القصص المفبركة لا ترقق النفوس

• عبدالله فراج الشريف

كان الوعاظ في الزمن القديم الذين لا يلتزمون بعلم شرعي صحيح في دعوتهم للناس الى عبادة الله، فيخترعون لهم قصصا لم تقع، اذ يضعون احاديث وينسبونها الى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم – واذا اعترض عليهم قالوا: نكذب له لا عليه، وكأن الله عز وجل ورسوله الكريم يحتاجان لمن يساعدهم للوصول الى قلوب العباد، وما الامر كذلك، فما ورد عنهما فيه الكفاية لدعوة الناس الى الخير، ولذلك سموا حينذاك بالقصاص، تشبيهاً لهم بمن يقصون القصص الشعبي الذي ما اردنا حصره لبلغ مئات المجلدات، وغالبه كذب محض، والدين ولاشك مبناه على الصدق، اما ما يتصور احد الناس ان الكذب يهدي الى الله فهو واهم, والكذب بنص الشريعة يهدي الى الفجور والفجور يهدي الى النار، ولا يظن من يضع القصص التي لم تقع اصلاً ليستدر بها دموع الناس انه يخدم الدين، والدين لا يخدمه الباطل ابدا، والسعي الى الشهرة واتخاذ خطوات لتحقيقها مثل ما شاع في عصرنا عبر الاعلام الذي له طرائقه في صناعة من يسمونهم النجوم، وقد يستغرب الصالحون منا ان يلجأ احد ممن يعد نفسه داعية او واعظاً الى هذا ويفتعل شهرة ليعرف بين الناس وكما تقوم الوسائط الالكترونية بذلك عبر الفيسبوك والتويتر، بحشد المتابعين الموهومين له ليشتهر كما يظن، وهي وسائل جديدة للون من التزوير غير محمود، وقد فاجأنا احدهم بقصة مفبركة لم يسعفه الحظ فجعل لها اسماء انطبقت على احياء بيننا، مما جعلهم يتقدمون الى القضاء بدعوى ضده، ولعله معتاد على مثل هذا، فقصصه التي لم تقع كثيرة، والمتتبع له سيتأكد من ذلك، فلكل معصية عنده قصة، إن وجدها فيها ونعمت، والا اخترعها دون خوف ولا وجل، والكذب اذا اعتاده الانسان حتى في شأن كهذا فهو لن يتورع عنه حتى في ما اهم الناس ونحن لانشك في ان الكذب محرم حتى ولو كان في امر تافه، فمن كذب في الامور التافهة واعتاد ذلك ارتقى الى الامور المهمة فكذب فيها، ولا يصح لمن يدعي انه من اهل العلم ان يكذب على الناس، ولو كان يريد بذلك ترقيق انفسهم والبعد عن المعاصي، فالخير لا يطلب بالشر، والحق لا يطلب بالباطل، وهؤلاء الذين يدعون انهم طلبة علم ودين وعلماء فيه، او يدعون اليه وهم لا يتورعون عما حرم الله من الكذب او غيبة الخلق، او بهتهم بما ليس فيهم، لاختلافهم معه يعلنون على الناس انهم لا يعلمون من هذا العلم الشرعي حتى البديهيات، اما هؤلاء الذين اعتادوا السب والشتم والذم واستحضار قاموس الهجاء، كله اذا اختلفوا مع غيرهم فدعواهم انهم يعلمون احكام هذا الدين الحنيف دعوى باطلة، فالذي يعلم الحكم ولا يلتزم به، إن لم يكن به جاهل فهو معاند يرتكب المعصية ويظن انه يطيع الله، وهيهات ان يكون ذلك كما اراد، والكذب كله ولاشك شر، واجتنابه واجب كل مسلم، ومن له علم بالدين اولى من غيره في اجتنابه، وقد كان مشايخنا رحم الله من مات منهم، واطال عمر من بقي يبدأون في دروسهم لنا بما يجب على طالب العلم التزامه من الاخلاق وان الدين فيه الاخلاق احكام يجب التزامها مثلها مثل بقية احكامه، ودونها لا يستطيع طالب العلم ان يقوم بدوره المرسوم له في ابلاغه الناس هو شيء مطلوب من المسلم كفرض عين عليه، وهو ما يقر به الى الناس لينجح في مسعاه ابلاغ الناس دعوته الى الله، فهل يفعل طلاب الشرع ذلك هو ما نرجو والله ولي التوفيق.
ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *