العلاقات بين الدول تحكمها السياسة والاقتصاد
كان علم الاقتصاد حين ظهوره في أوروبا يسمى علم الاقتصاد السياسي، لارتباط الاقتصاد بالسياسة، فالاقتصاد منتج الدول المستقلة، وهو يحكم في الغالب سياساتها تجاه الدول الاخرى، لذا ظهر ما سمي علم العلاقات الدولية، الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من علم السياسة، والدول الحديثة المستقلة اصبحت العلاقات بينها ضرورة تحكمها السياسة والاقتصاد،
لذا قالوا: إن السياسة فن الممكن فالدول لا تبنى علاقاتها ببعضها إلا عبر المنافع المتبادلة، لذا رأينا أن المصالح تحكم أحياناً السياسة في عصرنا الحالي، وحتماً أن دول العالم يختلف بعضها عن بعض في الكثير، ثقافة وديناً وأجناساً وأعرافاً، ولكنها لا تستغني عن بعضها بعضاً، فلابد إذن أن توجد العلاقات بينها بنمط لا تؤثر فيه تلك العوامل، وإنما يبنى على مصالح كل دول مع غيرها من الدول،
وقد تختلف عنها ثقافة وديناً وجنساً أو عرقاً لكنها مضطرة لتنشئ معها علاقات وتوطدها لتضمن مصالح عبر العالم، ولو كانت الدول لا تحدث علاقات إلا مع دول تتطابق معها في كل ذلك، وتتحد معها في المصالح لأصبح العالم كتلاً صماء لا تتعامل مع بعضها بعضاً، ولكن الدول اليوم تنشئ لها علاقات مع دول تعتبر اضداداً لها في الأديان والثقافة وفي الأجناس والأعراق،
ذلك أنه بعد تطور احتياجات الدول الاقتصادية أصبح إنشاء العلاقات بالدول الأخرى ضرورة لأية دولة حديثة تتمنى لنفسها مكانة مرموقة في هذا العالم، لذا رأينا في زمن الصراع بين الكتلتين الرأسمالية الليبرالية والاشتراكية الشيوعية علاقات بينهما تحقق لكل منهما مصالح توفرها الأخرى لها، وحتى زالت احدى الكتلتين، وبقيت الاخرى،
ورغم ان الحراك العالمي ينبئ عن ان هناك كتلاً جديدة تتهيأ للظهور، الا العلاقات بين الدول باقية ودائمة، والدول التي تسعى إلى مصالحها بجدية لا تقطع صلاتها بأية دولة في العالم حتى في حالة الحرب، لأن بقاء العلاقة يخدم مصالحها عبر العالم، وكما قيل اخر الدواء الكي،
فقطع العلاقات مع أية دولة في العالم لا يحبذه لا السياسيون ولا الاقتصاديون، ويرون إن حدث فلابد ان تسارع الدولتان المتقاطعتان الى اعادة العلاقات لتضمن لشعبيهما الكثير من المصالح، التي بالمقاطعة تتضرر والعلاقات بين الدول تتضمن في كثير من الاحيان روابط إنسانية التجني عليها بالمقاطعة قد يرقى في بعض الأحيان إلى جريمة ضد الانسانية، لهذا فالدول الحريصة على شعوبها حريصة على علاقاتها بسائر دول العالم،
فما من دولة في العالم الا وعندها ما قد تحتاجه الدول الاخرى، ووجود العلاقة بينها يسهل مهمة كل منها، للحصول على المنافع مما لدى الاخرى من موارد اقتصادية متنوعة او صناعات متطورة او نظم راقية، ونحن في هذا الجزء من العالم ندرك هذا، ودوماً نقول ان فكر الدول يتجاوز افكار الافراد، والخطوة الاخيرة التي اتخذتها المملكة باعادة علاقاتها مع الشقيقة العراق مثال على ذلك، ولعل كثير من العلاقات الانسانية التي تضررت في فترة التباعد تنتعش في ظل علاقات سوية تحقق للشعبين مصالحهما،
وللدولتين علاقة بالاخرى سوية، تعين على بناء علاقات أمثل بأطراف الاخرى، وغالباً علاقات الدول اذا كانت سوية لا تعني تنازلاً عن مبادئ ثابتة راسخة وإن عودة العراق إلى مجموعته العربية في مصلحة العراق ىشعباً ودولة، وهو ايضا في مصلحة العرب كلهم دولاً وشعوباً، فمصالحنا متشابكة، وقدراتنا نخدم بها بعضنا بعضاً، ولنختلف احياناً ولكن العلاقة يجب ان تظل باقية تخدم شعوبنا، ذاك هو منطق الدولة الحديثة بحيث لا منطق سواه، وانا لنرجو لعلاقاتنا العربية دواماً وتوثيقاً على مرّ الزمان نحقق بها مصالح الأمة فهل نفعل هو ما ارجو والله ولي التوفيق.
ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]
التصنيف:
