الفضائيات ومسابقات ابتزاز القبائل

• صالح المعيض

قبل اشهر كتبت هنا مقالة تحت عنوان “شاعر العرضة وكبوة المفتاحة” وأشرت الى حقيقة أرى في البداية من ذكرها وشكرها وهي أن مسرح المفتاحة بأبها شكل رافدا كبيرا من روافد الثقافة والنبوغ الفكري على مستوى المملكة على مدار سنوات مضت ولازال حراكه مميزا ونشطا ويحظى بدعم شخصي من سمو أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز . كذلك لابد ان نشيد بفكرة آخر المناشط الثقافية ( مسابقة فرسان الوطن لشعر العرضة ) والتي جرت أحداثها على خشبة مسرح المفتاحة ، وأن نشكر القائمين على تلك الأفكار سواء بالتبني أو التموين أو الدعم المعنوي والفني من اعداد وإخراج وخلافه ، فلا شك أن النوايا كانت سليمة والأهداف بناءة ونبيلة ، كما ردد القائمون عليها وحرصوا على تفعيلها ، لكن ما واكب التفاعل في شتى مراحل المسابقة احدث استياءً كبيراً لدى الغالبية من المتابعين الذين حيث فوجئوا بتحويل مسارات واهداف تلك البرامج المعلنة إلى انفاق مظلمة من مرابحة لم يكن اكثر المتشائمين يتوقعها بتلك الصور الفجة ، فقد صدم الجمهور بما يسمى ببطاقات الدعم علانية وفي وضح النهار وتتخلل جميع فقرات بث المسابقة موزعة ( ماسية بـ 20000) صوت (بلاتينية بـ 8000) صوت . وذهبية وبرونزية ,..و.. الخ ) في منصات وجدت لرفعة الشعر الشعبي وصونه من العبث الشخصي ذي المرامي الضيقة والارباح المادية بطريقة لاشك أنها ابتزازية تبتز القبائل بدخولها في سباق تحول عن مساره الحقيقي والتي طغت فعلا على سطح وشواطئ بحور الشعر والشعراء لقد خجلت من نفسي وأنا اتابع الحلقتين الأولى والثانية والتي رأيت ان اكتفي بمشاهدتهما.فقد كانتا حقيقة تخلوا من شعراء القبيلة عند الالقاء وهذه خطوة حسنة ، لكنها كانت من جهة أخرى تثير النعرات بالتنافس في شراء بطاقات الدعم ، والتي ترعاها نفس القناة وتقيم لها محافل خاصة ومن يشتري أكثر يكون للفوز أقرب . ثم من الاسباب ضعف الإخراج وكذلك تقديم الفقرات كان ركيكا ثم الأهم الخلل الواضح والفاضح في الصوت وما شاب تلك الحلقتين من تقطع متواصل. وحقيقة يسأل عن كل ذلك القناة التي تبنت الفكرة وسوقتها فاهتمت بتسويق بطاقات الدعم أكثر من اهتمامها بجودة التقديم وحسن تقنية الإخراج. ثم المديح الذي يسدى للقائمين على المسابقة جاوز كل الحدود المعقولة وغير المعقولة ، بل خرج عن الإطار المتعارف عليه ، ثم الفزعة القبلية باستدعاء شيوخ القبائل التي يجب ان تكون بعيدة عن الشعر التنافسي تحت قبة الوطن ، فنحن نبحث عن شعر يثري لا شعراء يستغلون وعن منتج نافع لا قبائل تشترى ، فكل إنسان هو شاعر له شعور ومشاعر ، لكن ليس كل إنسان صانعا للشعر ، ومتذوقو الشعر ( خصوصا شعر العرضة ) هم من يجب ان يقلد شاعرا وساما او لقبا ، وليس قبيلته او معارفه او على قدر ماتبيع القناة من بطاقات دعم الله وحده اعلم بحقيقتها . فمعظم الشعراء استفزعوا بقبائلهم بكل صراحة وتجرد وكأنهم في معركة حربية تدور رحاها بين القبائل ومن يكون أحق بالفوز من يكون أكثر شراء لبطاقات.
وخلال الاسبوع الماضي شاهدت حلقة من مسابقة (شاعر الحجاز ) على قناة الطيب ولمست أنها محاكاة لنفس مسابقة (شاعر العرضة) القذة بالقذة اللهم أنها تتفوق بأفضلية في التنظيم والإخراج إلا أن بطاقات الماسية وبلاتينية وذهبية وبرونزية ,..و.. الخ ) وضعف منتج الشعراء والفزعة القبلية هي القاسم الأعظم المشترك بل والهدف المبتغى.
لاشك وكما نادينا في مقالات سابقة أن تلك المسابقات ستكون اكثر إبداعا وإثراء للساحة الشعرية وأكثر إبداعا في مجال التصوير والحكمة والنصح والرمزية والتوظيف الأمثل للقصيدة من معاني ومضمون وصياغة وتنسيق . لو ابتعدت عن معيار بطاقات الدعم المادي واختطاف القبائل إلى المجهول.
وهنا لابد .. ان نتجاوز تلك الهفوات القاتلة ، وذلك لأن الفكرة جديدة وفي مهدها ، على ان يتنبه القائمون على تلك البرامج مستقبلا لذلك ، ويضعوا في الحسبان تحذير الجميع من تكرار الفزعة القبلية او المناطقية في القصائد او أي برامج إعلامية اثناء المسابقة وإلغاء مزادات بطاقات الدعم المادي التي تحولت إلى ابتزاز مكشوف، وكذلك من يتطرق لمدح اللجان المنظمة او التحكيمية او الراعية ، يطبق بحقه العقوبات الرادعة ، لأن رسالة مثل تلك البرامج يجب ان تبقى تثقيفية تراثية خلاقة بعيدة عن كل مايؤدي للفرقة او احياء أي نوع من النواع القبلية.وأملنا ان نتجاوز كل ذلك في المسابقات القادمة ، ضمن بنود وضوابط وتعليمات،تؤدي فعلا إلى تنافس شعري يثري الساحة لأثير النعرات القبلية بمسابقات الهدف منها ربحي بحت وإن تدثرث برداء الوطن هذا والله الموفق.
جدة ـ ص ب ـ 8894 ـ فاكس ـ 6917993

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *