذا ما علمنا ان في امريكا وحدها ينتقل 900 مليون راكب باستخدام الطائرات.
الا ان شركات الطيران لم تكتفي بتلك الاجراءات بل ذهبت الي ابعد من ذلك حيث سنت القوانين التي تجيز لها الحصول على قيمة التذاكر كاملة او جزء منها عندما يتخلف الراكب عن السفر وعليه استصدار تذكرة جديدة للسفر مرة اخري.
وبالرغم من ان هذه الاجراءات يمكن اعتبارها قانونية وضرورية لشركات الطيران لتعويض خسائرها ..الا انها تستوجب اعادة النظر في الحقوق المترتبة علي ذلك لصالح الركاب المتضررين .. حيث انه للاسف ترك لشركات الطيران الحبل علي الغارب لتقديرها وتحديد قيمة التعويضات وترك الكثير من حقوق جمهور المسافرين لتقديراتها ومساوماتها وتعتبر ما تقدمه هبات ومكرمات للعميل .وتطنطن عليه في اليوم التالي في وسائط الاعلام لكسب شهرة وتحقق دعاية مجانية مسروقة وعلي حساب العميل.
وفي النهاية اتمني ان هيئة الطيران المدني والشركات الناقلة في السعودية اعادت النظر في فحوى الانظمة والتشريعات من منطلق رؤية العميل وحقوقه.. وتذكروا ان للعملاء قوة كامنه لو استخدموها لأفلست وخرجت شركات خدمات كثيرة من السوق.
إنها القوة الكامنة لدي العملاء.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *