تُعرّف الصدمة في اللغة العربية بأنها مصيبة تفاجئ الإنسان وقد تؤدي لموته، كما أن للصدمات أنواعاً، منها الصدمة النفسية أو الثقافية أو المستهدفة أو صدمة كهربائية، وهي تلك المصيبة غير المتوقعة التي تجعل الإنسان منا في ذهول وتكثر لدينا الأسئلة حولها وتحتلنا فلا نفكر إلاّ بها، ونصاب بالصدمة لتعرضنا لموقف لم نحسب له حساباً ولم نفكر فيه ولم نتوقعه فمثلاً أن تُصدم بأذى من أحد أقربائك أو أصدقائك، أو أن تُفجع بموت أحدهم، أو أن ترى موقفاً لا يمكنك تقّبله واستيعابه فتُصدم بردة فعل الآخرين، ومن هذا المنطلق اعتمد فريق إعداد برنامج الصدمة والذي يُبث على قناة الـ MBC والذي تم تسجيل فقراته الحيّة في أكثر من بلد عربي منها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ولبنان والعراق ومصر، ورغم أن فكرة البرنامج ليست بجديدة حيث إنها تشبه برامج الكاميرا الخفية المشهورة والمتعددة حول العالم والتي تنتهي بالضحك أو بموقف كوميدي، بالإضافة إلى بعض البرامج الغربية التي تحمل نفس الفكرة وهي رصد ردة فعل الآخرين، إلاّ أن المضمون كان مؤثراً جداً واختيار المواقف وتنفيذها كان صعباً وقاسياً في بعض الحلقات وغير بعيد عن الواقع وإن كان مُغلفاً ببعض المبالغة أحياناً.
أتت المواقف طبيعية وتم رصد تعابير الناس بشكل عام وكيفية انجذابهم للموقف وترددهم أحياناً في التدخل، كما أظهرت بعض ردود الأفعال “حمّية العرب” في عدم قبولهم بالخطأ والظلم والتطاول على الآخرين وعدم احترام كبار السن والعطف على الصغار، ورغم أن لكل بلد عربي ثقافته وعاداته إلاّ أن البرنامج أثبت أن المفاهيم الإنسانية واحدة عند كل الناس وإن لم يكونوا عرباً، وأن بعض الناس مازال “فيهم خير” كما نقولها بالعامية، ويفزعون لمساندة الغير ومساعدتهم وإن لم يعرفوهم، كما أن البعض مستعد لمساعدة الآخرين وإن كان هو أحوج للمساعدة، كأن يقسم المال بينه وبين المحتاجين، وأثبت بعض مواقف الحلقات ذلك.
ولأن المواقف التي تم اختيارها عالجت مواضيع إنسانية من الدرجة الأولى ومن صميم تعاليم الدين الإسلامي، والأعراف العربية فوجد البرنامج صدى طيباً من الجمهور المتعطش لمادة إعلامية هادفة تذكّرة بالصفات الإنسانية والتعاليم الإسلامية وتجعله يرى مواقف صعبة فيقف مع نفسه للحظات ليتعرف على ردة فعله لو كان هو في الموقف، في الوقت الذي امتلأت الشاشات بالغث والسمين، وبرامج مبتذلة وغير هادفة تضحك على عقول الجمهور وتخدّرهم وتبعدهم عن صفاتهم العربية الأصيلة والشهامة التي تنّكر منها البعض ويجهلها البعض الآخر!.
برنامج الصدمة صدمنا وبيّن لنا ملامح بعض الشخصيات المحبة للشر، تؤذي الآخرين لا تحترمهم ولا تحسب حساب الأماكن وبعيدة عن الإتيكيت والذوق والرحمة، وهذا ما يجب أن يفكر فيه كل منّا ويحاسب نفسه وتصرفاته مع من حوله، فقبل أن تتصرف في أي موقف عليك أن تفكر للحظات في ردة فعلك وهل المكان مناسب لما ستقوم به، وهل يستدعي الموقف ردة الفعل أم لا، المحافظة على مشاعر الآخرين مطلب إنساني واجتماعي وكما تحب أن يَعُاملوك عاملهم، لا تُغضب أحداً ولا تظلم، احترم الصغير والكبير ولا تبخس الآخرين حقوقهم الإنسانية واحترامهم، ولا تتسبب بصدمة الآخرين فيك ومن تصرفاتك!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *